1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل يواجه الاتحاد الأوروبي نقصاً في إمدادات الغذاء؟

٢٠ أبريل ٢٠٢٢

مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية، يبحث الاتحاد الأوروبي عن سبل تأمين الإمدادات الغذائية داخل أوروبا وفي جميع أنحاء العالم. فماذا تفعل أوروبا كي لا يكون الأمن الغذائي مهددا بشكل مباشر بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا؟

https://p.dw.com/p/4A5ZY
منتجات من حبوب الإفطار بأحد المحال في ألمانيا
ارتفعت أسعار المواد المستخدمة في إنتاج حبوب الإفطار بسبب الحرب في أوكرانياصورة من: Udo Herrmann/CHROMORANGE/picture alliance

مع استمرار الحرب في أوكرانيا، تشعر الأسر في جميع أنحاء العالم بالارتفاع الشديد في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل القمح والزيوت النباتية والسكر.

وفقًا لموقعها، تعتبر منطقة البحر الأسود بمثابة "سلة خبز عالمية"، وتمثل روسيا وأوكرانيا 29٪ من صادرات القمح العالمية، و19٪ من صادرات الذرة و78٪ من صادرات زيت دوار الشمس. لكن الحرب تسببت في تعطيل إنتاج الغذاء وزادت من تضخم أسعاره، وحظرت روسيا صادرات الحبوب فيما تعد عملية حصاد المزروعات في أوكرانيا غير مؤكدة حتى اللحظة.

سلّطت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) الضوء على أن مؤشر أسعار الغذاء العالمي بلغ أعلى مستوى له على الإطلاق في مارس/آذار من هذا العام، وهو أعلى مستوى منذ إنشاء الفاو في الأربعينات.

داخل الاتحاد الأوروبي، ارتفعت أسعار المواد الغذائية والكحول والتبغ بنسبة 4.1٪ في فبراير بعد زيادة بنسبة 3.5٪ في يناير/كانون الثاني.

وقال أرييل برونر، خبير الزراعة في مؤسسة "بيرد لايف أوروبا ووسط آسيا Birdlife" - وهي منظمة تركز على الحفاظ على الطبيعة - إنه "من المهم أن نتذكر أن التهديد الحقيقي للأمن الغذائي يقع في البلدان الفقيرة، ولا سيما في البلدان التي تعتمد بشدة على الواردات من أوكرانيا، كما هو الحال في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا".

وأوضح برونر لـ DW أن "الأمر في أوروبا يتعلق أكثر بالتضخم"، مضيفاً أن "الحبوب وزيت عباد الشمس وحفنة من السلع الأخرى ستواجه على الأرجح صدمة في المعروض. لكن من المهم أن نفهم أن هذا الأمر يتعلق بالمستقبل القريب".

تقلبات أسعار الأغذية في الاتحاد الأوروبي
أنفوغراف: تقلبات أسعار الأغذية في الاتحاد الأوروبي

التبادل بين الاتحاد الأوروبي وروسيا وأوكرانيا

كان الاتحاد الأوروبي شريكًا تجاريًا رئيسيًا لمنتجات غذائية زراعية مختلفة مع كل من روسيا وأوكرانيا. ووفقًا لتقرير صادر عن البرلمان الأوروبي قبل اندلاع الحرب، أرسل الاتحاد الأوروبي 3.7٪ من إجمالي صادراته من الأغذية الزراعية إلى الاتحاد الروسي وحوالي 1.4٪ من وارداته جاءت من روسيا.

وفيما تضمنت صادرات الاتحاد الأوروبي من الأغذية الزراعية: فول الصويا وحبوب الكاكاو والبذور الزيتية والعسل، شملت الواردات من روسيا البذور الزيتية والقمح ومكونات الأعلاف والأسمدة الزراعية.

وفي الوقت نفسه، استحوذت أوكرانيا على 36٪ من واردات الحبوب إلى الاتحاد الأوروبي و 16٪ من البذور الزيتية. بدوره، صدّر الاتحاد الأوروبي بما قيمته أكثر من 3 مليارات يورو من المنتجات الغذائية الزراعية إلى أوكرانيا في عام 2021.

