1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

السودان ... لا أحد ينجو من ويكيليكس

١٤ سبتمبر ٢٠١١

بعد التسريبات التي طالت مسئولين كبار في السودان، فان الكثيرين من هؤلاء يحبسون أنفاسهم هذه الأيام خوفا من تداعيات ما تضمنته الوثائق التي سربها موقع ويكيليكس الأسبوع الماضي.

https://p.dw.com/p/12Xtg
موقع ويكيليكسصورة من: dpa

لا أحد ينجو من ويكيليكس ! هذه خلاصة قصة وثائق وبرقيات السفارة الأمريكية في الخرطوم، التى سربها موقع ويكيليكس الشهير.

خلال الأيام الماضية تم الكشف عن مئات الوثائق السرية وعن معلومات وأسرار كثيرة كانت في حكم المجهول، أو تم تداولها في جلسات مغلقة فقط. وبالنظر سريعا إلى ما جاء في تلك الوثائق، فإنها لم تستثن أحدا في السودان. فهي تضمنت تصريحات في غاية الحساسية لسياسيين و دبلوماسيين و قادة حركات مسلحة و زعماء عشائر، و لرياضيين سابقين مع مسئولين في السفارة الأمريكية في الخرطوم. ومن أهم مضامين تلك الوثائق ما جاء على لسان مستشار رئيس الجمهورية، مصطفى عثمان إسماعيل، الذي اعتبر أن للحكومة رغبة في التطبيع مع إسرائيل.

Maher Abo algoukh
المحلل السياسي ماهر أبو الجوخصورة من: DW

نفى متوقع

بعد نشر الوثائق في الصحف تسارعت ردود الأفعال النافية جملة وتفصيلا لما جاء في الوثائق. ومن بين تلك الأصوات زعيم قبيلة المحاميد ومستشار رئيس الجمهورية موسى هلال أحد الذين واتهمتهم المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب فظائع فى اقليم دارفور غرب السودان، حيث قام بنفي قاطع لما نسب اليه في الوثائق الأمريكية واشتكى في وقت لاحق من وجود تحريفات في تصريحاته.

أزمة أخلاقية

ويرى المحلل السياسي ماهر أبو الجوخ في حديث مع دويتشه فيله ، أن مواقف النفى بالكامل تعكس أزمة مستفحلة في الخطاب السياسي السوداني. فهي تلخص الخطاب السياسي في البلد وأزمة المسئولين السياسيين الذين يتحدثون في المنابر العامة في الداخل بلسان ويقدمون خطابا مختلفا عندما يلتقون برموز المجتمع الدولي في الجلسات المغلقة، حيث يشكل ذلك أزمة أخلاقية في الخطاب السياسي.

ولا يختلف هذا الرأي عما صرح به أيضا الناشط في المجتمع المدني النذير الوراق، من أن الحكومة إذا تعاملت مع الوثائق بشكل رسمي فإنها ستقع في قفص ازدواجية المواقف والتساؤلات.

واشار الوراق، فى حديث مع دويتشه فيله الى ان ما تسرب من وثائق حول ضيق بعض رجالات الدولة بوضعية رئيس السودان المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية - وهي تسريبات منسوبة لنائب الرئيس علي عثمان ورئيس جهاز الأمن السابق صلاح قوش- أمر يترك وقعا مؤثرا على مكانة الرئيس وموقع مقربيه.

USA Wikileaks Außenministerium in Washington Gebäude
وزارة الخارجية الأمريكية في واشنطنصورة من: AP

ويؤكد الخبير الوراق أن الصراعات السياسية في السودان، يحكمها في الغالب مواقف التستر و الثأر ممن يعتبرون أعداء النظام، مما يؤدي نهاية الأمر، إلى تنحيتهم عن منصبهم العليا.

المحلل أبو الجوخ يتوقع أن تكون للبرقيات والوثائق المسربة تداعيات كثيرة تشمل إبعاد لاعبين أساسيين في المسرح السياسي السوداني عن بصورة نهائية الحكم خلال الأيام القادمة.

تطبيع سري مع إسرائيل؟

مع الإشارة الى البرقية التي كشفت على لسان مستشار لرئيس الجمهورية عن رغبة الحكومة السودانية فى التطبيع مع إسرائيل للتخلص من مشاكلها السياسية مع المجتمع الدولي، فانه من المنتظر أن تحظى هذه الوثيقة بصدى واسع خصوصا وان للسودان موقف معلن ورسمى من مسالة التطبيع مع إسرائيل وهو موقف يعتبر متشددا، بحسب أبو الجوخ، مقارنة مع دول عربية ذات تماس مباشر مع القضية الفلسطينية. ويرى أبو الجوخ أن هذه البرقية تحديدا ستغير مسلمات كثيرة في موقف النظام حتى الآن، اذا صح ماجاء في المعلومات المسربة.

قبيل مواجهة العاصفة

Albrag Elnazer Alwrag
الناشط في المجتمع المدني البراق النذير الوراقصورة من: DW

على عكس المسئولين السياسيين لم يسارع الملياردير أسامة داؤود عبد اللطيف إلى نفى ما نسب اليه في البرقيات الأمريكية. داؤود وجد نفسه في موقف لا يحسد عليه، عندما سمح لنفسه التحدث عن أشياء كثيرة مع مسئولين في السفارة الأمريكية في الخرطوم، حيث عبر في تلك الوثائق عن استيائه البالغ من سياسات النظام في السودان.

حتى الآن لم ينف داوؤد ما نسب إليه، غير أن موسى هلال تحدث نيابة عنه و اعتبر أن كل ما جاء على لسان داوؤد مفبرك. وقال إن ما ورد على لسان داؤود في الوثائق الأمريكية لايمكن تصديقه وتساءل، كيف لرجل اقتصادي مثل أسامة داؤود أن يتحدث فى السياسة بهذا العمق!

تسريبات عن قصد

ويرسم الباحث الاكاديمى محمد الفاتح العالم وجها آخر لأزمة الوثائق والبرقيات الأمريكية حيث اعتبر أن ما ورد في البرقيات الأمريكية من آراء يعكس أزمة حقيقية، تتمثل فى ضعف الحس الديموقراطي كممارسة سياسية. وأضاف الباحث العالم في حديثه مع دويتشه فيله أن كل ما ورد على لسان هذه الشخصيات المختلفة سواء كانت حكومية أو معارضة، لا يعدو أن يكون مجموعة أفكار ووجهات نظر تجاه النظام السياسي القائم ولذلك فليس هناك ما يدعو إلى إثارة زوبعة بهذا الشأن، على حد تعبيره.

غير أن بعض الذين تحدثوا الى دويتشه فيله شككوا في حقيقة البرقيات والوثائق، كما وصفها البعض بالمفبركة، وحذر بعضهم من ضرورة التعامل معها بجدية وعمق في حين تساءل البعض الآخر ما إذا كان هناك حقا تسرب للمعلومات أم أن تسريبها كان عن قصد ؟

كيفما كان الحال، فكل المتحدثين يؤكدون على أهمية محتوى تلك الوثائق وعلى تأثيراتها البالغة في مجرى السياسة السودانية مستقبلا.

عثمان شنقر ـ الخرطوم

مراجعة: عبدالحي العلمي