الرقم 13، هل يحمل الحلَ السحري لمشاكل الشباب الجزائري؟
١ يناير ٢٠١٣يتطلع الشباب الجزائري بأمل كبير في أن تكون 2013 سنة التغيير، تغيير للواقع المرير الذي يعيشه الكثير منهم، وفاتحة خير عليهم، للقطعية مع كل مشاكلهم المزمنة، وفي مقدمتها البطالة، السكن والزواج، وبأن تفي الحكومة بتعهداتها تمكينهم من فرص تحقيق الذات، ومحاربة الرشوة والمحسوبية، كما يتمنى الكثير منهم أن تكون السنة الجديدة سنة السلام لكل شعوب العالم، وفي مقدمتهم الشعبين السوري والفلسطيني.DW قامت باستطلاع أماني وأمال بعض الشباب من السنة الجديدة.
العمل في صدارة الأمنيات
يأتي العمل في قائمة طموحات الشباب الجزائري للسنة الجديدة، حيث يعاني أكثر من 20 بالمائة منهم البطالة، التي شلت إرادتهم في الإبداع والتمييز، البعض منهم تجاوز سن الأربعين ولم يحظ بفرصة عمل قار، مما زاد من تشاؤم البعض منهم في المستقبل، يقول أحمد (40 سنة)، "أنا لا انتظر السنة الجديدة، فكل أيامي متشابهة، لا فرق عندي بين الأمس والغد" ويضيف أحمد لـDW " أنا في العقد الرابع، ولحد الآن لم أحقق شيئا في هذه الحياة، فلا عمل ولا بيت ولا أسرة"، ويقول أحمد، متحسِرا على سنوات شبابه التي سرقها الزمن دون أن يحقق الحلم في الزواج والأبوة، قائلا " يبدو أني من أولئك الذين يولدون ويموتون دون أن يكون لهم أثر في زمنهم ومجتمعهم".
وينتظر زكريا (25 سنة) أن تحمل له السنة الجديدة "الوظيفة" الذي وعده بها مدير إحدى المؤسسات الاقتصادية، عقب "وسطات " كثيرة للأهل والمعارف، ويؤكد زكريا لـ DW ، التي التقته بمقهى ساحة البريد المركزي في العاصمة، أنه ينتظر أن تحمل له سنة 2013 الأمل في بداية حياته العملية بكل جد، وإصرار على النجاح لخدمة الجزائر وأهلها.
أما نبيلة (23 سنة)، فمتفائلة جدا بالرقم 13، وترى فيه رقم حظها، فهي تنتظر العام الجديد لتحقيق حلمها وحلم والدتها بالنجاح في شهادة الماجستير، في اللغة الفرنسية، تقول لـ DW، رغم الوضع القاتم الذي يعيشه الشباب، "لكن يجب علينا أن نتمسك بالأمل، وأن نكافح من أجل أن يكون الغد أفضل من اليوم"، وترى نبيلة في الجزائر "بلاد الفرص الضائعة"، و"يجب علينا كجزائريين مهما كانت مسؤولياتنا ومكانتنا في المجتمع أن نترجم الفرص إلى نجاحات، وذلك بالإخلاص في العمل والتفاني فيه"، وتتمنى نبيلة، أيضا خلال 2013، "أن ينعم الأشقاء في سوريا وفلسطين بالسلام الدائم، وينتهي عصر الطغيان والاستبداد في العالم أجمع.
"الهجرة طوق نجاة.. والبيروقراطية مرض قاتل"
ويرى قطاع واسع من الشباب، أن لا مكان لهم في الجزائر، ويخططون للنجاح في أماكن أخرى من العالم، فيتطلع فريد (28 سنة)، متزوج وله وإبن، أن يسافر خلال سنة 2013 إلى إحدى البلدان الأوروبية، ليعمل ويستقر هناك مع عائلته الصغيرة، ويضيف فريد لـ DW "لا أريد أن يمر ابني بنفس المسار الذي عشته، وأعايشه الآن، أريد ان افتح له أفقا أوسع، وحياة كريمة في بلد يقدر الشباب ويحترم إبداعه".
