حضور باهت للمرأة في اللوائح الانتخابية في موريتانيا
١٨ يوليو ٢٠١٨أظهر الإعلان عن لوائح ترشيحات لبعض الأحزاب والقوى السياسية الموريتانية التي ستخوض معركة الانتخابات البلدية والتشريعية ومجالس الولايات، المقرر إجراؤها في الأول من أيلول/ سبتمبر 2018 ضعفا على مستوى تمثيل النساء في هذه اللوائح .
وستشهد هذه الاستحقاقات المقبلة أكبر مشاركة سياسية عرفها البلد، بعد إعلان أحزاب المعارضة المشاركة في هذه الانتخابات، بعد أن قاطعتها على مدى ثلاثة استحقاقات متتالية سابقة. وتأتي هذه الانتخابات قبيل فترة وجيزة من انتهاء آخر ولاية دستورية للرئيس الموريتاني الحالي محمد عبد العزيز.
تمثيل ضعيف جدا
"تمثيل النساء كان ضعيفا جدا ولم يحترم نصوص الحزب الداخلية ولا أهداف الألفية ولا توصيات القمة الإفريقية"، هذا ما صرحت به السيدة بطريقة هاشم الناشطة في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، حيث ترشح الحزب في كل الدوائر الانتخابية على المستوى الوطني البالغة 219 بلدية وكان حظ النساء منها 8 سيدات فقط.
من جانبها، أكدت وزيرة الشؤون الاجتماعية والطفولة والأسرة السابقة السنية منت سيدي هيبة متحدثة إلى DW عربية، "أن التعامل الحزبي مع المرأة في موريتانيا لايزال بعيدا عما تطمح إليه النساء من إشراك فعلي في القرار والتنفيذ والترشيح".
في الوقت الذي تعد غالبية المنخرطين في عضوية الأحزاب الموريتانية من النساء، إلا أن تمثيلهم ما زال ضعيفا في اللوائح الانتخابية، حيث أن أغلب اللاتي وردت أسماؤهن فيها كان بفعل قانون " الكوتا" النسوية، وليس بسبب الإرادة السياسية من قبل الأحزاب الموريتانية. يشار إلى أن عدد الأحزاب السياسية في البلد وصل إلى أكثر من مئة حزب، منها سبعة تقودها نساء.
وتضيف منت سيدي هيبة، أن اعتماد الأحزاب السياسية في ترشيحاتها على الأطر القبلية وسيطرة العقليات والصور النمطية التي يرسمها المجتمع للمرأة، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الفقر والأمية في صفوف النساء، تسببت جميعا في ضعف تمثيل المرأة.
استحداث نظام الحصص (كوتا)
من جهته، يرى الدكتور محمد بباه ولد عبد الله، الباحث الاجتماعي والأستاذ في جامعة نواكشوط، أن المرأة الموريتانية قطعت أشواطا متقدمة في مجال المشاركة السياسية مقارنة بنظيراتها في الدول العربية وبشهادة منظمات دولية وهيئات عليا، حيث تقلدت مناصب كانت إلى وقت قريب حكرا على الرجل، فقد تقلدت الناها بنت حمدي ولد مكناس في الفترة (2009-2011) رئاسة الدبلوماسية الموريتانية، في سابقة في العالم العربي، كما شغلت المرأة عددا من الوزارات و مناصب الأمناء العامين للوزارات ورئاسة إدارات مؤسسات عمومية.
وكان البرلمان قد صادق في عام 2006 على منح نسبة كوتا تتكون 20 % للنساء من مقاعد البرلمان، وسمح لهن بترأس أحزاب. و كان من المرجح، يضيف الباحث الاجتماعي والأستاذ في جامعة نواكشوط، أن تكون الفرصة مواتية للوصول لعدد أكبر من المرشحات، نظرا لكفاءتهن ونظرا لقوة إقبال العنصر النسائي على الترشح، فالمرأة تشكل نسبة (52%) من حجم الناخبين، وكذلك بسبب القانون النسبي الذي من المفروض أن تجري الانتخابات المقبلة على أساسه.
فرص أوسع للمشاركة
يرى الباحث الموريتاني ولد عبد الله، أنه "لا يكتمل بناء الوطن إلا إذا كانت هناك جهود مشتركة بين الرجل والمرأة، حيث يستفيد الوطن من طاقة المرأة الإيجابية". وفي نفس السياق، اعتبرت منت سيدي هيبة أن مشاركة المرأة في القرار السياسي وفي رسم السياسات العامة ضرورة لا محيد عنه، حيث تعطي القوانين الموريتانية فرص متكافئة للمرأة والرجل في كافة المجالات، كان آخرها في مجال القضاء الذي سمح مؤخرا بعمل المرأة به، ما سمح بتعيين قاضيتين .
وترى الوزيرة السابقة أن العمل على توسيع مشاركة المرأة السياسية يستدعي "التزام السلطات العمومية بترقية المرأة من خلال تمكينها من التعليم والتكوين المستمر وتمويل النشاطات الاقتصادية التي تؤمن للمرأة استقلال القرار السياسي".
واقترحت الوزيرة السابقة فرض نسب معتبرة للنساء في الوظائف العامة، من خلال سن قانون يوسع مشاركة المرأة بنسبة تصل إلى 50 بالمائة في جميع وظائف الدولة.
جهود كبيرة تبذلها المرأة الموريتانية لفرض مكانتها اللائقة في المشهد السياسي من جهة، وعجز كبير عن تمثيل مقبول لها في بعض اللوائح الانتخابية من جهة أخرى، يجعلها معلقة بين طموحات الوصول وإكراهات الواقع.
اتفرح أحمد دوله