جولة مصورة: لاجئون على الحدود التونسية الليبية يجازفون بحياتهم

كالمستغيث من الرمضاء بالنار، تقطعت السبل بآلاف المهاجرين في مخيم اللاجئين "الشوشة" على الحدود التونسية الليبية الذين دفعتهم نار الحرب المشتعلة إلى الخروج من المدن الليبية. في ظل تفاقم ظروفهم الشاقة في المخيم الواقع 7 كيلومترات من المعبر الحدودي راس جدير على الجانب التونسي من الحدود، لا تملك المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين سوى أن تناشد يوميا للمساعدة على إعادة إيواء هؤلاء اللاجئين قانونيا في بلد ما.

لا يزال اللاجئ الصومالي موادين محمد في المخيم. ولكن زوجته صفية كانت واحدة ممن لم يقدروا على تحمل أعباء الحياة في مخيم الشوشة الحدودي. فرجعت المرأة البالغة من العمر خمسة وعشرين عاما وهي حاملة بشهرها الثالث مجددا إلى المدن الليبية الساحلية في محاولة للهرب إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية مع مائة وخمسين مهاجر آخر. ولكنها لقيت هي وجنينها حتفهما في عرض البحر إثرانقلاب القارب الصغير الذي كان يقلها مع الآخرين. وأسفر انقلابه عن مقتل جميع من كانوا على متنه.

في مخيم الشوشة لا يوجد مكان لتربية الأطفال، كما تقول نورة (ليست موجودة في الصورة) التي تعيش في خيمة مع طفليها التوأمين ذوَيْ الـخمسة عشر ربيعاً. وفي المخيم يندر الطعام. أما الحليب الذي تبرع به لها أحدهم فقد تعفن وأصبح غير قابل للشرب. هربت نورة من المخيم وحاولت بلوغ أوروبا أواخر مارس/آذار. ولكن قوات خفر السواحل التونسية قبضت عليها وأعادتها إلى مخيم الشوشة. وهي تقول إنها تفضل الموت في البحر على العيش في هذا المخيم. أما زوجها فقد عاد إلى العاصمة الليبية طرابلس.

حسين آدم هو المتحدث باسم الصوماليين في مخيم الشوشة الذي يعج بلاجئين من جنسيات مختلفة. وهو يخشى تفاقم الظروف الشاقة في هذه الصحراء مع ارتفاع درجات حرارة الصيف، ناهيك عن العواصف الرملية والظروف الصحية السيئة التي تواجه سكان المخيم يوميا، والتي يعجز الناس هنا عن مواجهتها خصوصا العائلات التي لديها أطفال صغار.

هذا هو ابن حسين آدم ويبلغ من العمر أربعة عشر شهرا، واسمه محمد. إنه يلعب بكرتون صغير في خيمة عائلته في مخيم شوشه. كان هذا الصندوق الورقي مفيداً حينما استخدمه حسين آدم لحماية ابنه أثناء عاصفة رملية اقتلعت عدة خيام في مخيم الشوشة الحدودي.

أعاد لاجئون من ساحل العاج بناء مخيمهم ووضعوا أوتادا وأساسات لخيمهم الجديدة بعد أن دمرت رياح رملية عاتية خيمهم القديمة لمدة ثلاثة أيام. العواصف الرملية ليست سوى إحدى الصعوبات التي يضطر اللاجئون إلى التعامل معها بشكل شبه يومي في معبر شوشه. وبعد أن فروا من الصراع العسكري الدائر في ليبيا ينتظر معظم السكان أخبار نقلهم من المخيم بفارغ الصبر من قِبَل المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

رجل في المخيم يعرض صورا لاثنين من الشبّان الصوماليين الذين غرقوا أثناء محاولتهم الوصول إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، والذين المفترض أن يكونوا تحت حماية المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. لكن المتحدثين باسم المخيم قالوا إن مئات من لاجئي الصومال وإريتيريا وساحل العاج تسللوا وعادوا إلى الداخل الليبي آملين في التسلل عبر قوارب إلى أوروبا، وإن مئات من الرجال والنساء ماتوا بالفعل غرقاً في عرض البحر.

في منتصف نيسان/إبريل 2011 اختفى أربعون شخصا من لاجئي ساحل العاج عن مخيم الشوشة، بمن فيهم العديد من أصدقاء الشاب حامد (في الصورة) وهو يشعر بالقلق على أصدقائه الذين اتصلوا به قبل أسبوعين قائلين إنهم عادوا أدراجهم إلى ليبيا وإنهم على وشك الرحيل إلى إيطاليا. وكان ذلك آخر ما سُمِع عنهم وأصبحوا في عداد المفقودين. أما حامد فهو مقتنع بموتهم غرقاً في البحر الأبيض المتوسط.

أعلام دول عديدة منتشرة في أنحاء مخيم شوشه. وهي أعلام تعرض جنسيات اللاجئين الذين فروا من الصراع الدائر في ليبيا على الحدود في منطقة راس اجدير التونسية. ولاجئ شاب من ساحل العاج يرمق علم بلاده من مسافة. إنه واحد من بين الكثيرين المنتظرين لسماع أخبار عن مفقودي منتصف نيسان / إبريل الذين ذهبوا باحثين عن الخلاص دون رجعة.

غايا أندرسون / علي المخلافي

مراجعة: منصف السليمي