برلين - تضافر جهود المجتمع المدني لمساعدة اللاجئين
١٠ أغسطس ٢٠١٥غص مركز استقبال طلبات اللجوء في برلين، "مكتب الشؤون الصحية والاجتماعية" LaGeSo، بما يقارب ألف لاجئ نهار الجمعة الماضية. يقضي الكثيرون هنا أياما وليالي في انتظار دورهم لتقديم الطلب. وحتى من أنهى منهم إجراءات أوراقه وحصل على قسيمة مدفوعة الثمن للنوم في فندق، لم يجد سريراً في الفندق، فيعود إلى المركز لافتراش الأرض وتلحف السماء. تحت لهيب شمس آب الحارة، التي وصلت درجتها إلى حوالي 38 درجة مئوية، بنسبة رطوبة مرتفعة، فوجد بعضهم ملجأ له تحت ظل شجرة أو في ظل حائط، بينما قام البعض برش بعضهم الآخر بالماء من الصنبور في وسط الساحة. تتباين سحن طالبي اللجوء: سوريون، وعراقيون، وأريتريون، وأفغان، وصرب، وغجر، ولبنانيون، ومن جنسيات أخرى. قطعوا آلاف الكيلومترات للوصول إلى هنا، والأمل يحدوهم بمستقبل أفضل. عيونهم معلقة على الطابور الطويل للبدء بتقديم طلب اللجوء. أعدادهم كثيرة ولم تكن متوقعة، فاضطروا للمبيت في حرم المركز وفي الحدائق المجاورة، وساهم ذلك في الضغط على البنى التحتية وعلى مسار الخدمات الأساسية أوالمساعدة العاجلة.
المجتمع المدني يتحرك لسد الثغرة
أطلقت جمعيات نداءات بطلب المساعدة على وسائل التواصل الاجتماعي. جاء العشرات من المتطوعين وجلبوا معهم الطعام والماء والمشروبات والمثلجات والأغطية والملابس والمنظفات والمعقمات ومواد إسعافات أولية ومناديل مرطبة، حفاضات وألعاب للأطفال. قام بعض المتطوعين بجمع القمامة، وأخرون بالترجمة والإجابة عن الاستفسارات. كان بين المتطوعين الكثير من الألمان وبعض السوريين والعرب. من هؤلاء الطالب السوري قصي عامر(24 عاماً)، وليلى الأبطح، المنحدرة من أب فلسطيني وأم ألمانية. "نحن هنا نقول للاجئين إنهم مرحب بهم، وأن أَيْدِينَا ممدوة للمساعدة. هذه هي الإنسانية" تقول ليلى في تصريح خاص بDW عربية. سجلت جمعية "موابيت تساعد"Moabit hilft نشاطاً وحضوراً متميزاً وفعالاً. فاقت كمية المساعدات ما يحتاجه اللاجئون وحدث بعض الفوضى والتدافع للحصول على المساعدات. لذلك قامت حكومة ولاية برلين مساء الخميس باستنفار "جمعية المالتيزر الإغاثية" Malteser Hilfsdienst، وهي جمعية إغاثية كاثوليكية، وطلبت منها تولي مهمة التنسيق وتتنظيم عمليات المساعدة. "منذ السادسة صباحاً يتواجد فريقنا التطوعي المكون من 25 متطوع للمساعدة بالتنظيم والفرز والتوزيع بشكل عادل ومستدام. العاملون لدينا في الإسعاف وسيارات الإسعاف جاهزة لأي طارئ. حدثت حالات مرضية قليلة جداً"، يقول ماتيس نوفك، مسؤول الإعلام والعلاقات العامة في برلين والمنطقة الشمالية الشرقية من ألمانيا، في تصريح خاص بDWعربية.
لم يخل الأمر من اندساس بعض السماسرة وتجار الأزمات بين اللاجئين في محاولة للحصول على بعض المال مقابل تأمين فندق أومكان للمبيت أو لأية خدمات أخرى. ومع اقتراب غروب شمس يوم الجمعة بدأت مشكلة المبيت تأخذ طريقها إلى حل مؤقت. حيث قامت الكاريتاس Caritas، وهي جمعية إغاثية تابعة للكنيسة الرومانية-الكاثولكية، بتأمين المبيت لحوالي 100 شخص. وقامت جمعية الكواكبي بالاتصال ببعض المساجد وأمنت مبيت لاجئين في مسجدين. وبالنسبة للذين لم يحصلوا على مكان للمبيت، فقد قامت الحكومة بترحيلهم في باصات خاصة إلى مراكز إيواء عاجلة في برلين ليقضوا أيام نهاية الأسبوع هناك، حيث حصلوا على فراش وعلى إمكانية تنظيف أجسادهم التي تعبت على مدى أسابيع طويلة من النوم على الأرض.
وضع أفضل في باقي الولايات و"خطة فورية"
تعيش برلين منذ سنوات قليلة مشكلة متفاقمة تتجلى في نقص فرص السكن. ولذلك لا تقتصر مشكلة تأمين سكن على اللاجئين وحدهم. ويشكو اللاجئون من طول مدة الانتظار حتى يتسنى لهم تقديم طلب اللجوء. وقد تكون برلين أكثر المدن المتأثرة بموضوع اللاجئين مقارنة بغيرها من الولايات الألمانية. وقد أثار الموضوع صخباً في وسائل الإعلام التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعي. وحدث جدل سياسي وانتقادات من حزبي الخضر واليسار. يقول فرانس ألِرت، رئيس "مكتب الشؤون الصحية والاجتماعية"، في تصريح خاص بDWعربية: "في الأشهر والاسابيع الأخيرة، ارتفع عدد طالبي اللجوء في برلين بشكل كبير. بلغ عدد طلبات اللجوء الشهر الماضي حوالي 4100. هذا الوضع أدى إلى عدم توفر أماكن كافية للمبيت، فتأخرت إجراءات التسجيل وتقديم الطلبات، وأثر ذلك على الجودة المعتادة للعمل". العدد الكثيف حدا بمركز استقبال اللاجئين لزيادة ساعات الدوام اليومي: من السابعة صباحا وحتى السابعة والنصف مساءً. يعود فرانس ألِرت ويؤكد: "الانتظار الطويل أمر غير مقبول، ولكن عدد الموظفين غير كاف وهم يعملون بأقصى طاقاتهم. سيتم تعيين موظفين جدد".
هناك الكثير من الأطفال مع عائلاتهم، وأطفال تحت السن القانوني قطعوا البحار والغابات لوحدهم. وقد اشتكى السوريون، محمد الكوساني(17 عاماً) وأقرانه بشار وأحمد كنعان، من سوء معاملة عناصر أمن مركز اللجوء. وكانت تقارير إعلامية قد تحدثت عن مشاجرة "بين عناصر أمن المركز وبعض اللاجئين، حيث جُرح لاجئ وتدخلت الشرطة". ويقول فرانس ألِرت عن الحادثة: "لم أشهدها، ولكن سوء التفاهم والمشاجرة بين عناصر الأمن واللاجئين أمر نادر الحدوث". سألنا فرانس ألِرت عن خطة عمل الأسابيع المقبلة والتصورات المستقبلية، وهل هناك خلية أزمة للتعامل مع المشكلة، فأجاب: "ستجتمع الحكومة في الأسبوع المقبل للتشاور بشأن تصور شامل واتخاذ إجراءات فورية. سنعمل على تقصير مدة الانتظار في تقديم الطلبات، وعلى توفير أماكن إيواء بشكل أكثر استدامة. اللاجئون موضع ترحيب في برلين".