جولة في المعالم اليهودية بالعاصمة برلين
٣١ مايو ٢٠١٢يجتاحني شعور مختلط بالذهول والحرج أثناء تجولي في الحي اليهودي في العاصمة الألمانية برلين ، فعندما حددت طريق سيري أمس، اكتشفت أن المخبز اليهودي يبعد 550 مترا فقط من باب منزلي. منذ عام 2002 ومخبز كيدتلر في حي برينتسلاور بيرغ يقدم عجائن المعدة طبقاً للشريعة اليهودية.
الخبز طبقاً للشريعة اليهودية
الخبر طبقاً للقواعد والتقاليد اليهودية يعني "عدم استخدام أي مكونات غير طبيعية أو الدقيق المخمر أو أي مكونات مشتقة من الحيوانات باستثناء البيض". ولهذا السبب فإن ثلث زبائن المخبز فقط من اليهود أما الباقي فهم من النباتيين والأشخاص، الذين يحرصون على تناول طعام لا يحتوي على مواد اصطناعية. يأتي كل يوم اثنين وجمعة تلاميذ الحاخام أوالحاخامات لإشعال الفرن ـ كطقس يهودي رمزي ـ وللتأكد من أن خبز العجائن، يتم طبقاً لقواعد الشريعة اليهودية. والغريب في الأمر أن صاحب المحل نفسه بروتستانتي.
مقبرة يهودية
توجهت بعد تناولي الخبز المعد طبقاً للقواعد اليهودية إلى المقبرة اليهودية القديمة إلى شارع شونهويسر لزيارة المقبرة اليهودية. افتتحت المقبرة في عام 1827 وكانت تحيط بها الحقول، أما اليوم فالمقبرة تقع في وسط المدينة وراء الجدران وتحيط بها المباني السكنية. المكان مثل واحة خضراء تحتضن القبور وأنواع مختلفة من الأشجار مثل الكستناء والزان. يوجد في المقبرة 500 22 مقبرة فردية و750 مقبر عائلية. ومن أشهر المقابر هنا مقبرة أسرة ليبرمان، التي تضم رفات الرسام ماكس ليبرمان.
يستطيع المرء قضاء ساعات في هذه المقبرة وإكتشاف المقابر، التي تضم المشاهير اليهود. وهنا كتب دليل سياحي يقدم لمحة عامة لأهم المقابر اليهودية في المدينة مثل كتاب " Das jüdische Berlin " للمؤلف (Bill Rebinger).
رحلة في التاريخ الألماني اليهودي
من يقتفى آثار اليهود في برلين، تستوقفه طوال الوقت علامات ولوحات في الطريق تشير إلى حياة اليهودي في برلين. يوجد في برلين الكثير من الحجارة تحمل لوحات نحاسية أمام منازل ضحايا الحكم النازي من اليهود. والحجارة المبعثرة في كل مكان هي جزء من نصب تذكاري غير مركزي. وتعود فكرة هذا المشروع إلى الفنان غونتر ديمينج وتوجد في مدينته برلين وحدها 3500 حجر تذكاري.
مسألة اعتقاد
وفي طريقي للبحث عن مطعم لتناول الغداء عثرت على مطعمين يهوديين يمثلان التيارين اليهوديين المختلفين الموجودين في مدينة برلين. يقع المطعم الأول "بيت كافيه" في شارع توشولوسكي ويقدم المطعم الأكلات اليهودية التقليدية المعدة حسب الشريعة اليهودية وقهوة لذيدة المذاق، يستطيع المرء التمتع باحتسائها في باحة المطعم. وعلى بعد أمتار من هذا المطعم يقع مطعم "موج وملتسر". ويقدم المطعم، الذي افتتح قبل بضعة أسابيع، الأكلات اليهودية الأمريكية التقليدية ولكنها ليست معدة طبقاً للشريعة اليهودية.
ملتقى الأغنياء والمشاهير أيضاً
أعيد في شهر فيراير/ شباط الماضي افتتاح مدرسة البنات اليهودية، التي تعود إلى عام 1928، بعدما تم تحويلها إلى معرض فني. سعت الجالية اليهودية، التي تعود لها ملكية هذا المبنى التاريخي، في السنوات الماضية إلى تحويل المدرسة إلى مشروع اقتصادي مربح. ووجدت الجالية اليهودية في ميشائيل فوكس، صاحب معارض فنية، ضالتها، حيث استثمر فوكس خمسة مليون يورو لإعادة إحياء المبنى عن طريق تحويله إلى معرض فني يضم مطعماً فاخراً. قائمة الضيوف، الذين زاروا هذا المكان، طويلة، وتضم مشاهير ونجوم عالميين مثل براد بيت، أنجلينا جولي، يوليان شنابل.
يمكن تناول العشاء المعد حسب الشريعة اليهودية يوم الجمعة في غرفة خلفية في المعرض، الذي كان في السابق مدرسة يهودية. بانتظار الضيوف في عشاء السبت أربع وجبات مختلفة على أضواء الشمعدان اليهودي والنبيذ والخبز المبارك من قبل الحاخامات. يعمل هنا ليونيد غولتسمان، الذي يتأكد بنفسه من إعداد الطعام حسب الشريعة اليهودية ويقدم النصائح إلى الزبائن من غير الديانة اليهودية ولا سيما وأن المطعم يرحب ويشجع غير اليهود على القدوم هنا حتى يتعرفوا على الثقافة اليهودية وكي يتخلصوا من شعور بالغربة عن الطقوس اليهودية. وبينما أنا أتمتع بتناول كتف العجل وأحتسي النبيذ الإسرائيلي، فإذا بي أسترق السمع إلى الحوار الشيق بين المشرف على الطعام وأحد الزبائن النباتيين، وهو يهودي يهودي، حول الألم الذي يلحق بالحيوانات، التي تذبح طبقاً للشريعة اليهودية.
ريكاردا اوته/ مي المهدي
مراجعة: منصف السليمي