1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الشركات الألمانية أقل جرأة على الابتكار

١٢ يونيو ٢٠٢٣

الابتكارات ضرورية لازدهار الاقتصاد الألماني والتحوّل إلى مزيد من الاستدامة، ولكن كيف تبدو عزيمة وروح الابداع لدى الشركات الألمانية في الآونة الأخيرة؟

https://p.dw.com/p/4RqaR
ألمانيا- مصنع إنفينيون في ريغنسبورغ - بتاريخ 29 يناير 2013
لا تزال الترانزستورات أساس تطوير التقنيات الجديدةصورة من: Matthias Schrader/AP/picture alliance

 

الابتكارات هي الأساس الذي يرتكز عليه  الاقتصاد الألماني، فمن خلال الإبداع والتطورات الجديدة يمكن للشركات الألمانية أن تثبت نفسها في خضمّ المنافسة الكبيرة مع الصين والدول الصناعية الأخرى، لكن دراسة جديدة أجرتها شركة "إي فيه كونسلت/ IW Consult" للاستشارات أوضحت أن تقدم الابتكارات في الشركات الألمانية لم يعد كما كان عليه في السابق.

تبيّن الدراسة التي قامت بها الشركة بتكليف من مؤسسة "برتلسمان/ Bertelsmann" أن نسبة الشركات الألمانية التي تحافظ على الابتكار في عملها تنخفض بتسارع واضح، فشركة واحدة فقط من كل خمس شركات في ألمانيا يمكن وصفها بأنها مُبتكِرة في الوقت الحاضر، في حين تم تسجيل شركة مبتكرة واحدة من كل أربع شركات ألمانية عام 2019. وبدلا من الثلث تقريبا، تشير المعطيات إلى أن حوالي 38 بالمائة منها أوقفت جهودها في الابتكار خلال السنوات الثلاث الماضية.

رقمنة ألمانيا - صورة رمزية، 12 يناير/ كانون الثاني 2018
الابتكارات ضرورية لإتقان الرقمنة والحد من الكربون والتغيير الديموغرافيصورة من: Thomas Koehler/photothek/picture alliance

هل أصبح الابتكار أقل جدوى؟

تشير الدراسة أيضاً إلى أنه في المتوسط ، تحقق الشركات التي تعتمد على الابتكار في إنتاجها ربحاً أكبر مع كل يورو من المبيعات، بمعنى أنها تحقق صافي أرباح أعلى على مبيعاتها، ومع ذلك كان مجمل عائدات المبيعات لهذه الشركات في عام 2019 أعلى مما هو عليه اليوم، مما يعني أن الابتكارات لم تعد مربحة لها كما كان عليه الحال قبل بضع سنوات.

وفي هذا السياق يقول أرماندو غارسيا شميدت، خبير الاقتصاد في مؤسسة برتلسمان، إن العديد من   الشركات الألمانيةالصغيرة والمتوسطة الحجم تنأى بنفسها عن الابتكار لأن دورات الابتكار أصبحت أقصر من أي وقت مضى، إضافة إلى ذلك أصبح الابتكار بحاجة إلى المزيد من رأس المال لتطويره وتوطيد مكانته في الأسواق، وأضاف أن الشركات غالباً ما تواجه قلة المتخصصين الضروريين للابتكار.

خطر على الازدهار

وحسب الدراسة فإن الشركات الألمانية التي لديها أقوى الابتكارات ستكون أكثر قدرة على المنافسة والصمود في وجه الأزمات، وستقدّم مساهمة أكبر وأكثر ديناميكية في تطوير العمالة، إلا أن الشركات التي تعتبر نفسها رائدة في مجال التكنولوجيا ولديها الجرأة على الابتكار بعيد المدى تتناقص باستمرار، وهذا الأمر سيكون له عواقب وخيمة على موقع الشركات الألمانية في الأسواق العالمية على حد تعبير غارسيا شميدت.