ومع ذلك - وفقًا للمفوضية الأوروبية - يمكن للتكتل أن يتغلب بسهولة على حالة عدم الاستقرار التي سببتها الحرب في أوكرانيا. وقالت المفوضية في بيان "إن الاتحاد الأوروبي يتمتع بالاكتفاء الذاتي من الغذاء إلى حد كبير، مع وجود فائض هائل في الأغذية الزراعية، ويمكن مرة أخرى أن يُتوقع أن تثبت السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي قدرتها على امتصاص الصدمات".

ونشرت المفوضية تقريراً في أوائل أبريل/نيسان، يتضمن تدابير لمساعدة مزارعي الاتحاد الأوروبي على زيادة الإنتاج المحلي من الحبوب مثل القمح والذرة والبذور الزيتية.

لافتة بأحد محلات الأغذية بألمانيا تحدد زجاجة زيت واحدة لكل منزل
ارتفع سعر الزيت النباتي منذ الغزو الروسي لأوكرانياصورة من: Jörg Carstensen/picture alliance

سومر أكرمان، مزارعة شابة وناشطة في قضايا المناخ تقيم حاليًا في فنلندا، قالت لـ DW إن الاتحاد الأوروبي لا يحتاج إلى أن يشعر بالخوف من نقص الغذاء بسبب الحرب: "الاتحاد الأوروبي مُصدّر أساسي للمنتجات الغذائية الزراعية. ومع ذلك، أدى هجوم بوتين على أوكرانيا إلى تضخم أسعار إنتاج الغذاء. وهذا يشمل أيضاً أسعار الطاقة التي تؤثر على الوقود اللازم لتصنيع وتصدير المنتجات الغذائية والزراعية."

وسبق للمفوضية أن حذرت بالفعل من أن ارتفاع تكاليف المدخلات في عمليات الانتاج الزراعي قد يتسبب في استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية، مما يضرب أفقر مجتمعات الاتحاد الأوروبي.

وأكدت أكرمان أن الأمن الغذائي خارج الاتحاد الأوروبي يتأثر أيضًا بالصراع. وقالت: "هناك بعض الدول في شمال إفريقيا تعتمد بشكل كبير على الواردات من روسيا وأوكرانيا لتحقيق أمنها الغذائي. ويحتاج الاتحاد الأوروبي إلى إعادة توجيه الإمدادات الغذائية إلى هذه المناطق أيضاً".

أزمة الأسمدة

أدت الحرب كذلك إلى زيادة أسعار الأسمدة، مما جعل تكاليف الإمدادات الغذائية أكثر تكلفة وأثار غضب المزارعين في العديد من البلدان الأوروبية. ونظم المزارعون في اليونان وفرنسا بالفعل مظاهرات تطالب الاتحاد الأوروبي بضرورة دعمهم في معالجة ارتفاع تكاليف الأسمدة، والتي يخشى الكثيرون من تأثيرها على عملية إنتاج الغذاء.

وبينما أعلنت المفوضية الأوروبية أن المزارعين سيحصلون على مزيد من الإعانات من الاتحاد الأوروبي للتعامل مع ارتفاع تكاليف الوقود والأسمدة، قال بيكا بيسونين، الأمين العام لمجموعة الضغط الزراعية الأوروبية كوبا كوجيكا Copa-Cogeca ، لـ DW: "لقد رأينا ذلك قبل الحرب، كانت هناك زيادة هائلة في أسعار الأسمدة والطاقة وتكلفة العمالة ".

وأضاف بيسونين أن هذه "التكاليف الإضافية كان من الصعب للغاية شرحها لباقي مكونات "سلسلة القيمة" وهما قطاع الصناعات الغذائية وتجار التجزئة".

