السعودية والنووي ـ تنويع للطاقة أم سباق تسلح مع إيران؟
٢٠ فبراير ٢٠١٩تجري لجنة تابعة لمجلس النواب الأمريكي تحقيقا حول خطط الرئيس الأمريكي ترامب لبيع تكنولوجيا نووية حساسة للسعودية إرضاء لمصالح شركات أمريكية مؤيدة له. التحقيق يأتي، بحسب ما قالته اللجنة، بعد التبليغ عن العديد من المخالفات تحذر من تضارب مصالح "يمكن أن يندرج تحت نطاق القانون الجنائي الفيدرالي". اللجنة لم تخف قلقها من أن يتم استخدام هذه التكنولوجيا الأمريكية لصناعة قنبلة ذرية.
فماذا وراء هذا القلق؟ هل تسعى السعودية إلى مجرد خلق تنويع في مصادر الطاقة بالفعل، أم هي رسالة لإيران ودول أخرى في المنطقة؟ وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على موازين القوى في المنطقة على المستويين القريب والبعيد؟
ما هي دوافع الرياض؟
منذ سنوات والسعودية تحاول تخفيف اعتمادها الكبير على عائدات النفط وتنويع اقتصادها خاصة بعد الهبوط الكبير الذي عرفته أسعار النفط سنة 2014 والتقلبات التي تعرفها هذه الأسعار بشكل عام، وقد وضعت السعودية هذا الجانب ضمن أهداف رؤيتها الاقتصادية الجديدة 2030. ولطالما صرحت السعودية بأنها تريد تحقيق الاكتفاء الذاتي من الوقود النووي وبأنها غير مهتمة بتحويل التكنولوجيا النووية إلى الاستخدام العسكري، إلا أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان سبق أن صرح لقناة سي بي سي التلفزيونية العام الماضي بأن بلاده ستطور أسلحة نووية إن فعلت طهران ذلك.
سيباستيان سونس الخبير الألماني في شؤون السعودية يرى أن مساعي هذا البلد الحصول على الطاقة النووية يندرج بالدرجة الأولى ضمن تنويع الطاقة. مع ذلك لا يخفف الخبير الألماني من خطر التسلح النووي المحتمل الذي يتهدد المنطقة، فالسعودية التي تعتبر إيران عدوها اللذوذ لطالما حذرت على لسان مسؤولين كبار من برنامج طهران النووي و"من مساعيها لتطوير قنبلة نووية" ومن أن ذلك قد يجعل السعودية تقوم بالمثل.
وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف علق على موضوع التعاون الأمريكي السعودي في مجال الطاقة النووي على صفحته في موقع تويتر قائلا: "يوما بعد يوما يتضح للعالم ما كان دائما واضحا بالنسبة لنا: لا حقوق الإنسان ولا البرنامج النووي كانا يوما مكامن القلق الحقيقية بالنسبة للولايات المتحدة. أولا صحفي مُقَطع، والآن بيع غير شرعي لتكنولوجيا نووية للسعودية يُظهران بشكل جلي نفاق الولايات المتحدة".
أي تداعيات على المنطقة؟
يقول الخبير الألماني سونس إن السعودية منشغلة كثيرا بموضوع البرنامج النووي الإيراني وهناك ضغط وشعور بضرورة التسلح، وكل هذا لن يساهم بطبيعة الحال في استقرار المنطقة سواء تعلق الأمر بسوريا أو اليمن أو بؤر صراع أخرى. ويضيف الخبير في حديث لـ DW: "كلما تصاعد التنافس الإيراني السعودي والتفكير في زيادة التسلح حتى في المجال النووي، كلما ازداد خطر ذلك على استقرار المنطقة برمتها".
وحسب منشور تابع لمركز بون الدولي للدراسات حول القوة النووية، فإن "تقنيتي استخدام الطاقة النووية في المجالين المدني و العسكري مرتبطتان ارتباطا وثيقا وبالكاد يمكن الفصل بينهما، إذ أن الاستخدام المدني للتقنية النووية يتيح الاستفادة من هذه التكنولوجيا والعلم والمواد لتطوير برنامج نووي عسكري كذلك".
يذكر أنه بتاريخ الثاني عشر من فبراير الجاري طرح أعضاء بمجلس الشيوخ الأمريكي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي مشروع قرار يطالب بأن يمنع أي اتفاق أمريكي للتعاون النووي المدني مع السعودية تخصيب اليورانيوم أو إعادة معالجة البلوتونيوم الذي تنتجه المفاعلات، وهما وسيلتان يتم استخدامهما في صنع الأسلحة النووية. وقبل ذلك، بتاريخ 31 أكتوبر الماضي، طالب أعضاء جمهوريون وديمقراطيون بمجلس الشيوخ الأمريكي الرئيس ترامب بتعليق المحادثات المتعلقة بالطاقة النووية المدنية مع السعودية بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
رد فعل إسرائيل
أما إسرائيل التي لطالما شكل البرنامج النووي الإيراني موضوعا مؤرقا لها ومازالت تفعل كل شيء لتحجيم النفوذ الإيراني في المنطقة، فيبدو أن موقفها لن يختلف حتى مع مساعي دولة كالسعودية، "تربطها" حاليا علاقات إيجابية بتل أبيب، الحصول على طاقة نووية سلمية، كما يقول خبراء.
وحتى الآن لم يصدر أي رد فعل رسمي من تل أبيب حول الموضوع، ومع أن الرأي العام الإسرائيلي منشغل حاليا بموضوع الإنتخابات في إسرائيل أكثر من أي شيء آخر إلا أن موقف إسرائيل من الموضوع يندرج ضمن سياستها التقليدية في هذا الخصوص وهي رفض حصول أي دولة عربية مهما كانت على طاقة نووية حتى وإن كان استعمالها سيقتصر على أغراض مدنية كما يقول المحلل السياسي الإسرائيلي يوني بن مناحم في حديث لـ DW عربية.
ويشرح بن مناحم ذلك بالقول: "لا أحد يعلم من سيستلم السلطة في السعودية مستقبلا. ربما تصل جماعات متطرفة إلى الحكم وتستغل الخبرة النووية الموجودة لتطوير برنامج نووي عسكري". هذا بالإضافة إلى أن الطموحات السعودية ستخلق بالضرورة منافسة بين الدول العربية، كما يقول بن مناحم، ويضيف: "حتى إن كانت هذه الطاقة ستستعمل لأغراض سلمية، ستسعى دول عربية أخرى للحصول كذلك على هذه الطاقة وهذا سيعني دخول المنطقة في سباق تسلح نووي لا أحد يعلم مآلاته مستقبلا".
الكاتبة: سهام أشطو