1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الطيبة ـ قرية الأمل لبقاء المسيحيين في فلسطين

١١ أكتوبر ٢٠١٠

لم يعد المسيحيون يشكلون سوى 2% من مجموع الفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية وقطاع غزة، بعد هجرة كثير منهم بسبب البطالة وتردي الوضع السياسي. لكن قرية الطيبة المسيحية تحاول الحفاظ على سكانها للبقاء فيها عبر أساليب خلاقة.

https://p.dw.com/p/PbCa
منظر قرية الطيبة ببيوتها البيضاء وبرج الكنيسةصورة من: DW

للوهلة الأولى، تبدو قرية الطيبة كباقي القرى الفلسطينية الأخرى. لكن أبراج كنائسها الثلاث البيضاء التي تعلو أسطح منازل القرية توضح للناظر هويتها المسيحية. وحول الكنائس تمتد المنازل المستطيلة الشكل على منحدر التل الذي يحتضن القرية. ثلاث كنائس تكشف عن وجود ثلاثة مذاهب مسيحية في القرية: الأرثوذكس والروم الكاثوليك واللاتين.

يجلس القس رائد أبو ساحلية في مكتبه الواقع خلف الكنيسة وقت الظهيرة، حيث تشتد حرارة الشمس في سماء زرقاء صافية. والأب رائد منشغل دوما، حيث تدور في ذهنه أفكار عديدة : "همي الأول يتمثل في أن يبقى الناس في القرية". ويشير كاهن رعية اللاتين إلى أن عدد سكان القرية في الستينات كان يبلغ حوالي 3400 نسمة، أما الآن فلا يتجاوز عددهم حدود 1400 شخص. وفي هذا السياق يقول رائد "إن الناس يحتاجون إلى ثلاثة أشياء للبقاء في القرية، وهي منزل للسكن وعمل مجد والزواج". ويضيف " من يعمل ويملك المال لإيجار منزل أو بناء منزل جديد، لا يغادر القرية".

"قنديل السلام" يوفر فرصا للعمل

Taybeh Christentum Palästina
ورشة صناعة الفخار في القرية وفرت العمل لعدد غير قليل من السكانصورة من: DW

فرص العمل في الطيبة قليلة أو حتى نادرة. ولهذا قررت الكنائس في القرية العمل بنفسها من اجل توفير هذه الفرص لسكان القرية. وقد أطلقت الكنيسة الكاثوليكية ورشة لصناعة الفخار في موقع يبعد حوالي 300 متر عن الكنسية، أقيم في بناية تشبه إلى حد ما قلعة قديمة من القرون الوسطى.

وفي زاوية من زوايا المبنى يحطم رجال من القرية كتلا صخرية بيضاء ويحولونها إلى مسحوق أبيض اللون, وتغطي طبقة خفيفة منه أرض الورشة. وتعلو رفوف الورشة حمامات بيضاء مصنوعة من هذا المسحوق الأبيض.

يعرض عبد الله يعقوب طيرا من هذه الطيور التي تسمى "قنديل السلام". وتعلو المكان لافتة مخطوطة باللون الأحمر تحمل كلمة " السلام" بسبع لغات. وقد وفرت هذه الورشة فرص عمل لستة وثمانين شخصا. كما يضم المبنى معصرة زيتون، وتوزع الكنسية الكاثوليكية منتجات الورشة من حمامات السلام وزيت الزيتون عبر شركائها من الكنائس في عموم أوروبا.

العمل أفضل من طلب المساعدة

Taybeh Christentum Palästina
حمامات السلام من منتجات الورشة تباع في اوروبا وتسمى قنديل السلامصورة من: DW

ويعتقد القس رعد أن العمل والحصول على المال الكافي لسد الرمق، أفضل من الاعتماد على المساعدات التي تقدمها المنظمات المسيحية العالمية: "لا أعتقد أن مسيحيي الأرض المقدسة يرغبون في التحول إلى شحاذين يسعون وراء الصدقة التي تعتمد على تضامن الآخرين". وباعتزاز يضيف القس " إن مسيحيي الشرق الأوسط يرغبون في العمل والعيش بكرامة".

ويشارك عمدة القرية، داوود خوري، هذا الرأي، وهو يملك نصف أسهم مصنع البيرة الوحيد في فلسطين والموجود في القرية، إلى جانب وظيفته كرئيس لبلدية القرية. وفي الطريق إلى مكتبه يلاحظ الزائر وجود بضعة محال تجارية صغيرة منها مخبز وورشة لتصليح السيارات، وهي شاهد على فقر المشهد الصناعي في قرية طيبة.

وفي الأفق البعيد تلوح أشجار الزيتون التابعة للقرية. ويبلغ عددها حوالي 20 ألف شجرة، لكنها لا تكفي لسد احتياجات السكان المادية. ويقول داوود خوري عن القرية "الطيبة هي آخر قرية مسيحية في فلسطين، وهي بمثابة كنز عظيم لنا وعلينا الحفاظ على هويتها المسيحية".

بناء البيوت للعائلات الشابة

وقد طورت الكنيسة الأرثوذكسية في القرية مشروعا يهدف إلى بناء المنازل لكي يبقى السكان في قريتهم. وجبريل عرنكي، البالغ من العمر 35 عاما، واحد من المحظوظين الذين حصلوا على منزل من هذا النوع. بيته الجديد يحتوي على أثاث موزع بشكل منسق في غرف المنزل، وهو يدعو الزائرين لدخول البيت وشرب فنجان قهوة مع عائلته.

جبريل، الذي أراد دوما العيش في قريته، انتقل إلى بيته الجديد قبل شهر، وهو يعمل في وزارة المالية في حكومة السلطة الوطنية في رام الله. وقد سهّل المنزل الرخيص له أمر البقاء في قريته. وتبني الكنسية البيوت بمشاركة مالية من سكان القرية، وكل من يريد الحصول على بيت جديد، عليه أن يتحمل جزءا من تكاليف البناء، أما الجزء الآخر فتتحمله الكنيسة. وقد حصلت أربع عائلات على بيوت جديدة حتى الآن. وتأمل عائلة جبريل في أن يساهم مشروع بناء البيوت للعائلات الشابة في استمرا بقاء الطيبة قرية مسيحية في فلسطين وأن يزداد عدد سكانها سنويا.

دانيال بيلتس/ حسن ع. حسين

مراجعة: عبد الرحمن عثمان