1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

حوار "الإخوة الأعداء".. فرص موسكو في تحقيق مصالحة فلسطينية

٢٦ فبراير ٢٠٢٤

مع دعوة روسيا قادة فصائل فلسطينية لإجراء محادثات في موسكو، ما فرص نجاح الوساطة الروسية في تحقيق مصالحة بين هذه الفصائل وخاصة بين فتح وحماس، وذلك بعد سنوات من القطيعة بين "الإخوة الأعداء"؟ لكن أيضا ما مصلحة روسيا في ذلك؟

https://p.dw.com/p/4co7I
رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والرئيس الروسي فلاديمير بوتين (23/11/2021)
تحتفظ موسكو بعلاقات جيدة مع كل من إسرائيل والأطراف الفلسطينية وكذلك مع إيران، العدو اللدود للدولة العبرية (أرشيف)صورة من: YEVGENY BIYATOV/AFP

يقصد موسكو هذا الأسبوع مندوبون من مختلف الفصائل الفلسطينية لإجراء محادثات حول الحرب بين إسرائيل  وحماس وقضايا أخرى في إطار "الحوار الداخلي".

ونقلت وكالة "تاس" الروسية عن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف قوله إن ما بين 12 و14 فصيلا سوف ينخرط في المفاوضات التي سوف تنطلق في 29 فبراير / شباط الجاري ويستمر لمدة يومين أو ثلاثة أيام.

ورغم انخراط عدد من الفصائل الفلسطينية، إلا أن الأنظار تتجه صوب حركات حماس والجهاد الإسلامي ومنظمة التحرير الفلسطينية (فتح). وتتخذ الفصائل مواقف متباينة بشأن قضايا رئيسية لاسيما الاعتراف بإسرائيل إذ اعترفت منظمة التحرير بزعامة حركة فتح بإسرائيل عام 1993 جزئيا مقابل إقامة دولة فلسطينية محتملة.

في المقابل، ترفض حماس غير المنضوية تحت لواء منظمة التحرير، الاعتراف بإسرائيل فيما تتخاصم فتح وحماس منذ عام 2007 عندما أطاحت الأخيرة بالسلطة الفلسطينية، التي تسيطر عليها حركة فتح، من حكم قطاع غزة. وعلى وقع ذلك، غادرت فتح القطاع وباتت حماس تتولى زمام الأمور في غزة فيما تدير السلطة الضفة الغربية.

وليست هذه المرة الأولى التي تستضيف روسيا مباحثات لتحقيقالمصالحة بين فتح وحماس إذ بين عامي 2008 و2011، عقدت مباحثات في موسكو بين ممثلي الفصائل الفلسطينية لتعزيز جهود المصالحة.

ويرى رسلان سليمانوف، الخبير الروسي المستقل في شؤون الشرق الأوسط والمقيم في باكو، أن المباحثات التي استضافتها موسكو في السابق "لم تكن فعالة على الإطلاق".

حوار من أجل الحوار؟

وفي مقابلة مع DW، أضاف "روسيا لا تمتلك في الوقت الراهن أي خارطة طريق للملف الفلسطيني خاصة ما يتعلق بقطاع غزة حيث سيكون من الضروري القيام بمهام الوساطة بما يشمل الحفاظ على اتصالات جيدة مع كل من  إسرائيل  والجناح شبه العسكري لحركة حماس في القطاع".

قمة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (30/1/2020)
قمة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أرشيف)صورة من: Maxim Shemetov/REUTERS

وقال إنه بدلا من ذلك، فإن أهداف موسكو الرئيسية من وراء مباحثات "الحوار الفلسطيني" تتمثل في إظهار أنها مازالت تمتلك بعض النفوذ على الفصائل الفلسطينية واستغلال ذلك لإظهار نفوذها الجيوسياسي في المنطقة بالتزامن مع إجراء الانتخابات الرئاسية الروسية في منتصف مارس/آذار المقبل التي يتوقع أن يفوز بها الرئيس فلاديمير بوتين.

وأضاف سليمانوف أن المباحثات في "حقيقتها ليست سوى حوار من أجل الحوار" فيما يتفق في هذا الرأي الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، هيو لوفات.

وفي مقابلة مع DW، قال لوفات إن المباحثات الفلسطينية الفلسطينية في موسكو تعد "وسيلة لإظهار أن روسيا لديها القدرة الدبلوماسية للعب دور عملي في دعم الوحدة الوطنية الفلسطينية"، لكنه أشار إلى أن مباحثات المصالحة السابقة سواء التي عقدت في القاهرة أو الجزائر أو حتى موسكو "لم تنجح في إبرام اتفاق مصالحة دائم بين الفصائل المتخاصمة".

وقال لوفات إن "الخلافات بين الفصائل الفلسطينية هي خلافات سياسية جوهرية تتعلق بعملية السلام واستراتيجية منظمة التحرير فضلا عن المسائل الفنية الأخرى المتعلقة بعودة مؤسسات السلطة الفلسطينية إلى  غزة".

ومنذ عام 2007، تدير حماس، التي تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة منظمة إرهابية، قطاع غزة فيما يرجح مراقبون بأن في حالة عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع في إطار سيناريو لما بعد الحرب بما يشمل دمج حماس سياسيا في الضفة الغربية المحتلة، فمن شأن ذلك أن يؤدي إلى عواقب وخيمة. كما تصنف حركة "الجهاد الإسلامي" على أنها منظمة إرهابية أيضاً، وهناك دلالات على تبعيتها لإيران.

