1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أزمة في إمدادات الصواريخ الدفاعية بالسعودية وبايدن حائر!

٩ ديسمبر ٢٠٢١

أزمة في الصواريخ الدفاعية بدأت تتضح في السعودية خاصة مع تكثيف الحوثيين لهجماتهم باستخدام أسلحة متنوعة استهدفت أماكن متفرقة. لكن في الولايات المتحدة يدور سجال آخر حول الدعم الأمريكي المستمر إلى ما لا نهاية!

https://p.dw.com/p/440Iz
منظومة باتريوت الأمريكية
تحاول السعودية التصدى للصواريخ والمسيرات الحوثية التي تطلق بكثافة مؤخراً ما أدى لتراجع مخزون الصواريخ الدفاعية لديهاصورة من: picture-alliance/AP Photo/U.S. Department of Defense/S. Apel

أزمة متصاعدة تواجهها السعودية في حربها على اليمن، إذ بدأ مخزون المملكة من الصواريخ، وخصوصاً الدفاعية، يتراجع في الوقت الذي ترتفع فيه وتيرة المعارك بين الحوثيين وقوات التحالف بقيادة السعودية.

تراجع مخزون الصواريخ السعودي أكده مسؤولون أمريكيون وسعوديون، قالوا إن الأزمة تتعلق بشكل أساسي بالصواريخ التي يمكنها التصدي للطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية، الأمر الذي دفع الرياض لطلب المساعدة من واشنطن بل وحتى من حلفائها الخليجيين والأوروبيين بحسب ما ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية.

تصاعد في حدة الهجمات

وتعرضت السعودية على مدى الأشهر العديدة الماضية لهجمات من الحوثيين تصاعدت حدتها بشكل متسارع، وتنوعت ما بين إطلاق نحو اثني عشر صاروخا باليستياً وضربات بطائرات مسيرة، خلال أسبوع واحد. ورغم نجاح الجيش السعودي في صد معظم الصواريخ من خلال نظام صواريخ باتريوت أرض - جو، لكن ترسانته من الصواريخ الاعتراضية تراجعت بشكل خطير، كما قال هؤلاء المسؤولون.

وقال مسؤول حكومي سعودي إن عدد الهجمات على المملكة زاد بشكل كبير. فقد ضربت طائرات من دون طيار الأراضي السعودية 29 مرة الشهر الماضي و 25 مرة في أكتوبر/ تشرين الأول. كما تعرضت البلاد لـنحو 11 هجوما صاروخيا باليستيا الشهر الماضي و 10 في أكتوبر/ تشرين الأول. واعترضت الدفاعات الجوية السعودية صاروخاً باليستياً فوق الرياض يوم الاثنين (06 كانون الأول/ ديسمبر 2021). وقالت وزارة الدفاع إن الصاروخ انفجر بفعل الدفاعات الأرضية لكن شظاياه انتشرت في عدة أحياء سكنية من دون أن تسبب أضراراً.

وقال المبعوث الأمريكي الخاص لليمن تيموثي ليندركينغ في منتدى يوم الجمعة (الثالث من كانون الأول/ ديسمبر 2021) إن الحوثيين نفذوا نحو 375 هجوماً عبر الحدود على السعودية في عام 2021 بحسب ما نقلت صحيفة وول ستريت جورنال.وتخشى السعودية من أنه بدون وجود مخزون كافٍ من صواريخ باتريوت الاعتراضية، فإنه من الممكن أن تؤدي الهجمات الحوثية المستمرة إلى خسائر كبيرة في الأرواح أو إلحاق أضرار بالبنية التحتية النفطية الحيوية. ففي يناير/ كانون الثاني، قصف الحوثيون مبان تابعة للديوان الملكي، لكن لم يصب أحد بأذى.

حرب اليمن: شبح يطارد صفقات الأسلحة الألمانية...وهذه هي آخرها...

