1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بعد "انجلاء" جائحة كورونا.. عين تونس على موسم سياحي واعد

١٥ يونيو ٢٠٢٠

سددت جائحة كورونا صفعة قاسية لقطاع السياحة في تونس، وفيما تخطو البلاد لتصبح أولى دول شمال إفريقيا التي تعيد فتح حدودها للسياح، تبقى مخاوف الشعب تتقاسمها الأوضاع الاقتصادية للبلد، والوضع الصحي فيه بعد "انجلاء" الجائحة.

https://p.dw.com/p/3dnUC
تونس ساحل الصحراء
"بعد الثورة والهجمات الإرهابية، اضطر كثير من الناس إلى بيع جمالهم، وهو أمر مأساوي بمعنى الكلمة. اليوم، نزح كثير من الناس مع أسرهم ودوابهم إلى الصحراء بحثاُ عن الكلأ".صورة من: Saha Sahara/Juanita Reimer

منذ عشر سنوات، تعيش يوانيتا رايمر في منطقة دوز في مدخل صحراء جنوب تونس. ومنذ غادرت مسكنها في كندا، ما فتئت تعمل مع الأمازيغ والبدو لتكشف للسياح جوانب من الحياة طالما ظلت خفية عن أعين الزائرين، بدءاً من الصوامع المقببة في مدائن تطاوين، والتي سكنها الناس منذ القرن الثاني عشر للميلاد، وصولاً إلى البيوت المحفورة في الصخر التي أنجزها أصدقاؤها بحفر ثقوب عميقة في الأرض.

في السنوات العشر المشار إليها شهدت يوانيتا المتاعب التي طالت تلك العائلات عاماً بعد عام منذ قيام ثورة الياسمين في عام 2011 التي أوقدت شرارة الربيع العربي، ما أخاف السياح وجعلهم يحجمون عن زيارة البلد، ثم، ما تلا ذلك في عام 2015 حيث طالت هجمتان ارهابيتان منتجعات السواحل بمدينة سوسة المسجلة على قائمة التراث العالمي لليونسكو، وانتهاء بجائحة كورونا التي أصابت البلاد عام 2020.

وتقول رايمر بهذا الخصوص "كان الأمر فعلاً صعباً، جد صعب وما زال كذلك" ثم تمضي للقول "بعد الثورة والهجمات الإرهابية، اضطر كثير من الناس إلى بيع جمالهم، وهو أمر مأساوي بمعنى الكلمة. اليوم، نزح كثير من الناس مع أسرهم ودوابهم إلى الصحراء بحثاُ عن الكلأ".

بعد مرور 3 أشهر على الإغلاق العام، تدنت الإصابات إلى مستوى الصفر منذ نحو شهر، ولهذا ستكون تونس أول بلد في شمال إفريقيا يعيد فتح حدوده في 27 حزيران/ يونيو الجاري (2020). في سوسة، يقول أسامة معني المسؤول عن إجراء الحجوزات في أحد الفنادق الفاخرة إن السكان يعتمدون على السياحة، وهم يحاولون اليوم الوقوف على أقدامهم (بعد الجائحة).

ويمضي إلى القول "كنا ننتظر سنة طيبة بموسم عامر بالسياح، لكنّ فيروس كورونا أطاح بتلك الآمال وسحقها" ويمضي إلى القول "نحن نتعامل مع الجائحة خطوة خطوة، وقد وضعنا الآن بروتوكولاً صحياً، لأن تونس ما فتئت تكسب جولات النزال ضد فيروس كورونا، وفي ظني أن تونس ستعود لتصبح وجهة يقصدها الناس من مختلف أنحاء العالم".

وفيما تكافح دول أخرى ضد الفيروس، فإن التونسيين، كما يقول معني، "يسعون جاهدين لإبعاد فيروس كورونا عن "هريستهم" المتبّلة وعن زيت الزيتون الذي ينتجونه".

القيود الصارمة تحقق نتائج إيجابية

الأرقام ما برحت مشجعة في تونس، فالسياحة تشكل 10% من مجمل الناتج القومي، ويتوقع أن يشهد الاقتصاد انكماشا بمعدل 4.3% بسبب الفيروس، وهو أدنى مستوى تدنى إليه الاقتصاد منذ الاستقلال في عام 1956.

بيوت قديمة محفورة في الصخر في مدينة تطوان بتونس
البيوت المحفورة في الصخر التي أنجزها التونسيون بحفر ثقوب عميقة في الأرض، وهو طراز معماري عريق للأمازيغصورة من: picture-alliance/blickwinkel/P. Royer

في 12 حزيران/ يونيو سجلت 1.087 إصابة، وهو أصغر رقم منذ التاسع عشر من آذار/ مارس 2020، طبقا للمتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية إيناس همام. وأشادت منظمة الصحة العالمية بتعافي البلاد المبكر من الجائحة، عازية ذلك إلى إجراءات العزل الصارمة، والى الإقفال العام منذ شهر آذار/ مارس المنصرم، حيث كان الرقم المسجل هو 100 إصابة، وقارنت همام هذا العدد، بعدد المصابين في إيطاليا في نفس الفترة والذي وصل إلى 10 آلاف إصابة.

وفي هذا السياق تقول رايمر" اعتقد أنّ دولاً مثل تونس استطاعت أن تتعامل بحكمة مع الوباء لسببين: الأول هو أن الناس هنا ليس لديهم شعور بالاستحقاق والأفضلية، ولذا يحترمون حظر التجوال" ثم تمضي الناشطة الكندية إلى القول: "أما السبب الثاني فهو وجود شعور لدى الجميع بأنهم مسؤولون عن الوضع، فهم لا يكتفون بالقول "أريد أن تنتهي الجائحة فحسب، بل يفكرون "ربما لن أصاب بالفيروس، لكنّ بعض سكان قريتي أكثر عرضة للإصابة به لأنهم أكبر سناً".

التباعد الاجتماعي إحدى طرق الوقاية

ورغم تدني عدد المصابين، لم تقدم الحكومة على إعلان البلاد خالية من الفيروس، كما تقول همام. فالحكومة ما زالت تصنف مستوى السيطرة على الفيروس طبقاً لمعايير منظمة الصحة العالمية من خلال تفادي "العدوى الاجتماعية" التي لن يمكن السيطرة عليها ولا الحد منها.

تونس، منطقة مدينة في سوسه
مدينة سوسة القديمة..قطاع السياحة في تونس يعتمد جزئياً على قرارات البلدان الأوروبية بتخفيف القيود على السفر وبرفع إجراءات العزلصورة من: picture-alliance/robertharding/J. Bayne

وحسب ما ذهبت همام، فإنّ التباعد المعلن لا يشف عن مستوى انتشار الفيروس بشكل دقيق، لكنّ السلطات التونسية تبدو حذرة في تخفيف القيود لأنّ كثيراً من الناس لا يحترمون السلوك الوقائي المطلوب من خلال عدم ارتدائهم كمامات الوقاية، وعدم ممارستهم للتباعد الاجتماعي. أحد حكام لعبة كرة اليد، انتبه إلى هذه الأخطاء، وتولى بنفسه تسليم المخالفين الذين لا يرتدون كمامات كارتاً أحمر، فيما اعطى غير المحافظين على التباعد الاجتماعي كارتاً أصفر.

إحباط متعاظم

محاولات الحكومة لتحقيق توازن بين القيود وبين الاقتصاد تعكس قلقها بشأن قدراتها على التصدي للجائحة. في نيسان/ أبريل 2020، ألقت السلطات القبض على مدونين انتقدا سياسة الحكومة في تعويض العائلات المتضررة بالوضع، وهو ما يذكر ببعض ممارسات النظام السابق الذي أطاحت به ثورة الياسمين في عام 2011. بل إن الاحتجاجات التي اندلعت في سبع مدنٍ نهاية مارس المنصرم مطالبة بوظائف وبأن تنهي الحكومة مستويات البطالة المرتفعة في البلاد قد أججت مشاعر الإحباط لدرجة باتت فيها الأوضاع في بعض المناطق أسوأ مما كانت عليه قبل قيام الثورة.

تونس، ساحل الصحراء
لأن التونسيين يدركون مخاطر فيروس كورونا، فهم لا يريدون أن يفقدوا أسرهم أيضاً رغم حرصهم على رفع اجراءات العزل صورة من: Saha Sahara/Juanita Reimer

تباين التصورات

محمد كرماني الذي يدير محلاً للمجوهرات والصناعات اليدوية في المدينة القديمة بسوسة والمدرجة على لائحة اليونسكو للتراث العالمي، يقول إنّ العمل قد وصل إلى مستويات أدنى مما كانت عليه عام 2011، ولكنه يبدو على كل حال متردداً بشأن رفع العزل عن البلاد، وبهذا الخصوص يقول "أريد أن يعود السياح إلى هذا المكان، لكنهم قد يجلبون معهم الفيروس (كورونا)، أريد للبلد أن يستعد حقاً للمرحلة الجديدة بحيث يكون بوسع السلطات معرفة إن كان السواح القادمون أصحاء أم مصابين بالفيروس".

تعافي قطاع السياحة في تونس يعتمد جزئياً على قرارات البلدان الأوروبية بتخفيف القيود على السفر وبرفع إجراءات العزل، وفي مداخل الصحراء تقول رايمر إن أصدقاءها يحدوهم أمل حذر (بعودة المياه إلى مجاريها)، وتقول في هذا الخصوص " أحدهم قال لي: اللعنة، بالتأكيد سنجبر على إغلاق أعمالنا"، وتختم بالقول "ولأنهم يدركون المخاطر فهم لا يريدون أن يفقدوا أسرهم أيضاً".

توم ألينسون/ م.م

تونس زورق موناستير
تونس ستعود لتصبح وجهة يقصدها الناس من مختلف أنحاء العالم""..مشهد من مدينة المنستيرصورة من: picture-alliance/robertharding/R. Richardson

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد