المنتخب الألماني ثالث كأس القارت 2005

وما أن بدأت المباراة في ستاد لايبزيغ الجديد حتى كادت الدهشة تحبس أنفاس الجمهور. ففي الدقيقة الثانية شن الفريق المكسيكيّ هجمة مضادة آلت إلى ظهور المهاجم فونسيكا في منطقة الجزاء الألمانية وسدد الكرة قوية من بعد 14 متراً تقريباً. لكنها لحسن الحظ لم تصب الهدف.

ثم كانت الدقيقة العاشرة عندما وصل المكسيكيون بتمريراتهم القصيرة المتقنة إلى منطقة الجزاء ثانية وسدد بورغيتّي الكرة من مسافة قريبة، لكن حارس المرمى "كان" تصدى لها وأبعدها لتتدحرج على موازاة خط المرمى. ثم واصل الفريق المكسيكي كالعادة سيطرته على اللعب بتمريراته الأرضية الدقيقة والعالية المفاجئة إلى الجناحين ليشكل خطورة في حالات كثيرة.

أما الفريق الألماني فقد بدا كثيرون من لاعبيه فاقدي الثقة بالنفس وغير واعين للمهمة الملقاة على عواتقهم. وظهر ذلك عبر فقدهم الكرة بسهولة وتخلفهم عن خصومهم بدقة التمرير والسرعة مما جعل وسط الملعب يخلو للمكسيكيين. وشيئاً فشيئاً راح الألمان ـ ربما من الدقيقة 20 ـ يستعيدون ثقتهم بأنفسهم ويعون المهمة ويكثفون من جهودهم سواء في الدفاع عن منطقتهم أو في الصراع على الكرة حتى في منطقة الخصم. وسرعان ما راحوا يحصدون ثمار جهودهم نجاحات عديدة متوالية.

والأمثلة على ذلك كثيرة نذكر منها تسديدة هانكة القوية من مسافة 25 متراً في الدقيقة 21، وضربة هوت الرأسية بعد تمريرة عالية من دايسلر إثر ضربة حرة مباشرة في الدقيقة 23، وتسديدة دايسلر القوية من خارج الزاوية اليمنى لمنطقة جزاء الفريق المكسيكيّ في الدقيقة 33. ومع ان الفريق المكسيكيّ لم يفقد شيئاً من خطورته إلا أن الفريق الألمانيّ كان قد انتزع زمام المبادرة. وتكللت إحدى هجماته الرائعة على الجهة اليمنى بتسديدة دقيقة وقوية من اللاعب بودلسكي استقرت في الدقيقة 37 في الزاوية العليا اليسرى من مرمى المكسيك.

وبذلك تقدمت ألمانيا بهدف مقابل صفر.

ولم تمض على ذلك سوى ثلاث دقائق حتى كان الفريق المكسيكيّ يحرز هدف التعادل 1:1 من كرة اختطفها اللاعب سينيا من فرينغز وسط الملعب على حدود منطقة الجزاء ومررها بدقة إلى زميله فونسيكا الذي سددها قاتلة على يمين الحارس الألماني "كان" في الدقيقة 40 . وما كاد المكسيكيون يتذوقون حلاوة التعادل حتى كان الألمان يشنون هجمة رائعة أخرى على الجهة اليمنى يتوجها اللاعبون الشباب هينكل وبودولسكي بتمريرات قصيرة متبادلة تنتهي عند ثالثهم شفاينشتايغر الذي سددها بسهولة إلى المرمى الخالي من حارسه في الدقيقة 41 محققاً بها لفريقه التقدم مجدداً. وينتهي الشوط الأول بنتيجة 1:2 لصالح الفريق الألمانيّ.

بدأ الفريق الألمانيّ الشوط الثاني من حيث أنهى الأول: حماس ونباهة وإصرار على النصر. ولعل هذا الإصرار كان مبالغاً فيه، ومن اللاعب هانكة بخاصة الذي ارتكب خشونة شدبدة ضد اللاعب المكسيكيّ سالسيدو أدت إلى إخراجه من اللعب ببطاقة حمراء في الدقيقة 52. وعلى الرغم من أن الفريق الألمانيّ اضطر لخوض بقية المباراة بعشرة لاعبين فقط، إلى أنه لم يتقوقع على نفسه، بل واصل هجماته. وكان في ذلك مقتله. إذ أسفرت هجمة معاكسة للمكسيكيين عن فرصة ذهبية حولها بورغيتّي برأسه في الدقيقة 58 إلى هدف المكسيك الثاني، لتصبح النتيجة تعادل الفريقين 2:2.

واصل الفريق الألماني جهوده التي عادت عليه بالعديد من الفرص. لكنها لم تؤد إلى نتيجة ملموسة باستثناء الضربة الركنية في الدقيقة 58 التي قذف بها شفاينشتايغر عالية إلى أمام المرمى المكسيكيّ. فتلقفها كوراني وسط بلبلة من الدفاع المكيبكيّ وأنزلها أمام قدمي اللاعب هوت الذي أسكنها الشباك من مسافة قصيرة. وبذلك تقدم الألمان بنتيجة 2:3. لكن الفريق المكسيكيّ عادل النتيجة بهدف أحرزه برأسه اللاعب بورغيتي في الدقيقة 85 لينتهي الزمن الرسمي للمباراة بتعادل الفريقين بثلاثة أهداف لكل منهما. كان لا بد من التمديد شوطين إضافيين. وفي الدقيقة 97 حصل الفريق الألماني على ضربة حرة مباشرة من مركز واعد، أي من نقطة متوسطة تبعد بضعة أمتار عن منطقة جزاء الفريق المكسيكيّ. وتصدى لها كابتن الفريق بالاك وأسكنها بتسديدة محكمة مرمى الخصم ليتقدم بذلك فريقه على منتخب المكسيك بأربعة أهداف لثلاثة. وعبثاً حاول المكسيكيون الرد. ولم يعدم الفرص في تحقيق التعادل. إلا أن دفاع المنتخب الألماني صمد وتفوق كل اللاعبين على أنفسهم ليحافظوا على هذا النصر العزيز الذي صبوا إليه وصبا معهم الشعب الألماني كله.