1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

زيارة عنان إلى سوريا بين الترقب والتشكيك

٩ مارس ٢٠١٢

في الوقت الذي يواصل فيه النظام السوري حملته العسكرية ضد الاحتجاجات الشعبية التي زادت وتيرتها في سوريا، تتجه الأنظار إلى زيارة كوفي عنان مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى دمشق، فما هي فرص نجاح عنان في مهمته؟

https://p.dw.com/p/14IYE
Former U.N. chief Kofi Annan, left, listens to Arab League chief Nabil Elaraby during a presser following their meeting at the Arab league headquarters in Cairo, Egypt, Thursday, March 8, 2012. Former U.N. chief Kofi Annan says his top priority as special envoy to Syria is to end the violence, deliver humanitarian relief and finally start a "political process" to resolve the one-year conflict there. (Foto:Amr Nabil/AP/dapd)
صورة من: dapd

عشية الزيارة المرتقبة لمبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي عنان إلى سوريا زادت وتيرة المظاهرات الشعبية المطالبة بالديمقراطية في دمشق ومدن أخرى رغم نشر النظام السوري مزيداً من القوات واستخدام شتى أنواع الأسلحة. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إن "عشرات الآلاف من المتظاهرين خرجوا الجمعة (9 مارس/ آذار 2012) في مظاهرات في عدد من المناطق السورية في محافظات درعا ودمشق وريف دمشق وحمص وحماة وادلب وحلب واللاذقية ودير الزور والحسكة".

وفي اتصال هاتفي مع دي دبليو عربية من دمشق عزا المحلل السياسي بكر صدقي هذا التصعيد في الاحتجاجات الشعبية رغم آلة القتل والقمع إلى أن "الشعب السوري يدرك أنه في حال التراجع عن ثورته ستدخل سوريا مجدداً في حقبة ظلام شديد على غرار ما أعقب تمرد 1980 حين تم قمع حمى ومدن أخرى، وتنصيب تماثيل الرئيس الراحل حافظ الأسد، لتتحول سوريا إلى مقبرة صامتة. والشعب السوري يعي هذا الدرس". وشدد صدقي على أن معظم المظاهرات التي خرجت الجمعة كانت في مناطق يحميها الجيش السوري الحر المكون من منشقين ومدنيين مسلحين، "ولولا تلك الحماية لما تمكنت المظاهرات من الخروج" في تلك المناطق.

"كوفي عنان بحاجة إلى تفويض قوي لردع نظام دمشق"

UN-Nothilfebeauftragte Valerie Amos mit dem syrischen Außenminister Walid al-Moualem
فاليري آموس، مسئولة الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مع وزير خارجية سوريا، وليد المعلمصورة من: picture-alliance/dpa

وأعلن كوفي عنان مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية الخاص إلى سوريا أنه سيحث الحكومة والمعارضة على وقف العنف والسعي إلى تسوية سياسية للصراع الدائر منذ نحو عام. وقال عنان الذي سيتوجه إلى سوريا غداً السبت: "حينما أتوجه إلى سوريا سأبذل كل ما في وسعي للحث على وقف القتال وإنهاء العنف"، مشدداً في الوقت نفسه على أن "الحل في النهاية يكمن في التسوية السياسية. سنحث الحكومة وقطاعاً كبيراً من المعارضة السورية على العمل معنا من أجل التوصل إلى حل يحترم تطلعات الشعب السوري".

مقابل ذلك تؤكد أوساط المعارضة السورية أنها تساند مبدئياً أي تدخل دولي "لحل مشكلة هذا النظام الذي لم يدرك أن المشكلة سياسية منذ بدايتها، ويعامل الثورة الشعبية وكأنها مؤامرة دولية"، كما جاء على حد قول بكر صدقي. وفي هذا السياق يتساءل صدقي ما إذا كان كوفي عنان، المبعوث الخاص إلى سوريا يملك العدة أو التفويض الذي يمكن أن يجبر به النظام السوري على الدخول في عملية سياسية. ويضيف قائلا: "نحن ليس لدينا المعلومات حول ما يحمله معه كوفي عنان، فإذا كان مستقوياً بتهديدات جدية في وجه النظام، فإنه يمكن لنا الشعور بالأمل، ولكن إذا كان يأتي لاستطلاع الوضع والاستماع إلى روايات النظام، فإنه لن تكون هناك نتيجة، بل ربما سيحصل النظام على مهل زمنية إضافية لمزيد من القتل والمذابح والفظائع".

أما عبيدة النحاس، عضو المجلس الوطني السوري والباحث في معهد الشرق العربي في لندن، فقد شدد على أنه يجب على كوفي عنان أن يأخذ في الاعتبار أثناء زيارته إلى سوريا أن "الشعب الذي قدم تضحياته على مدى عام تقريباً لم يفعل ذلك من أجل أن يستمر الأسد في السلطة من خلال منحه تفويضاً جديداً".

وأضاف النحاس في حوار مع دي دبليو عربية من لندن أن على المجتمع الدولي "عندما يتحدث عن الحلول السياسية أن يأخذ هذه الحقيقة في الحسبان". وانتقد نشطاء سوريون بشدة تصريحات كوفي عنان الداعية إلى الحوار مع نظام الرئيس بشار الأسد، قائلين إن الدعوات للحوار لا تؤدي إلا إلى إتاحة المزيد من الوقت للأسد لقمعهم وان القمع الحكومي دمر احتمالات التوصل إلى تسوية من خلال التفاوض.

وقال هادي عبد الله الناشط من مدينة حمص لوكالة رويترز: "نرفض أي حوار في الوقت الذي تقصف الدبابات بلداتنا ويطلق القناصة النار على نسائنا وأطفالنا، ويعزل النظام كثيراً من المناطق عن العالم دون كهرباء أو اتصالات أو ماء". وقال أحد النشطاء من ادلب في شمال غرب البلاد "تبدو هذه مثل غمزة العين نحو بشار". وأضاف "يفترض أن يقفوا في صف الشعب لكن ذلك سيشجع الأسد على أن يسحق الثورة."

اضطرابات سوريا متواصلة وسط حراك سياسي

الموقف الدولي موضع تساؤلات

ونأت القوى الغربية بنفسها عن الحديث عن تدخل عسكري في سوريا، لكن بعض المشرعين الأمريكيين تساءلوا عن عدد السوريين الذين يتعين أن يقتلوا قبل أن تستخدم حكومة الرئيس باراك أوباما القوة. ودافع وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا الأربعاء الماضي عن موقف بلاده الحذر خاصة في ظل الافتقار لإجماع دولي بشأن سوريا، لكنه قال إن وزارة الدفاع الأمريكية راجعت الخيارات العسكرية الأمريكية. غير أن بكر صدقي شدد في حديثه مع دي دبليو عربية من دمشق على "أنه إذا كانت الإدارة الأمريكية جادة في حل المشكلة السورية لأرسلت وزيرة خارجيتها مثلاً إلى السيد بشار الأسد، وقالت له ارحل".

وفيما يخص التدخل الخارجي في الشأن السوري، لاحظ بكر صدقي أن هذا التدخل حاصل "من جانب حزب الله وإيران وإلى درجة كبيرة من روسيا"، موضحاً أن ما يحدث في سوريا من "فظاعات ضد الشعب السوري ليس أقل مما حدث في البوسنة والهرسك وفي بقاع أخرى من العالم".

وإذا كانت مواقف قطبي المعارضة السورية، المجلس الوطني السوري وهيئة التنسيق، متباينة إلى حد ما بشأن مسألة التدخل الأجنبي، فإن عبيدة النحاس ينفي أن تكون المعارضة السورية منقسمة فيما بينها، مشيراً إلى "أن الكل أجمع على أن الأسد لا يمكن أن يحكم سوريا بعد اليوم، ويجب عليه أن يرحل، والتباينات بين المعارضين هي في بعض التفاصيل المرتبطة بموعد رحيل الأسد الذي تعتبره الغالبية العظمى مدخلاً لحل المشكلة السورية".

ماذا لو فشل كوفي عنان؟

إلى جانب ضغوطات الحراك الشعبي على نظام بشار الأسد، فإن المعلومات الواردة من سوريا تشير إلى تراجع قيمة الليرة السورية إلى مستوى مائة ليرة مقابل دولار واحد، من نحو 47 ليرة قبل نحو عام. وقال تجار في دمشق إن الليرة هبطت بنحو 13 بالمائة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية وسط مخاوف من تدخل عسكري أمريكي. وهذا ما أكده أيضا بكر صدقي عندما أوضح أنه في حال فشل مساعي كوفي عنان فإن الكثيرين في سوريا يعولون على "مزيد من الانشقاقات في صفوف الجيش السوري، وفي قمة الطبقة السياسية الحاكمة وفي قمة العائلة الحاكمة، لأن جميع المعاملات التجارية للناس فقدت قيمتها بالليرة المحلية. وربما خلال أسبوع أو أسبوعين لن يتعامل السوريون بالليرة السورية نهائياً، كما أن استبعاد التدخل الخارجي من قبل القوى الكبرى قد يدفع أطراف النظام إلى الانشقاق عنه لينهار سريعاً".

محمد المزياني

مراجعة: عماد غانم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد