حادث تحطم الطائرة الأذرية في كازاخستان: سقوط أم إسقاط؟
٢٧ ديسمبر ٢٠٢٤سقطت يوم الأربعاء طائرة ركاب من طراز إمبراير 190 بالقرب من مدينة أكتاو الكازاخستانية. وبحسب شركة الطيران الأذربيجانية فقد كانت هذه الطائرة في طريقها من عاصمة أذربيجان باكو إلى غروزني في جمهورية الشيشان، التي تعد واحدة من الجمهوريات الروسية. ولكن هذه الطائرة انحرفت عن مسارها، وحلقت فوق بحر قزوين وسقطت بالقرب من مدينة أكتاو في كازاخستان - على الساحل الشرقي لبحر قزوين.
وأظهرت مقاطع فيديو كيف سقطت الطائرة من ارتفاع منخفض على ساحل بحر قزوين قبل أن تصل المطار القريب في أكتاو. وبحسب شهود عيان فقد دارت الطائرة محلقة في دائرتين قبل أن تصطدم بالأرض أثناء محاولتها الدوران دورة ثالثة.
واشتعلت النيران في جزء من الطائرة عند اصطدامها، كما تظهر مقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي. وبحسب الصور فقد تعرض جزؤها الخلفي لضرر أقل، وكان على متنه الركاب الناجون. أما بقية أجزائها والجزء الأوسط فقد تحطمت تمامًا.
لماذا انحرفت عن مسارها؟
وبعد الحادث، أعلن رئيس أذربيجان إلهام علييف إنَّ لديه معلومات تفيد بأنَّ الطائرة غيرت مسارها بين باكو وغروزني نتيجة الأحوال الجوية السيئة ومن ثم توجهت إلى مطار أكتاو. وأفادت وكالات أنباء روسية رسمية أنَّ الطائرة تم تحويل مسارها بعيدا عن غروزني بسبب الضباب.
وأشارت هيئة الطيران المدني الروسية إلى نتائج أولية تفيد بأنَّ الطيارين قرروا تحويل مسارها بعد أن أدى ارتطام طائر إلى حالة طارئة على متن الطائرة. وذكرت شركة الخطوط الجوية الأذربيجانية ايضا أنَّ الطائرة اصطدمت بسرب من الطيور، ولكنها تراجعت لاحقًا عن هذا التصريح.
ما هو سبب السقوط؟
وبحسب خبير الطيران الألماني هاينريش غروسبونغاردت فأنَّ الضباب وسرب الطيور سببان غير محتملين لسقوط الطائرة. "السيناريو الواقعي هو تأثير خارجي"، كما قال في حوار مع موقع تاغزشاو: "لقد تضررت الطائرة بشدة ولم يكن من الممكن السيطرة عليها. وهذا لا يمكن أن يحدث مثلًا بسبب سرب من الطيور، لأنَّ المحركات تتوقف ولكن الطائرة تبقى تحت السيطرة".
ومن جانبه قال إلهام علييف إنَّ "أسباب السقوط ما تزال غير معروفة" على الرغم من انتشار مقاطع فيديو كثيرة حول الحادث. وأظاف أنَّ هناك نظريات مختلفة. بينما أدان رئيس مجلس الشيوخ الكازاخستاني مولين أشيمبايف التكهنات حول هذا الحادث. وقال لا يمكننا القول حتى الآن ما الذي أدى إلى سقوط الطائرة. وكذلك حذر المتحدث باسم الكرملين الكرملين ديمتري بيسكوف من التكهنات. وقال: "يجب علينا أن ننتظر نهاية التحقيق". غير أن آخر تصريحات هيئة الطيران الروسية على لسان رئيسها دميتري يادروف تفيد بأن هجوما بطائرات مسيرة أوكرانية كان جاريا في المنطقة الروسية التي كانت الطائرة المنكوبة متجهة إليها، ما يعزز فرضية إصابتها بقصف أو بجسم متفجر.
هذا وقد تمكنت فرق الإنقاذ من انتشال صندوق الطائرة الأسود من حطامها. ومن شأن تقييمه وكذلك فإن تقييم الرسائل اللاسلكية سيساعد المحققين في الكشف عن سبب سقوطها.
هل تعرضت الطائرة لإطلاق نار؟
ويقول بعض خبراء الطيران والخبراء العسكريين إنَّ الطائرة ربما أصيبت بالخطأ من خلال أنظمة الدفاع الجوي الروسية أثناء تحليقها فوق منطقة في القوقاز الروسي. وفي نفس الاثناء أُعلن عن تعرضها لهجوم بمسيرات أوكرانية، كانت تستهدف في وقت سابق مدينة غروزني، عاصمة جمهورية الشيشان الروسية، بالإضافة إلى مناطق أخرى في شمال القوقاز.
ومن الممكن أن تشير الثقوب في ذيل الطائرة إلى احتمال تعرضها لإطلاق نار من أنظمة الدفاع الجوي الروسية. وحول هذه الثقوب أوضح المدون والخبير العسكري الروسي يوري بودولياكا في موقع تيليغرام أنَّها تشبه الأضرار الناجمة عن إصابة بـ"نظام صاروخي مضاد للطائرات".
وكذلك قال الخبير السابق في وكالة التحقيق والتحليل لسلامة الطيران المدني الفرنسية برنار ليغوفري لوكالة فرانس برس: توجد على الحطام شظايا كثيرة من قذائف. وأضاف أنَّ هذه الصورة تذكرنا بطائرة البوينج الماليزية، التي سقطت بصاروخ أرض-جو فوق أوكرانيا عام 2014.
وأفادت وكالة رويترز للأنباء بإنَّ هناك أشخاصًا مطلعين على التحقيقات في أذربيجان يتحدثون أيضًا حول قصف الطائرة بالدفاعات الجوية الروسية. وهذا ما ذكرته أيضًا وكالة الأناضول التركية للأنباء مشيرة إلى مسؤولين كبار في أذربيجان. وذكرت أنَّ الطائرة كانت قد غادرت منطقة في روسيا كانت تدافع عنها مضادات الجيش الروسي الأرضية.
ومن جانبها ذكرت بعض وسائل الإعلام الأذربيجانية أنَّ الطائرة - بحسب التحقيقات الأولية - أصيبت بمنظومة الدفاع الجوي "بانتسير-إس" أثناء تحليقها نحو غروزني. وأنَّ أنظمة اتصالاتها كانت قد تعطلت تمامًا.
وكذلك لا تستبعد الولايات المتحدة الأمريكية إسقاط الطائرة بالخطأ من قبل الدفاعات الجوية الروسية. وبحسب مسؤول حكومي أمريكي فإنَّ المؤشرات الأولية تشير إلى إسقاط الطائرة، كما ذكرت عدة قنوات إعلامية. وإذا تأكدت المؤشرات الأولية فمن المعقول أن تكون الوحدات الروسية المدربة تدريبًا سيئًا قد استهدفت الطائرة بالخطأ خلال تصديها لهجوم بمسيرات أوكرانية.
وفي باكو، استشهد موقع كاليبر الإلكتروني/ caliber.az الإلكتروني بمصادر حكومية لم يذكر اسمها. وبحسب هذه المصادر فقد أصيبت الطائرة بصاروخ مضاد للطائرات أثناء اقترابها من مدينة غروزني الروسية. وقد طلب الطيارون الهبوط اضطراريًا في أقرب مطارين روسيين، مينيرالني فودي أو محج قلعة. ولكن لم يوافق الروس على ذلك، بحيث اضطرت الطائرة للتوجه فوق بحر قزوين إلى أكتاو في كازاخستان.
وفي هذا الصدد أعلن نائب رئيس الوزراء الكازاخستاني كانات بوزومباييف أنَّه لا يستطيع تأكيد أو نفي إسقاط الطائرة بنيران روسية، مضيفًا أنَّ التحقيقات لم تنتهِ بعد.
المصدر: موقع تاغيشاو الألماني
أعده للعربية: رائد الباش