ويجادل أرييل برونر من منظمة Birdlife بأنه في حين بات من الواضح أن المزارعين يكافحون للإنتاج وسط هذه الأجواء، كشفت هذه الحرب أيضاً عن مشاكل النظام الزراعي الحالي في الاتحاد الأوروبي.

إحدى المزاع في ياكوفليفكا
أصبح المزارعون الأوكرانيون غير متأكدين من عائدات موسم الحصاد المقبل بسبب الحرب.صورة من: Thomas Peter/REUTERS

ويقول برونر: "أصبح الاعتماد الشديد على الوقود الأحفوري مشكلة واضحة وبدأ بعض المزارعين الآن أيضاً في إدراك أنهم يجب أن يكونوا أقل اعتمادًا على الأسمدة النيتروجينية الاصطناعية وأن يلجأوا للمزيد من الممارسات الزراعية الداعمة للبيئة. كما يُظهر ضعفاً شديداً في الزراعات المتخصصة، حيث انتقل العديد من المزارعين من الزراعة المختلطة إلى زراعة نوع واحد فقط من المنتجات".

ويضيف الخبير بالمنظمة أنه "من الواضح للغاية أن جانباً كبيراً من نظامنا الزراعي يواجه ضغوطاً متعددة بشكل زاد من المخاطر التي يتعرض لها المزارعون بشدة، سواء كان ذلك بسبب هذا النوع من الاضطرابات الجيوسياسية أو بفعل تغير المناخ الذي لا يزال يمثل التهديد الحقيقي والأكبر لإنتاج الغذاء".

خطة الاستعداد للأزمة

وبالنظر إلى أن الأمن الغذائي في الاتحاد الأوروبي ليس في خطر، فإن التكتل حريص في الواقع على معالجة نقص الغذاء العالمي خارج حدوده.

يقول المفوض الأوروبي لإدارة الأزمات، جانيز ليناركيتش، إن "ارتفاع أسعار المواد الغذائية يضع الأشخاص الأكثر ضعفاً في جميع أنحاء العالم في وضع أسوأ.. فالغزو الروسي لأوكرانيا يزيد الضغط على النظم الغذائية ويهدد الملايين في جميع أنحاء العالم بالجوع. نطالب بعمل عاجل الآن".

ويضيف بأن الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة سيعملان على معالجة انعدام الأمن الغذائي وتقديم المساعدات الإنسانية للمناطق المعرضة للخطر. وفي الأسبوع الماضي، دعا أعضاء البرلمان الأوروبي أيضاً التكتل إلى زيادة إنتاجه المحلي ودعم البلدان خارج أوروبا التي تواجه نقصاً في الغذاء بسبب الحرب.

عربة تسوق وبها سلع غذائية في ألمانيا
ارتفعت فواتير البقالة في الاتحاد الأوروبي بسبب الحرب في أوكرانياصورة من: Udo Herrmann/CHROMORANGE/picture alliance

ويرى بيكا بيسونين، الأمين العام لمجموعة الضغط الزراعية الأوروبية كوبا كوجيكا Copa-Cogeca، أن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى التعلم من الماضي وأن يصبح أكثر مرونة.

ومتحدثًا من مسقط رأسه في فنلندا، أوضح بيسونين كيف تعاملت أوروبا مع نقص الغذاء في الماضي: "قبل حوالي 100 عام، كانت فنلندا جزءًا من الإمبراطورية الروسية. ثم بسبب الصعوبات السياسية والحروب الثورية في روسيا تم إغلاق الحدود. وهذا يعني أنه كان لدينا بالفعل نقص في الغذاء خاصة في جنوب البلاد".

ويضيف بيسونين: "نتج عن هذه التجربة وجود استعداد سياسي لضمان أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تعمل فعلياً على ما يسمونه (خطة الاستعداد)، حيث يتعين علينا في أي نوع من الأزمات - سواء كانت سياسية أو عسكرية أو حتى طبيعية - أن نتأكد من حصول السكان على المواد الغذائية بشكل جيد وأن لدينا إمدادات مستقرة".

بريانكا شانكار/ع.ح