1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

سلفيو لبنان: وعي بالذات وسط أزمة داخلية خانقة

منى نجار/ تقى هلال٢٤ أغسطس ٢٠١٢

الوضع في لبنان ينذر بالخروج عن السيطرة، فالجماعات السنية المتشددة تزيد من حدة التوترات الداخلية بتحديهم المفتوح لحزب الله، كرد فعل على افتقارهم إلى الهياكل التي تمكن الحزب من ترسيخها، كما يرى بعض المحللين.

https://p.dw.com/p/15vLL
epa03131950 Ahmed al-Assir, a Sunni Muslim Salafist leader, speaks during a demonstration against the Syrian regime at Martyrs' Square in Beirut, Lebanon, 04 March 2012. Hundreds of Pro-Syrian protesters chanted slogans against Saudi Arabia king and Qatar Prince. Meanwhile hundreds of anti-Syrian regime protesters were also calling for 'Jihad' against the al-Assad regime. Both protests were monitored by the Lebanese security forces and separated with Barbed wires. EPA/WAEL HAMZEH
صورة من: picture-alliance/dpa

هدف واضح أما أحمد العسير: القضاء على سيطرة حزب الله في لبنان ونزع سلاحه. ولن يتوانى الشيخ السلفي عن استخدام أي وسيلة لتحقيق تلك الغاية، ذلك حتى وإن كانت عنيفة، فقد وصل به الأمر هو وجماعته لعدة أسابيع إلى إغلاق الطريق الرئيسي المؤدي إلى جنوب لبنان، والذي يمر وسط مدينة صيدا في الجنوب اللبناني. ويوضح العسير قائلاً: "حان الوقت للتحرك وممارسة المزيد من الضغط، فتوجيه المطالب والإدانات لم تعد تجدي نفعاً مع حزب الله".

ويرى الشيخ، ذو اللحية الطويلة وغير المشذبة، في هذه التحركات نجاحاً كبيراً، إذ يعتقد أنه من خلال قطع الطريق قد شل تحركات كبار قيادي الحزب الشيعي، مقللاً من نفوذهم في المنطقة الجنوبية للبنان. أما قوات الأمن اللبنانية فقد تجنبت فك الحصار محاولة منها لتجنب العنف.

A turban (R) lies on the blood stained backseat of Sheikh Ahmed Abdul Wahid's car after he was shot in the vehicle, near Halba town in northern Lebanon May 20, 2012. Lebanese soldiers shot dead the Sunni cleric and a second member of a Lebanese political alliance against Syrian President Bashar al-Assad in northern Lebanon on Sunday, security sources said. REUTERS/Omar Ibrahim (LEBANON - Tags: CIVIL UNREST POLITICS RELIGION TRANSPORT)
التوترات السياسية الداخلية بين الحكومة اللبنانية التي تهيمن على غالبية من القوى الشيعية والمعارضة السنية تغذي الجماعات السنية المتشددة.صورة من: Reuters

الاستفزاز وسيلة للهيمنة

الشيخ ذو الأربعة وأربعين عاماً هو إمام مسجد سني صغير في صيدا، ترفرف على مدخله أعلام بيضاء وسوداء، كُتبت عليها عبارة الشهادة. ويأمل الإمام أن يتمكن هو وجماعته من تكرار سناريو أحداث الرابع عشر من آذار/ مارس 2005، حين توجه مئات الآلاف من اللبنانيين إلى شوارع بيروت مطالبين بخروج القوات السورية من البلاد. أما في هذه الحالة، فجل ما يهدف إليه الشيخ هو أن يجبر السنة حزب الله على نزع سلاحه. ويعد نزع السلاح هذا مطلباً جوهرياً للمعارضة بشقيها السني والمسيحي، إلا أنها تسعى لتحقيق ذلك سياسياً.

أما الشيخ العسير، فيؤمن بجدوى استفزازهم وتهديدهم. فقد وجه هو وجماعته تهديدات إلى زعيمي الحزبين الشيعيين في لبنان، وهما الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله وقائد حركة أمل نبيه بري. وتلقى هذه الخطوة قبولاً عند بعض السنة، فمثلاً يشير صاحب معمل غسيل في صيدا إلى ما قام به حزب الله في 2007 حين استخدم الطريقة نفسها لاحتلال وسط العاصمة بيروت. ويضيف محمد بالقول: "لماذا يحل لهم ما لا يحل لنا؟"، قاصداً بـ"نحن" سنة لبنان.

ويعتبر دور الجماعات السنية المتشددة دوراً هامشياً لا ثقل له سياسياً في بلاد الأرز، وغالبيتها تركز على نشر قناعاتها المتشددة دينياً في المساجد والمدارس، إلا أن هذه الجماعات تبدي مواقفاً في أوقات الأزمات بشكل خاص. إن التوترات السياسية الداخلية بين الحكومة اللبنانية التي تهيمن على غالبية من القوى الشيعية والمعارضة السنية تغذي هذه الجماعات. ويلعب الوضع السياسي في سوريا أيضاً دوراً لا يستهان به، إذ ترى هذه الجماعات في الثورة السورية ثورة لجميع السنة في العالم الإسلامي على نظام لا دين له في دمشق. إضافة لذلك، فإن الوعي المتزايد في الذات للتيارات الإسلامية في دول عربية مثل مصر وتونس عززت أيضاً من التواجد السلفي في لبنان.

Mohamed Abi Samra, Journalist, aufgenommen in Beirut am 15.8.2012 Copyright: DW/Mona Naggar
الصحفي محمد أبي سمرة: "لا بد من توخي الحذر عند وصف مثل هذه الأحداث بمواجهة سنية شيعية"صورة من: DW

توق إلى السيطرة

قبل أشهر قليلة لم يعرف الشيخ العسير سوى القلة، لكنه بات اليوم شخصية بارزة مستجدة على المشهد الإسلامي في لبنان. ويحاول خبير الشؤون السنية في لبنان الصحفي محمد أبي سمرة تقدير ثقل هذه الأحداث واقعياً، فيقول: "لا بد من توخي الحذر عند وصف مثل هذه الأحداث بمواجهة سنية شيعية"، مشيراً إلى هيمنة حزب الله الشيعي في لبنان.

ويضيف أنه خلافاً لحزب الله فإن السنة في لبنان ليست لديهم منظمة مسلحة أو مشروع سياسي جامع. وهو الأمر الذي يدعو أبي سمرة إلى الاعتقاد بأن هذه التحركات ما هي إلا ردة فعل لم تتعمق في المجتمع اللبناني، فيعقب قائلاً: "ولكن ذلك لا ينفي توق الكثير من السنة في لبنان إلى جود منظمة لهم كحزب الله أو قائد كنصر الله، وذلك فقط شوقاً للإحساس بالقوة".

ويغض الشيخ أحمد العسير النظر عن الوضع الأمني الداخلي الهش في لبنان ليعلن عن عمليات أخرى في هذا الشأن. أما الشعب اللبناني فتعتريهم الكثير من المخاوف على السلم الداخلي لبدلهم، فمثلاً ينادي معلم الفيزياء مروان بحرية إبداء الرأي، لكنه يرفض الحواجز على الطرقات، التي تؤثر على حياة الناس هنا: "الشيخ يزيد الأمر سوءاً بتصعيد التوترات وإثارة مشاعر الطائفية والعدوانية بين الناس".