سجال بين البيت الأبيض والكونغرس

كان مجلس الشيوخ الأمريكي قد رفض يوم الثلاثاء (8 ديسمبر/ كانون الأول 2021) مشروع قانون كان من شأنه أن يمنع البيع المقترح لصواريخ متقدمة جو-جو متوسطة المدى من طراز "AIM-120S" وقاذفات صواريخ وأسلحة أخرى للسعودية. جاء رفض مشروع القرار بأغلبية 67 صوتاً مقابل 30 صوتاً. وكان عضوا المجلس الجمهوريان راند بول ومايك لي وكذلك بيرني ساندرز من الحزب الديمقراطي، قد طرحوا مشروع القرار لعرقلة صفقة الأسلحة المقترحة البالغ حجمها 650 مليون دولار للسعودية.

وعارض البيت الأبيض قراراً كان من شأنه أن يمنع البيع المقترح لـ 280 صاروخاً جو-جو متوسط المدى للسعودية و596 من قاذفات صواريخ بالإضافة إلى عتاد ودعم آخر. وقال مكتب إدارة الميزانية التابع للبيت الأبيض في بيان: إن صدور قرار من مجلس الشيوخ بهذا الشأن كان "من شأنه أن يقوض التزام الرئيس بالمساعدة في دعم دفاعات شريكتنا في وقت تتزايد فيه هجمات الصواريخ والطائرات المُسيرة على المدنيين في السعودية".

وفي حين أن العديد من المشرعين الأمريكيين يعتبرون السعودية شريكاً مهما في الشرق الأوسط، انتقد أعضاء في الكونغرس أيضاً المملكة بسبب حرب اليمن، التي تقول الأمم المتحدة إنها تسببت في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم. ويرفض مشرعون الموافقة على صفقات السلاح للمملكة دون تأكيدات على أن العتاد الأمريكي لن يستخدم لقتل المدنيين. وأشار المؤيدون للبيع إلى أن إدارة الرئيس جو بايدن منعت بالفعل بيع أسلحة هجومية للسعودية.

الولايات المتحدة مضطرة للدعم

وأعلنت إدارة بايدن غير مرة معارضتها الشديدة لمشروع القرار الذي يطالب بمنع إتمام صفقة بيع الأسلحة للسعودية. وقال مكتب إدارة الميزانية التابع للبيت الأبيض في بيان: إن الموافقة على قرار بمنع إتمام الصفقة "من شأنه أن يقوض التزام الرئيس بالمساعدة في دعم دفاعات شريكتنا في وقت تتزايد فيه هجمات الصواريخ والطائرات المُسيرة على المدنيين في السعودية". وقال مكتب إدارة الميزانية التابع للبيت الأبيض في بيان إن صدور قرار مجلس الشيوخ "من شأنه أن يقوض التزام الرئيس بالمساعدة في دعم دفاعات شريكتنا في وقت تتزايد فيه هجمات الصواريخ والطائرات المُسيرة على المدنيين في السعودية".

ويعتبر محللون أن نداء الحكومة السعودية للولايات المتحدة بالمساعدة والدعم هو اختبار لمدى التزام الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط وخاصة تجاه الرياض، حيث حاولت إدارة الرئيس بايدن إعادة تشكيل العلاقة بينها وبين السعودية حول مجموعة من القضايا بما في ذلك حقوق الإنسان والحرب التي تقودها السعودية في اليمن وواقعة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في اسطنبول.

وعلى الرغم من مخاوفهم بشأن سجل حقوق الإنسان في السعودية وقضايا أخرى، يعتقد المسؤولون الأمريكيون أن عليهم التزام بمساعدة المملكة الغنية بالنفط في الدفاع عن نفسها، خاصة وأن الولايات المتحدة تكافح ارتفاع أسعار النفط. وكان هجوم معقد في عام 2019 قد ضرب منشآت نفطية تابعة لشركة أرامكو، مما أجبر السعودية على تعليق بعض الإنتاج لفترة وجيزة. وهاجم الحوثيون ميناء نفطيا سعودياً كبيراً في مارس/ آذار لكن لم يتسببوا في أضرار. وقال مسؤول كبير بالإدارة الأمريكية في بيان، إن "الولايات المتحدة ملتزمة تماما بدعم الدفاع الإقليمي للسعودية.. نحن نعمل بشكل وثيق مع السعوديين والدول الشريكة الأخرى لضمان عدم وجود فجوة في التغطية."

