1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

السعودية.. تضاعف عدد الإعدامات رغم وعود احترام حقوق الإنسان

٢١ يوليو ٢٠٢٤

تضاعفت تقريبا عمليات الإعدام عام 2024 في السعودية رغم تعهدها باحترام حقوق الإنسان. فقد سجل المراقبون والحقوقيون زيادة بنسبة 42 بالمئة في عدد الإعدامات ورأوا أن هناك "محاكمات غير عادلة" رغم مساعي المملكة المستمرة للإصلاح.

https://p.dw.com/p/4iWnk
احتجاجات من عام 2016 في واشنطن ضد الإعدامات في السعودية وضد تزويدها بأسلحة
"أحكام الإعدام (في السعودية) ناتجة عن نظام عدالة جنائية تعسفي وقاسٍ بشكل لا يُصدَّق، يسمح بإعدام أفراد لم يتلقوا محاكمة عادلة"صورة من: KEVIN DIETSCH/newscom/picture alliance

ارتفع عدد  الإعدامات في المملكة العربية السعودية بشكل حاد في النصف الأول من هذا العام 2024، فإلى تاريخ 15 يوليو/ تموز 2024 أُعدِم 98 رجلاً وامرأتان بتهم تتعلق بالقتل والإرهاب والمخدرات، ويمثل ذلك زيادة بنسبة 42 بالمئة مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2023، بحسب ما ذكرت هذا الأسبوع المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان ومقرها برلين.

وقال كينيث روث -المدير التنفيذي السابق لمنظمة هيومن رايتس ووتش- والأستاذ الزائر حالياً في كلية الشؤون العامة والدولية في جامعة برينستون لـ DW: "بعض الإعدامات لا تتم حتى بسبب جرائم عادية معترف بها، بل بسبب جرائم سياسية مثل 'تعريض الوحدة الوطنية للخطر أو 'تقويض الأمن المجتمعي‘"، وترى منظمة العفو الدولية أن ثمة "استخدام للقضاء لإسكات المعارضين".

"ازدياد الإعدامات يتناقض مع 'رؤية 2030 السعودية"

ويرى مراقبون أن  الحملة على ذوي الرأي المختلف ومؤيدي حقوقهم تمثل تناقضاً مع "رؤية المملكة العربية السعودية 2030"، وهذه الرؤية عبارة عن إصلاحات مجتمعية واقتصادية صارت بمثابة مشروع مدلَّل للزعيم الفعلي للمملكة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي كان قد قدم مجموعة الإصلاحات هذه في عام 2017 في محاولة للتنويع الاقتصادي -وتقليص اعتماد السعودية على مبيعات النفط- من خلال الاستثمار في التقنيات الخضراء وتعزيز الاستثمار الأجنبي وفتح البلاد أمام السياحة غير الدينية: أيضاً باستضافة أحداث عالمية مثل منافسات الألعاب الإلكترونية القادمة وكذلك كأس العالم لكرة القدم في عام 2034. كما تحسنت حقوق المرأة بشكل ملحوظ، فقد صار يُسمَح للنساء بقيادة السيارات والعمل في جميع الصناعات تقريباً والسفر بمفردهن. وإن ارتفاع عدد الإعدامات "يُظهِر أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ليس مصلحاً سياسياً على الإطلاق"، كما يقول الخبير في مجال حقوق الإنسان كينيث روث لـ DW.

كما أن الزيادة الأخيرة في عمليات الإعدام تتناقض مع تصريح هلا بنت مَزْيَد التويجري -رئيسة هيئة حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية- في وقت سابق من هذا الشهر. والتي كانت قد أبلغت مجلس حقوق الإنسان في جنيف أن "المملكة العربية السعودية عازمة على المضي قدماً نحو تحقيق أفضل المعايير الدولية في حماية وتعزيز حقوق الإنسان، انطلاقاً من مبادئها وقيمها الراسخة، وإرادة قيادتها التي تضع الإنسان فوق كل اعتبار". ويرى علي الدبيسي -الذي يرأس المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان غير الحكومية ومقرها برلين- أن هذه الكلمات تبدو جوفاء مفرغة من معناها، وقال لـ DW إن "حقوق الإنسان الفعلية من شأنها أن تسمح بالانتقاد والمراقبة والمساءلة في النظام السلطوي".

"أين وعود السعودية بالحد من استخدام عقوبة الإعدام في الجرائم غير العنيفة؟"

وعدت الحكومة السعودية بالحد من استخدام عقوبة الإعدام، لا سيما في الجرائم غير العنيفة المتعلقة بالمخدرات والجرائم المتعلقة بالإساءة للأطفال"، كما قالت جوي شيا من منظمة هيومن رايتس ووتش لـ DW، مضيفةً: "للأسف شهدنا تراجعاً كاملاً ومطلقاً عن هذا التوجه ونقضاً واضحاً جداً. وقالت جوي شيا -الباحثة في الشؤون السعودية بمنظمة هيومن رايتس ووتش- لـ DW: "لقد رأينا أن أحكام الإعدام هذه ناتجة عن نظام عدالة جنائية تعسفي وقاسٍ بشكل لا يُصدَّق، يسمح بإعدام أفراد لم يتلقوا محاكمة عادلة". وتتفق مع علي الدبيسي -من المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان- على أن عدم تحرك المجتمع الدولي -بالإضافة إلى عدم محاسبة ولي العهد محمد بن سلمان وحكومته- هو ما أدى إلى ما وصلت إليه البلاد اليوم من قمع وإعدامات. وقالت جوي شيا إن "موقفنا هو أن الحكومة السعودية في عهد ولي العهد محمد بن سلمان لم تخضع للمساءلة -من قِبَل المجتمع الدولي- عن الانتهاكات السابقة وهذا ما سمح له بالمضي قدماً في قمعه".

ساحة إعدامات في الرياض في المملكة العربية السعودية
ساحة إعدامات في الرياض في المملكة العربية السعودية صورة من: Johannes Sadek/dpa/picture alliance

وفي عام 2023 أعدمت المملكة العربية السعودية 172 شخصاً بعد أن أعدمت 196 شخصاً في عام 2022، وهذا يعني مضاعفة العدد بثلاثة أضعاف مقارنةً بعام 2021، بسبعة أضعاف مقارنةً بعام 2020. ومن الدوافع الأخرى لهذه الزيادة السنوية عودة السعودية إلى تطبيق عقوبة الإعدام في الجرائم المتعلقة بالمخدرات، بعد انتهاء إرجاء العمل بهذه العقوبات: أي بعد انتهاء تأجيل سريانها الذي بدأ في يناير / كانون الثاني عام 2020 وانتهى في نوفمبر / تشرين الثاني عام 2022.

"تعزير ليس وفق الشريعة بل بحسب آراء قُضاة أفراد"

وحتى الآن -من بين 100 حالة إعدام في عام 2024- واجه 66 معتقلاً اتهامات بارتكاب القتل، بينما طالت الإعدامات الـ 34 المتبقية أفراداً متهمين بتُهَم متعلقة بالإرهاب والمخدرات. ومما زاد ارتفاعَ عدد الإعدامات هو زيادةُ تطبيق أحكام "التعزير"، ولطالما حذَّر مراقبو حقوق الإنسان من أن أحكام "التعزير" تعسفية نظراً لأن العقوبة لا يحددها تفسير المملكة العربية السعودية للشريعة الإسلامية -المعروفة باسم الشريعة الإسلامية- بل يحددها قُضاةٌ أفراد.

وبحسب المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان فإن التعزير قد طُبِّق -على الأرجح إلى حد كبير- بسبب غياب الشفافية فيما يتعلق بالمحاكم وفيما يتعلق بأنواع الأحكام في بيانات متنوعة -صادرة عن وزارة الداخلية السعودية- متعلقة بعقوبة الإعدام. كما أن غياب المحاسبة وتزايد أحكام التعزير يعرض حياة 69 شخصاً للخطر ممن ترصد المنظمة الحقوقية قضاياهم حالياً. ومن بين هؤلاء تسعة قاصرين: ثمانية منهم يواجهون أحكاماً بالتعزير.

"كلما كانت هناك حرية في التعبير ازداد ليس فقط الانتقاد، بل النجاح أيضاً"

وقالت لينا الهذلول -شقيقة الناشطة النسوية لجين الهذلول المفرَج عنها في الوقت الحالي- والتي تعمل مسؤولة الاتصالات والرصد في منظمة القسط الحقوقية التي تتخذ من لندن مقراً لها، في حديثها مع DW: "لو كانت هناك حرية تعبير في السعودية لبدأ الناس بالتعبير عن آرائهم في مختلف الأمور، وليس فقط في النظام" السياسي. وأضافت أنه كلما كانت هناك حرية في التعبير ازداد ليس فقط الانتقاد، بل النجاح أيضا. وتضيف الهذلول أن "هذا هو المطلوب لكي يكون المجتمع نابضاً بالحياة".

 ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان
كينيث روث: ارتفاع عدد الإعدامات "يُظهِر أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ليس مصلحاً سياسياً على الإطلاق"صورة من: Sergei Savostyanov/Sputnik/REUTERS

ومن وجهة نظرها فإن المجتمع النابض بالحياة لن يشكك في دور ولي العهد، الذي من المقرر أن يصبح ملكاً بمجرد وفاة والده. وقالت الهذلول: ”لو كان حكمه مبنياً على المؤسسات وعلى سيادة القانون لكان هو نفسه والبلاد في وضع قوي جداً بدلاً من أن يكون [محمد بن سلمان] في القمة ويدير البلاد إدارة تفصيلية [تدقق في أدق التفاصيل]".

ومن وجهة نظرها فإن من شأن حقوق الإنسان في السعودية الاستفادة بشكل كبير من مثل هذا السيناريو، وقالت إنه سيكون هناك نظام للضوابط والتوازنات وآليات للمساءلة. "ولكن إذا واصلنا غض الطرف [عن انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها السلطات] فإنها ستضاعف من تكميم أفواه كل من يمكن أن يُنظَر إليه على أنه مخالف محتمل للرأي"، كما قالت لـ DW. وقد تواصلت DW مع هيئة حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية بطلب إجراء حوار مع هيئة حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، ولكنها لم تتلقَّ رداً حتى وقت نشر هذا التقرير.

أعده للعربية: ع.م