المعارضة اليمنية: لا حوار مع السلطة قبل رحيل الرئيس
٦ مارس ٢٠١١مع التحامها بالحركة الاحتجاجية المطالبة برحيل الرئيس علي عبد الله صالح لم تعد قوى المعارضة، المعروفة بأحزاب اللقاء المشترك، مستعدة للعودة إلى اتفاقية عام 2009 التي وقعتها مع نظام الرئيس صالح. لكن مراقبين للشأن اليمني يعتقدون أن الحوار بين الطرفين مازال ممكنا لو قدم الرئيس صالح مبادرة تلبي مطالب الشارع بإقالة أبنائه وأقربائه من مؤسستي الجيش والأمن.
إلا أن آخرين يرون أن فرص الحوار بين الجانبين تتضاءل يوما بعد يوم، وخصوصا، مع اتساع رقعة المظاهرات المطالبة بإسقاط نظام صالح ووقوع المزيد من الضحايا. ليس هذا فحسب، بل إن أحزاب اللقاء المشترك تمضي إلى أكثر من ذلك، إذ ترى بأن الحوار بين السلطة والمعارضة "سقط بمفهوم الثورة الشعبية". فالشارع يشهد "وقائع ثورية سحبت البساط من تحت أقدام السلطة والمعارضة على السواء"، وفق عبده محمد سالم، نائب رئيس الدائرة السياسية لحزب الإصلاح المعارض. ويضيف سالم، في حوار مع دويتشه فيله، أن ما يسود في اليمن الآن هو "منطق الشارع"، معتبرا العودة إلى الحوار التفافا على الشارع "الثائر".
"العودة إلى الحوار كمن يرمي بنفسه في جهنم"
ورغم هذه المعطيات فإن السلطة لا تزال تُمني النفس بالجلوس مع المعارضة وتكرر دعوتها إلى الحوار وتشكيل "حكومة وحدة وطنية" للخروج بمصالحة بات الرئيس أحوج إليها لتهدئة غضب الشارع وإطفاء الثورة الملتهبة ضده. وفي هذا الإطار يقول عبد الملك الفهيدي، رئيس تحرير موقع "المؤتمر نت" الناطق باسم الحزب الحاكم، إن "فقدان الأمل في الحوار يعني الوصول إلى قناعة برفض الآخر، وسيترتب على ذلك نتائج قد لا تحمد عقباها". ويضيف الفهيدي، في حوار مع دويتشه فيله، قائلا "ما زلنا نثق بقدرة العقلاء في أحزاب اللقاء المشترك على تغليب مصلحة اليمن والعودة إلى الحوار باعتباره أفضل وسيلة للوصول إلى توافقات تخدم البلد وتتجاوز مشاكله".
إلا أنّ عبده محمد سالم، نائب رئيس الدائرة السياسية في حزب الإصلاح المعارض، يصر على رفض الحوار "لأن قطاره قد فات، ولم يعد هناك من أمل. وأي اتجاه إلى الحوار الآن هو كمن يلقي بنفسه في جهنم". ويشدد سالم على أن الحوار كان في الأصل مطلب المعارضة وليس مطلب السلطة الحاكمة التي اتهمها بأنها "شقت العصا وخرجت عن الحوار واستخدمت البلطجية والقتل في قمع الاحتجاجات السلمية".
وعما إذا كان هناك من فرصة للعودة إلى الحوار في حال تقديم السلطة ضمانات كافية بتحقيق مطالب المعارضة يقول سالم "إذا كان هناك لدى الحاكم رغبة في تقديم ضمانات فليقدمها إلى الشارع صاحب الشرعية وليس إلى المعارضة التي فقدت شرعيتها الحزبية وذابت في الشرعية الشعبية"، مشيراً في ذات الوقت أن الشارع قد حدد مطالبه برحيل الرئيس.
ويرد عليه القيادي في الحزب الحاكم عبد الملك الفهيدي بأن رهان أحزاب اللقاء المشترك على الشارع رهان خاسر، فالشارع "منقسم على نفسه ولا يزال جزء كبير منه، إن لم يكن معظمه، مع الحزب الحاكم والرئيس صالح". ويرى الفهيدي بأن المعارضة تدرك أن "استمرار الأمور بهذه الطريقة قد يؤدي إلى مواجهات مسلحة، وهذا سيكون بمثابة الكارثة على الجميع"، معربا عن أمله في أن تتغلب "لغة الحوار على لغة الشارع".
"يريد حوارا لتأبيد كرسي الرئاسة"
من جهته يرى الباحث والمحلل السياسي اليمني عبد الله الدهمشي، في مقابلة مع دويتشه فيله، أن الحوار لم يعد ممكنا في الوقت الراهن نظرا لأنه ليس بمقدور المعارضة قبول أي عرض لا يتوافق مع رأي الشارع المطالب بتغيير النظام. وإذا وافقت المعارضة على الدخول في حوار فإنها، حسب الدهمشي، ستجازف بوحدتها.
وبدوره يؤكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور عبد الله الفقيه أن الحوار لن ينجح في الوقت الراهن إلا في حال سقوط النظام، الذي بات مطلب الشارع اليمني الأساسي. ودعا الفقيه المعارضة إلى "الالتحاق بمطالب الشارع بإسقاط النظام وإلا فإنها ستخسر وتخرج من الخارطة السياسية"، مبينا أن الرئيس صالح انقلب على الدستور وكافة التشريعات.
أما عضو الأمانة العامة للجنة الحوار الوطني عن المعارضة عيد روس النقيب فيقول بأن لجنته دعت النظام قبل ثلاث سنوات إلى حوار وطني شامل لإخراج اليمن من أزماته وإيجاد حلول لها، لكن السلطة صدت الأبواب. ويضيف النقيب، في حوار مع دويتشه فيله، بأن الأنظمة العربية، ومنها النظام اليمني، لم تستطع، بسبب شيخوختها، مواكبة المتغيرات التي دفعت بالشباب إلى التظاهر مطالبين بحقوقهم. ويتساءل النقيب "كيف نحاور النظام ونحن مع مطالب الشعب بإسقاطه".
وقلل النقيب من شأن المبادرة الرئاسية التي طرحها على جمعية العلماء والمشايخ لتسليمها للمعارضة مشددا على أن "المشكلة حاليا خرجت من يد المعارضة والسلطة معا وأصبحت في يد الشعب اليمني". ويسخر النقيب من ادعاءات الرئيس والحزب الحاكم بأن الاحتجاجات والمظاهرات ذات أجندة خارجية "فالشارع اليمني أدرك اللعبة التي لعبها قبله الرئيسان المخلوعان المصري حسني مبارك والتونسي زين العابدين بن علي".
وهيب النصاري ـ صنعاء
مراجعة: أحمد حسو