شروط فتح لمشاركة حماس

وفي ذلك، قال لوفات إن مثل هذا الاتفاق "يجب أن يرتكن على شكل من أشكال التفاهم بين حماس والسلطة الفلسطينية".

وقد ألمح رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية إلى هذه الاحتمالية، قائلا للصحافيين خلال مشاركته في مؤتمر ميونيخ للأمن إن "حماس جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني".

وأضاف اشتية "سنرى ما إذا كانت حماس مستعدة للنزول معنا على الأرض. نحن مستعدون للتعامل معها. وإذا لم تكن حماس مستعدة فهذه قصة مختلفة. نحن بحاجة إلى  الوحدة الفلسطينية،" مؤكدا على أنه لكي تكون حماس "جزءا من هذه الوحدة يتعين عليها أن تفي بشروط مسبقة معينة."

عمد بوتين إلى تعزيز علاقات بلاده بإيران منذ الهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير / شباط عام 2022
عمد بوتين إلى تعزيز علاقات بلاده بإيران منذ الهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير / شباط عام 2022 (أرشيف)صورة من: Sergei Bobylyov/AFP/Getty Images

وقال "عليهم أن يتوافقوا مع برنامجنا السياسي. اتجاهنا واضح تماما. دولتان  على حدود 1967 من خلال الوسائل السلمية. يتعين أن يكون الفلسطينيون تحت مظلة واحدة".

وتعارض العديد من الدول وعلى رأسها إسرائيل، أن تلعب حماس دورا في الحكم بعد انتهاء الصراع الدائر وسط غموض حيال كيف يمكن أن يتناغم موقف حماس المتشدد تجاه الاعتراف بإسرائيل مع موقف منظمة التحرير الفلسطينية التي اعترفت بإسرائيل.

ويرى مراقبون أنه حتى في حالة فشل روسيا في تحقيق مصالحة بين فتح وحماس، فإن استمرار الخلاف الفلسطيني  لن يكون بالضرورة ذا أثر سلبي على موسكو، إذ سترمي المباحثات في تعزيز دور روسيا المستقبلي في الشرق الأوسط.

وتعد روسيا وسيطا هاما في الشرق الأوسط، حيث تمكنت لسنوات عديدة من الحفاظ على علاقات وثيقة مع إسرائيل  رغم احتفاظها في الوقت نفسه بعلاقات جيدة مع إيران التي تعد العدو الإقليمي الرئيسي لإسرائيل.

موسكو تحتفظ بعلاقات مع مختلف الأطراف

يشار إلى أنه في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا أواخر فبراير / شباط عام 2022، توترت العلاقات بين إسرائيل وروسيا بسبب انتقاد الأخيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لرفضه دعم الغزو الروسي لأوكرانيا وفرار الآلاف من الروس والأوكرانيين إلى إسرائيل.

ورغم هذا التوتر، إلا أن الخبير في الشأن الروسي سليمانوف أقر بأن روسيا لا تستطيع "تحمل خسارة إسرائيل"، بسبب تواجد عدد كبير من الناطقين بالروسية يمثلون أكبر أقلية في إسرائيل  عقب هجرة أكثر من مليون شخص من أصل يهودي إلى إسرائيل بعد انهيار الاتحاد السوفيتي مطلع تسعينات القرن الماضي.

في أواخر نوفمبر / تشرين الثاني الماضي، أطلقت حماس سراح الرهينة الإسرائيلي الروسي روني كريفوي (26.11.2023)
في أواخر نوفمبر / تشرين الثاني الماضي، أطلقت حماس سراح الرهينة الإسرائيلي الروسي روني كريفويصورة من: GPO/AP/picture alliance

بيد أنه من اللافت أن العلاقات بين روسيا وإيران باتت قوية أيضا رغم أن الأخيرة تدعم حماس وحزب الله وفصائل عراقية مسلحة والحوثيين وجميعها كيانات تُظهر العداء للولايات المتحدة وإسرائيل.

يشار إلى أن روسيا تحتفظ منذ فترة طويلة بعلاقات مع فصائل فلسطينية مسلحة  حيث أثمرت اتصالاتها مع حماس عن بعض النجاح، إذ في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قام بوجدانوف، الذي يتولى منصب المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط، بتسليم قائمة بأسماء الإسرائيليين المختطفين لدى حماس من أصول روسية أو يحملون الجنسية الروسية إلى ممثلي الحركة في قطر للمطالبة بإطلاق سراحهم.

وفي أواخر نوفمبر / تشرين الثاني الماضي، أطلقت حماس سراح الرهينة الإسرائيلي الروسي روني كريفوي ضمن صفقة شهدت إطلاق سراح 13 إسرائيليا في إطار هدنة مؤقتة بوساط قطرية وأمريكية ومصرية.

وفي تعليقها على ذلك، قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن كريفوي "أصبح أول بالغ يحمل جواز سفر إسرائيلي يُطلق سراحه رغم أن معظم من أُلقي سراحهم كانوا نساءً وأطفالا".

 أعده للعربية: محمد فرحان

Jennifer Holleis
جنيفر هولايس محررة ومحللة تركز على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا