1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الوصفة الألمانية لمكافحة بطالة الشباب

٩ مايو ٢٠١٢

يعد التعليم الجيد مفتاح الدخول إلى سوق العمل، ومع ذلك لماذا ترتفع نسبة بطالة الشباب في الكثير من الدول الأوروبية رغم تمتعها بأنظمة تعليم جيدة؟ وما سر تمتع ألمانيا بوضع أفضل مقارنة مع دول أخرى كبريطانيا؟

https://p.dw.com/p/14s8E
Wer hat das Bild gemacht/Fotograf?: Jan Schilling Wann wurde das Bild gemacht?: 20. April 2012 Wo wurde das Bild aufgenommen?: Firma Waury Cottbus Bildbeschreibung: Bei welcher Gelegenheit / in welcher Situation wurde das Bild aufgenommen? Wer oder was ist auf dem Bild zu sehen? Besuch des Unternehmens/ Azubi Rafał Dawidowicz baut einen Keilriemen aus, Firma Waury Fördertechnik
Rafał Dawidowiczصورة من: DW

ليست بالمفاجأة ارتفاع معدلات البطالة بشكل عام وخاصة في صفوف الشباب، في أوروبا، وإنما في اختلاف تلك المعدلات من دولة لأخرى. في بلد مثل إسبانيا يكون معدل البطالة مرتفع جدا في العادة، لكنه وصل إلى نسبة مخيفة تجاوزت 40 بالمائة نتيجة الأزمة المالية. وبالمقارنة فإن المعدل المذكور بقي في ألمانيا بحدود 10 بالمائة، وهذه نسبة تعكس نجاح الاقتصاد الألماني في مقاومة الأزمة.

صعوبات دخول سوق العمل

تميل معدلات بطالة الشباب عادةً إلى الارتفاع في الدول التي تنظم سوق العمل لديها بقوانين شديدة، خاصة فيما يتعلق بالتسريح. في أسواق كهذه يجد الشباب صعوبة في إيجاد وظائف، لأن بعض أصحاب الشركات يرى في تشغيلهم مجازفة بسبب قلة الخبرة. في هذا الإطار يجد أصحاب الشركات أنفسهم في مأزق إذا ما تبين لهم عدم كفاءة الموظف الجديد الذي لا يستطيعون تسريحه بسهولة. غير أن هذا الأمر يقودنا في الحال إلى سؤال يتعلق بسر بقاء نسبة البطالة في صفوف الشباب الألمان في حدود معقولة رغم صرامة تنظيم سوق العمل الألماني؟

سر النجاح

السر هو في نظام التعليم المزدوج الذي تعتمده ألمانيا وبعض الدول كاستراليا وسويسرا. هذا النظام يقدم لأكثر من 50 بالمائة من الشباب الألماني فرصة الدراسة الأكاديمية بالإضافة لفرص التدريب العملي في الشركات خلال الدارسة، وهكذا يتخرج الشباب بشهادة أكاديمية وخبرة عملية في نفس الوقت، بدلاً من قضاء الوقت خلال سنوات التعليم العالي فقط في حضور المحاضرات النظرية في القاعات. وتعطي فترة التدريب هذه فرصة أمام الشركات للتعرف على المتدربين وتقدير كفاءاتهم وقدراتهم على العمل والإبداع. وبفضل ذلك يُمكن لأرباب العمل الحد من مخاطر توفير أماكن العمل لأشخاص غير مناسبين.

Hilmar Schneider, Direktor Arbeitsmarktpolitik, Institut zur Zukunft der Arbeit (IZA), am Mittwoch (10.03.2010) in Berlin auf dem Symposium "Aufstiegschancen schaffen - soziale Effizienz steigern: Deutschland vor der Neuausrichtung der Sozialpolitik". Foto: Jens Kalaene dpa/lbn
الدكتور هيلمار شنايدر هو مدير قسم سياسات سوق العمل في "معهد مستقبل العمل /IZA".صورة من: picture-alliance/dpa

ومن الممتع هنا أن كفاءة النظام المزدوج عالية لدرجة أن معدل البطالة في ألمانيا أدنى مقارنة مع دول أسواقها عملها منفتحة، ففي بريطانيا التي تصل نسبة خريجي التعليم العالي إلى ضعف مثيلتها في ألمانيا، يرتفع معدل البطالة إلى ضعف مثيله في السوق الألمانية.

تكافل وعلاقة مثمرة

تأتي خصوصية ألمانيا في انخفاض معدل بطالة الشباب من كوّن العلاقة بين نظام التعليم العملي ونظام سوق العمل تكاملية ومثمرة.

لولا نظام التعليم المزدوج في ألمانيا لّكان معدل البطالة لدى الشباب يقارب نظيريّه في كل من فرنسا وإيطاليا على الأرجح. ويبدو هذا النظام كإجابة على تنظيم سوق العمل بشكل صارم، وبدون تنظيم كهذا لكن من غير الممكن وجود نظام التعليم المذكور. لو أمكن للشركات إنهاء علاقة العمل بسهولة، فإن تقدير حجم المخاطر جراء توظيف أناس غير مناسبين لن يلعب دورا كبيرا. وبذلك تنتفي ضرورة تمويل نظام تعليم تدريبي أو عملي عالي التكلفة. وقد أظهرت التجربة الألمانية أن تنظيم سوق العمل ونظام التعليم المزدوج يتعايشان في ألمانيا بشكل مثمر.

على الرغم من النجاح والتعايش يصعب تصدير هذه التجربة الناجحة. ويعود السبب في ذلك إلى أن الشركات في بلدان ذات أسواق عمل منفتحة لا ترحب بتمويل نظام تعليم مزدوج، لأنه عالي التكلفة. وحتى في البلدان ذات قوانين العمل صارمة فإن تكلفةً كهذه ستعيق اعتماده.

انتقادات منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية

على الرغم من النجاح الألماني المذكور فإن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية تنتقد ألمانيا بحجة استثمارها الضعيف في التعليم. ويدعم هذا الانتقاد تراجع موقع ألمانيا على صعيد نسبة خريجي الجامعات، وعلى صعيد الإنفاق على التعليم من إجمالي الناتج المحلي. في هذا السياق لا تراعي المنظمة في توجيه انتقاداتها أنظمة التعليم الأكاديمية النظرية التي تؤهل قوة العمل بشكل لا يتناسب مع حاجة السوق. كما أن التركيز على بعض أوجه الإنفاق في قطاع التعليم يقدم صورة غير دقيقة عن مدى الاهتمام به، ففي ألمانيا تستثمر الشركات تكاليف عالية في مجال التعليم بشكل عام، والتعليم المزدوج بشكل خاص ، في حين تتحمل هذه التكاليف موازنات التعليم في بلدان أخرى.

وفي المحصلة فإن نجاح جهود التعليم لا يُقاس بمدخلاته فقط، بل وبمخرجاته أيضاً. وبهذا الصدد ليس لدى ألمانيا ما يستدعي الخجل إزاء نظامها التعليمي المزدوج.

الدكتور هيلمار شنايدر هو مدير قسم سياسات سوق العمل في "معهد مستقبل العمل/IZA". وله العديد من المؤلفات والدراسات حول آفاق سوق العمل في ألمانيا وأوروبا.

هيلمار شنايدر / رولا أسد

مراجعة: ابراهيم محمد