صورة رمزية لمركبات إلكترونية في محطة شحن
الابتكار ضروري لتحويل حركة المرور إلى الطاقة البديلة ذات الكفاءة العاليةصورة من: Karl-Heinz Spremberg/CHROMORANGE/picture alliance

ومن اللافت ما أفادته الدراسة بأن التكنولوجيا لم تعد مصدراً أساسياً للابتكار كما كان عليه الأمر في الماضي، ويعود سبب ذلك إلى أن براءات الاختراع تفقد أهميتها مع مرور الوقت، كما أن عدداً أقل من الشركات تعتبر نفسها رائدة في مجال التكنولوجيا. ومن تبعات ذلك أنها لم تهتم كما ينبغي بتوسيع البحث والتطوير في ألمانيا وخارجها. كما أهملت التعاون مع العلماء في الفترة الممتدة بين عامي 2019 و 2022، وخلٌصَت الدراسة إلى التعاون بين الشركات الكبيرة والشركات الناشئة من جهة، والعلماء والأبحاث من جهة أخرى هو السبيل الأمثل للسيطرة على التعقيدات المتزايدة أما الإبداع والابتكار.

ضعف الابتكار وأضراره

لا يشكل غياب الابتكار أمرا سيئا للازدهار والرفاهية فقط، فهو أيضا يؤثر سلبا على المناخ والبيئة. ويعود السبب في ذلك إلى أن الابتكارات ضرورية لجعل الاقتصاد أكثر استدامة. في المتوسط تلجأ 60 بالمئة من الشركات الألمانية إلى الابتكار المنهجي بهدف حماية البيئة والمناخ، وتريد 53 بالمئة منها أن تصبح أكثر استدامة من خلال الابتكار في منتجاتها، في حين تراهن 36 بالمئة من الشركات على الابتكار في نماذج الأعمال. إن كل هذه الابتكارات لا تعتمد بالضرورة على التكنولوجيا فحسب، بل يمكن أن تشمل مجموعات عملاء جدد، وقنوات تسويق جديدة وأشكال جديدة من التفاعل الاجتماعي.

وبدورها تعني الاستدامة المزيد من الفرص للتجارة والأعمال، في هذا الصدد يقول كارسيا شميدت أننا بحاجة "إلى حلول تكنولوجية في مجال الحياد المناخي؛ كاستخدام المضخات الحرارية لنقل الطاقة على سبيل المثال"، ولأن صناع القرار السياسي يضغطون لاعتماد اقتصاد دائري يوفر الاستخدام في الموارد كخطوة قادمة، يعتقد غارسيا شميدت أنه ما يزال أمام الشركات الألمانية فرصة لتكون في طليعة الشركات على الصعيد العالمي في مجال وضع المعايير التكنولوجية لحلول الاقتصاد المستدام الذي يحمي البيئة، وللقيام بذلك عليها تعزيز قدرتها في مجال الابتكار بأسرع ما يمكن.

الزبائن وإعاقة الابتكار

ويبدو أن الارتباط القوي مع العملاء يشكل عائقًا أمام الابتكارات، ووفقا للدراسة تعمل نسبة كبيرة من الشركات لفترات طويلة في  مجالات أضحت فيها راسخة ولديها علاقة وطيدة وطويلة الأمد مع عملائها ومورّديها. وبهذا الصدد تبيّن الدراسة أن هذه الآلية في العمل تعزز من الابتكار التصاعدي أو التراكمي على أساس خطوة بخطوة، وهذا يعني أنه يتم تطوير التقنيات أو المنتجات أو الخدمات أو نماذج الأعمال مع الحفاظ على جوهرها، غير أن التركيز على احتياجات نفس الزبائن لفترة طويلة من شأنه أن يعيق القدرة على الابتكار الراديكالي التي يُحدث ثورة في السوق. الجدير ذكره أن مثل هذا الابتكار يتطلب من الشركة الاستعداد للقطيعة مع الوضع القائم لديها.

إينزا فريده/ م.ج