1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"جزار سوريا" ومحط آمال بوتين.. من هو الجنرال دفورنيكوف؟

١٢ أبريل ٢٠٢٢

بين سوريا والشيشان ومناطق عدة داخل روسيا، تولى الجنرال ألكسندر دفورنيكوف عشرات المهمات ورقّي لأرفع المناصب. واليوم قرر بوتين أن يضع عمليات الجيش الروسي في أوكرانيا تحت قيادته.. فمن هو هذا الجنرال الذي يوصف بـ"الدموي"؟

https://p.dw.com/p/49pqC
الجنرال ألكسندر فلاديميروفيتش دفورنيكوف
يتمتع دفورنيكوف بتاريخ عسكري حافل وسمعة سيئة في الوقت نفسه جاءت من قيادته لعمليات القصف الجوي للمنشآت المدنية في سوريا صورة من: Erik Romanenko/TASS/dpa/picture alliance

منذ بدأ الغزو الروسي لأوكرانيا كان من الواضح تماماً أن هناك أمراً ما جرى بشكل خاطئ على المستوى العملياتي، إذ تكبد الجيش الروسي خسائر فادحة على كافة الصُعُد ولم يحقق النصر الكاسح الذي كان يملأ مخيلة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

تتحدث وسائل إعلام غربية متعددة عن تقديرات خاطئة لمجموعة المستشارين المحيطين ببوتين، أهمها تقدير خاطئ لمدى قوة وصلابة المقاومة الأوكرانية، التي رغم مواجهتها لأحد أعتى جيوش العالم إلا أنها تواصل إذلاله يومياً.

تتحدث وسائل الإعلام والخبراء أيضاً عن الضعف الظاهر في المستوى القيادي للعمليات العسكرية الروسية. ربما ولكل هذه الأسباب أعلن الرئيس الروسي قبل عدة أيام تعيين الجنرال ألكسندر فلاديميروفيتش دفورنيكوف الملقّب بـ"جزّار سوريا" لتولي مهام السيطرة على دونباس شرقي أوكرانيا.

مرحلة جديدة "وحشية"

يؤكد محللون عسكريون أن تعيين الجنرال ألكسندر دفورنيكوف لتولي العمليات في أوكرانيا يشير إلى أن الحرب يمكن أن تدخل مرحلة  وحشية جديدة حيث تستعد موسكو لشن هجوم كبير في شرق أوكرانيا.

وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان إن الرجل "وبهذه الخلفية العسكرية، يُتوقع منه أن يسمح بارتكاب المزيد من الأعمال الوحشية ضد المدنيين الأوكرانيين".

وأكد مسؤول أمريكي ومسؤول غربي لمحطة "ام اس ان بي سي" الأمريكية أن تعيين دفورنيكوف - الذي أشرف مؤخراً على القوات الروسية في سوريا وله سجل دموي في استهداف المدنيين - كقائد عام على الأرض في أوكرانيا يشير إلى تعديل في التسلسل القيادي الروسي Chain of Command. إذ سيتم استبدال دفورنيكوف بالقادة الثلاثة الذين سبق لهم قيادة المعارك الحرب قبل عملية دونباس الكبرى المنتظرة.

ويقول العميد المتقاعد إلياس حنا أستاذ العلوم السياسية والخبير العسكري من بيروت إن الجنرال دفورنيكوف تخرج في أرقى الجامعات العسكرية الروسية و يتمتع بخبرة عسكرية واسعة وخصوصاً في أوكرانيا والتي قاتل فيها سابقاً ويعرفها جيداً، "فالرجل شارك في العمليات العسكرية في معارك دونباس التي جرت أحداثها عام 2014 وهو يعرف المنطقة بشكل عميق". بحسب ما قال خلال حوار هاتفى مع DW عربية

خبرة عسكرية وتاريخ حافل

نشر معهد دراسات الحرب  تقريراً مفصلا حول مسيرة الجنرال دفورنيكوف الطويلة، ذكر فيه أنه تخرج في مدرسة أوسوريسك سوفوروف العسكرية - وهي مدرسة داخلية عسكرية سوفيتية - عام 1978، ثم خدم كقائد فصيلة، وقائد سرية، ورئيس أركان كتيبة في منطقة الشرق الأقصى العسكرية طوال الثمانينيات.