يذكر أنه في نوفمبر/ تشرين الثاني، وافقت وزارة الخارجية الأمريكية وتم إبلاغ الكونغرس ببيع السعودية نظاما يعرف باسم نظام الصواريخ جو-جو المتقدم متوسط ​​المدى، مقابل 650 مليون دولار. وكانت الحكومة السعودية قد طلبت شراء 280 صاروخا و 596 منصة إطلاق صواريخ للدفاع عن المملكة ضد مثل هذه الهجمات.

الدعم العسكري المستمر ليس حلاً

لكن داخل الإدارة الأمريكية يرى خبراء أن إمداد السعودية بالمزيد من الصواريخ الاعتراضية لن يعالج المشكلة على المدى الطويل، إذتكلف الصواريخ الاعتراضية حوالي مليون دولار للقطعة الواحدة، لكن الطائرات بدون طيار التي يستخدمها الحوثيون صغيرة الحجم وسهلة التصنيع وغير مكلفة نسبيًا إذ قد يصل سعر بعضها إلى 10 آلاف دولار". وقال مسؤول السعودي: "الهجمات التي تنفذها الطائرات المسلحة دون طيار التي تشنها المليشيات الإرهابية تشكل تهديداً أمنياً عالمياً جديداً نسبياً وتتطور وسائل التعامل معها".

وبحسب خبراء في الأسلحة فإنه على الرغم من حيازة السعودية لمنظومة باتريوت المتطورة، تظل الرياض عرضة للخطر، لأن نظام صواريخ باتريوت مصمم لمواجهة الصواريخ الباليستية، وليس الطائرات الصغيرة دون طيار. وقال مسؤولون أمريكيون لصحيفة وول ستريت جورنال إن بطاريات باتريوت لا يمكن أن تدور 360 درجة على سبيل المثال، مما يحد من فعاليتها ضد الطائرات المسيرة. وقال مسؤولون إنه في حالة واحدة على الأقل، حلقت طائرة بدون طيار في مؤخرة بطارية صاروخ باتريوت السعودي فدمرتها.

ولا يوجد لدى الولايات المتحدة برنامج رسمي لمواجهة هجمات الطائرات بدون طيار ولن تكون قادرة على نقل تكنولوجيا مكافحة الطائرات إلى الحكومة السعودية في وقت قريب، كما يقول الخبراء المطلعون على تطوير تكنولوجيا الطائرات المسيرة.

وقال مسؤول سعودي إن بلاده تتعامل مع أنواع مختلفة من الصواريخ والصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار وأن اعتراض كل نوع من هذه الأسلحة يتطلب قدرات مختلفة "ونحن نعمل بنشاط على زيادة وتنويع أنظمتنا حتى نتمكن من مواجهة هذه المقذوفات الجوية" بحسب ما نقلت الصحيفة.

وتطالب الحكومة السعودية الولايات المتحدة بتزويدها بمئات من صواريخ باتريوت الاعتراضية الأخرى التي تصنعها شركة Raytheon Technologies Corp، كما أنها تواصلت مع حلفاء خليجيين، بما في ذلك قطر ودول أوروبية. وقال اثنان من المسؤولين الأمريكيين لصحيفة وول ستريت جورنال إن بيعا مباشرا للصواريخ الاعتراضية إلى المملكة العربية السعودية قيد الدراسة من قبل وزارة الخارجية، وسيُطلب من الوزارة أيضا الموافقة على أي تحويلات من حكومة أخرى مثل قطر.

وكان بايدن قد رفع خلال حملته الانتخابية شعار تغيير سياسة بيع السلاح الأمريكي للحلفاء في الخليج، كما ألغى صفقات كان قد وقّعها سلفه دونالد ترامب مع كل من السعودية والإمارات، الأمر الذي يطرح علامات استفهام حول توجهات الإدارة الأمريكية والسياسات التي طالما انتقدها بايدن وعاد الآن لاتباعها. لكن يبدو أن السعودية أصبحت في موقف حرج جدا، ما دفع بإدارة بايدن لوضع تلك المبادئ التي جاء بها إلى البيت الأبيض جانباً والتدخل لدعم أحد أهم حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.

عماد حسن