الهجرة خلال سنة 2013 ليس حلم فريد وعائلته وحدهما، بل مئات الاف من الشباب الجزائري، وقد ترجمه بعضهم خلال زيارة الرئيس الفرنسي الأخيرة، فقد ردد الشباب في استقبالهم لفرانسوا أولاند "الشعب يريد الفيزا"، تعبيرا منهم عن رغبتهم الكبيرة في مغادرة البلاد:
يقول سليمان 23 سنة، بطال، "لن ابق هنا، سألتحق برفاقي هناك، في أقرب فرصة"، وأتمنى أن أصل إلى الضفة الأخرى، في يوما من أيام سنة 2013، مهما كانت الطريقة، فيزا أو حرقة، المهم الوصول إلى هناك".
أما سعاد (29سنة) المتخرجة من الجامعة سنة 2005، والتي لم تحظ لحد الآن هي الأخرى بفرصة عمل، فهي تتمنى من السنة الجديدة نهاية كابوس البيروقراطية في الجزائر، وأن يوافق البنك على مشروعها الصغير لإنتاج مواد التنظيف، في إطار برنامج رئيس الجمهورية لدعم الشباب، تقول لـ DW "أنا أقترب من اليأس في تحقيق مشروعي الصغير، ثلاث سنوات ونصف من الهرولة بين الإدارات والمؤسسات، ربما ستنتهي بجرة قلم من مسؤول لن يدرس ملفي المقدم والجدوى الاقتصادية التي سيحققها":
وأعربت سعاد عن تخوفها الشديد مما وصفته بـ "لامسؤولية" مسؤولين يعطون المشاريع فقط لأصحابهم ومعارفهم بالملايير، رغم إفلاس فكرة المشروع ذاتها". وتضيف" أتمنى في السنة الجديدة نهاية المحسوبية والبيروقراطية القاتلة لطموحي، وطموح الشباب مثلي".
التغيير عبر الحوار
شباب جزائري آخر، يقدمون "مصلحة الوطن على مصالحهم الشخصية"، وينظرون لواقعهم بعيون ناقدة للسياسات المتبعة في الجزائر، ولممارسات الوزراء والمسؤولين، وينتظرون من سنة 2013، سنة التغيير الحقيقي الذي الذي ينقد البلاد من التخلف بطريقة سلمية وسلسة.
ويرى بدر الدين انه حال الوقت ليتسلم الشباب زمام المبادرة في قيادة البلاد، ويتمنى في حديثه لـ DW" أن يحصل الشعب الجزائري على التغيير الذي يريده في السياسات والقائمين عليها، وذهاب الوجوه التي طالما عبثت بمصير الشباب والشعب الجزائري، ولم تحقق له إلا المزيد من التخلف والضياع". ويثق بدر الدين في قدرة الشباب الجزائري في رفع تحدي تغيير الواقع الذي انتقده رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة نفسه، وطالب بتسليم المشعل للشباب في خطابه بمدينة سطيف(شرق الجزائر)، كما يقول الشاب الجزائري.
ويعتقد الدكتور زهير بوعمامة أستاذ العلوم السياسية بجامعة عنابة، ان فشل الدولة في تحقيق التنمية المستدامة، رغم الوفرة المالية الكبيرة، أفقد ثقة الشباب في الحكومات المتعاقبة، التي أكدت بأنها لا تملك رؤية واضحة لما يريده الشباب منها، وأنها غير قادرة على استيعاب المطالب الملحة لهذه الفئة، التي تعتبر عماد بناء الدولة والمجتمع، "فسوء توظيف الإمكانات الكبيرة الموجودة، وزيادة معدلات الفساد في الدوائر الحكومية، خلق حالة عدم رضى وسخط على كل شيء من قبل الشباب، وانعكس سلبا على قيم المجتمع ومبادئه،وانتشار الآفات الاجتماعية.
ويضيف بوعمامة في حديثه لـ DW " يشعر الكثير من الشباب إلى الاغتراب في الجزائر نتيجة مقارناتهم المستمرة بين ما يرونه هناك لدى الآخرين، وما يعيشونه في واقعهم، لذلك أصبح مطلبهم وحلمهم الوحيد هو الهجرة ". ويرى بوعمامة أن حل مشكلات الشباب لن يكون إلا بفتح نقاشات جادة معهم، خلال سنة 2013، تشارك فيها جميع الأطراف المعنية والقادرة على إيجاد الحلول والمعالجات الناجعة قبل فوات الأوان.