وبين 1991 و1994، شغل دفورنيكوف منصب نائب القائد ثم قائد كتيبة المشاة المؤللة (مسلح ببنادق آلية) تم تكليفها بالمجموعة الغربية للقوات السوفيتية في ألمانيا. وبين عامي 1995 و2000، شغل دفورنيكوف منصب رئيس الأركان ثم قائد فوج المشاة الآلي في منطقة موسكو العسكرية (التي اندمجت في المنطقة العسكرية الغربية الحالية في عام 2010).

بعدها شغل منصب رئيس الأركان وقائد كتيبة المشاة الآلية في منطقة شمال القوقاز العسكرية (وهي الآن جزء من المنطقة العسكرية الجنوبية) حتى عام 2003، وخلال تلك الفترة يُعتقد أنه شارك في حرب الشيشان الثانية.

وبين عامي 2005 و2008 شغل دفورنيكوف منصب نائب القائد ثم رئيس أركان الجيش السادس والثلاثين (جزء من المنطقة العسكرية الشرقية الحالية). قاد دفورنيكوف قيادة جيش الأسلحة المشتركة الخامس لمنطقة الشرق الأقصى العسكرية من عام 2008 إلى عام 2010.

وعمل دفورنيكوف كنائب لقائد المنطقة العسكرية الشرقية من عام 2010 إلى عام 2012 ، ثم رئيس أركان المنطقة العسكرية المركزية من أبريل 2012 إلى 2015. قاد دفورنيكوف القوات الروسية في سوريا منذ بدء التدخل الروسي في سبتمبر/ايلول 2015 إلى يوليو/تموز 2016، ومنحه بوتين لقب البطل عام 2016 نظراً لدوره في الحرب في سوريا.

ويقود دفورنيكوف المنطقة العسكرية الجنوبية منذ 20 سبتمبر/ أيلول 2016، وأخيراً تولى قيادة المنطقة العسكرية الروسية الجنوبية منذ سبتمبر 2016 .

وفي 23 يونيو/حزيران 2020 قام بوتين بترقية دفورنيكوف إلى رتبة جنرال، وهي ثاني أعلى رتبة في الجيش الروسي، ولا يحمل هذه الرتبة أي قائد منطقة عسكرية أخرى في روسيا، متفوقًا بذلك على قائدي المنطقة العسكريين الآخرين المشاركين في غزو أوكرانيا، وهو مرشح محتمل لخلافة فاليري غيراسيموف رئيس هيئة الأركان العامة في روسيا.

"الجنرال الدموي"

العميد المتقاعد إلياس حنا أستاذ العلوم السياسية والخبير العسكري
يقول إلياس إن عنف ووحشية دفورنيكوف لا تقتصر عليه وحده وإنما هي سمة مميزة للجيش الروسي ككل.صورة من: Privat

وحول السمعة السيئة التي يحظى بها الجنرال دفورنيكوف بأنه شديد الدموية، يشير حنا إلى أن هذه السمة مميزة للجيش الروسي بوجه عام، "فالجنرال دفورنيكوف مثلاً لم يشارك في معارك الشيشان الدموية التي دمرت البلاد بالكامل وهو أيضاً لم يكن مسئولاً عن أحداث بوتشا ولا عن الضربة الصاروخية الدامية التي تعرضت لها محطة القطارات في بلدة كراماتورسك وأودت بحياة عشرات المدنيين، وبالتالي فمن الواضح أن صفة استخدام العنف المفرط لتحقيق الأهداف العسكرية واضحة تماماً في الجيش الروسي، وأن كل الأفعال السابقة هي نتاج مسار وثقافة عسكرية روسية راسخة".

ومن الواضح أن القيادة السياسية الروسية تشعر بمهانة شديدة من الضربات القوية التي توجهها المقاومة الأوكرانية وعدم تحقيقها نصراً واضحاً على الأرض.

ويشير خبراء ومحللون إلى أن الأمر يبدو أنه قد تحول إلى "ثأر شخصي" عند بوتين الذي يريد ليس فقط تحقيق الانتصار على المقاومة الأوكرانية وإنما سحقها والانتقام منها. فمنح ضوء أخضر للجيش الروسي لتنفيذ عمليات على غرار ما حدث في بوتشا، وهو ما يخشى العميد حنا من تكراره في ماريوبول على يد الجنرال دفورنيكوف.

دفورنيكوف وبوتين في صورة من الأرشيف (17.03.2016)
دفورنيكوف المعروف بالغرب باسم "جزار سوريا"، الجنرال "الدموي" يعلق بوتين آماله عليهصورة من: Alexei Nikolsky/POOL SPUTNIK KREMLIN/AP/dpa/picture alliance

ويختلف مسرح العمليات في أوكرانيا عن سوريا التي ظهرت فيها "وحشية" الجنرال دفورنيكوف. ويشير العميد الياس حنا إلى أن "طبيعة المواجهات في سوريا كانت تعتمد على الضربات الجوية العنيفة من جانب الجيش الروسي ولم تتواجه قوات المشاة الروسية على الأرض مع أحد تقريباً، لكن الآن هناك حرب على الأرض بجانب الضربات الجوية، في الوقت الذي قاد فيه الجنرال دفورنيكوف العمليات العسكرية في سوريا من خلال القصف الجوي فقط".

بدوره، أشار روب لي الباحث في معهد أبحاث السياسة الخارجية وخبير السياسات الدفاعية الروسية إلى أن قائد المنطقة العسكرية الجنوبية سيكون الآن مسؤولاً عن العملية العسكرية بأكملها في أوكرانيا وذلك لأسباب يراها منطقية أهمها تفوق دفورنيكوف على قادة مسارح العمليات الأخرى من ناحية الخبرات العملية.

كما أنه قائد المنطقة الجنوبية الروسية وبالتالي فهو يعرف ما بجواره في أوكرانيا بشكل كبير، وكانت السيطرة على دونباس أولوية بالنسبة له من قبل حتى أن يتولى مسرح العمليات بالكامل.

ويضيف الخبير العسكري اللبناني شارحا الفرق بأنّ الأمر يتعلق هنا "بحرب برية تخوضها روسيا بجنودها وليس بآخرين.. وهناك مواجهات مع جيش نظامي ومجموعات وميليشيات مسلحة أوكرانية، وهنا الفارق".

ويشار إلى أنّ الجنرال دفورنيكوف حقق نجاحًا كبيراً في العمليات العسكرية جنوبي أوكرانياأكبر مما حققه الآخرون في مناطق مختلفة في البلاد.

يقول العميد الياس حنا إن دفورنيكوف أصبح اليوم مسؤولاً عن قيادة الجبهات الخمس التي يخوض الجيش الروسي الحرب فيها داخل أوكرانيا. ويتحدث الخبير العكسري اللبناني عن أن أحد الأخطاء الاستراتيجية في المعارك داخل أوكرانيا والتي وقعت فيها القيادة العسكرية الروسية "هي أن كل جبهة روسية كان لها قائد وكل تلك الجبهات كانت تُقاد في النهاية من داخل روسيا".

ويتابع: "اليوم أصبح دفورنيكوف مسؤولاً عن تلك الجبهات الخمس ويعمل مع قياداتها من الداخل الأوكراني، كما تقوم مهمته أيضاً على تحقيق التناغم بين الأسلحة الروسية المختلفة سواء الجوية أو البحرية أو البرية، وحالياً أصبح هو المسؤول عن عملية دونباس العسكرية الكبرى".

ويضيف الخير العسكري قائلا: "وبما أن القيادة الروسية لم تعترض على ما جرى في سوريا على يديه حين قاد العمليات هناك، فلا يمكن أبداً استبعاد تكرار أحداث أخرى مثل بوتشا على يدي دفورنيكوف قريباً".

حرب ذات أمد طويل؟

في هذا السياق، تحدث مسؤولو المخابرات الأمريكية عما وصفوه بفشل موسكو في تحقيق الاستيلاء السريع على كييف والسيطرة على أوكرانيا بشكل كامل، وهو التصور الذي كان لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبدا أنه لم يكن صحيحاً.

وقال الأدميرال الأمريكي المتقاعد جيمس ستافريديس لبرنامج "إن بي سي نايتلي نيوز" إن تعيين دفورنيكوف يشير إلى نية فلاديمير بوتين مواصلة هذا الصراع لأشهر، إن لم يكن سنوات".

ويشار إلى أن أحد عوامل تأخر تحقيق الجيش الروسي لانتصارات حاسمة هي مشكلة اللوجيستيات، فكثيراً ما وردت أنباء عن تراجع القوات الروسية من مناطق بسبب نقص الإمدادات.

بيد أنّ الجنرال دفورنيكوف الذي سيطر على المنطقة الجنوبية من أوكرانيا والتي تشترك في حدود بطول 600 كيلومتراً مع روسيا يبدو أنه قد تغلب على تلك العقبة بشكل كبير، بحسب ما قال العميد المتقاعد والخبير الاستراتيجي الياس حنا.

عماد حسن/كاثرين شاير