الحكومة الائتلافية الألمانية بلا رؤية تجاه التعليم
٢٠ ديسمبر ٢٠١٣ها قد انقضت خمس سنوات على انعقاد أول قمة ألمانية لدعم التعليم والبحث العلمي في مدينة دريسدن. آنذاك أعلنت ميركل أن ألمانيا ستصبح "جمهورية ألمانية التعليمية". "يشكل كل من التعليم والبحث العلمي"، والكلام هنا لميركل،" أهم موارد وثروات ألمانيا، و يتوجب علينا دعمهما". لا يكف المسؤولون عن ترديد هذا الكلام، لكن المهم هو ألا يبقى حبراً على ورق. وعلى أرض الواقع، هناك الكثير مما يتوجب فعله لدعم التعليم.
على سبيل المثال، يتجه النظام التعليمي في المدارس الألمانية للتحول من دوام نصف نهاري إلى دوام على مدار النهار كاملاً. هذه العملية تتطلب القيام بعملية إعادة هيكلة للمدارس كتأمين وجبة غداء للتلاميذ وما إلى ذلك. لكن المعضلة تكمن في نقص المال اللازم لذلك، فالكثير من المدن والولايات الألمانية لاتمتلك ما يكفي لتمويل ذلك. وعلاوة على ذلك، لا يسمح الدستور الألماني للحكومة المركزية بتمويل العملية التعليمية، لأن التعليم قضية تخص الولايات، ولا دخل للحكومة المركزية فيها.
النظام التعليمي بحاجة للمزيد من الدعم المالي
لا يعاني نظام التعليم الأساسي وحده من نقص في الدعم المادي، بل يشاركه نظام التعليم الجامعي أيضاً. فالجامعات والمعاهد العليا تزدحم بالطلبة، حيث أن عددهم سجل رقما قياسياً في هذا العام، فوصل إلى مليونين وستمائة ألف طالب، وبالتالي يلزم بناء أبنية جديدة، وتجهيز مختبرات حديثة، وكذلك زيادة عدد أعضاء هيئة التدريس.
الطلبة أيضاً يعانون على الصعيد المادي ويتطلعون إلى زيادة قيمة القرض الحكومي الميسرBAFöG. هذا القرض من دون فائدة، والذي قد تصل قيمته إلى 700 يورو شهرياً، يُمنح للطلاب المنحدرين من عائلات ذات دخل منخفض ويترتب على الطالب إرجاع نصف قيمته بعد التخرج وبأقساط ميسرة. ارتفاع الأسعار والتضخم أدى إلى الحيلولة بين الكثير من هؤلاء الطلاب وبين متابعة تحصيلهم العلمي والمهني. وهذا يؤثر على نمو وانتعاش الاقتصاد الألماني، الذي يعاني من نقص في الكفاءات.
ورغم أن هناك الكثير الذي يجب أن تقوم به الحكومة الألمانية لتحسين أوضاع التعليم، إلا أن هذا لم يبدو واضحاً في اتفاق تشكيل الائتلاف. ورغم أن الاتفاق نص على أن "يحتل كل من التعليم والبحث العلمي سلم الأولويات في سياسة الحكومة، وستسعى الحكومة لتوفير المال بالتعاون بين الحكومة الاتحادية والولايات". تقول هورست هبلر، رئيسة مؤتمر عمداء الجامعات الألمانية: "نريد أكثر من مجرد عبارات عمومية فضفاضة. نريد وعوداً ملزمة". الجدير ذكره أن أكثر من 96 بالمئة من الجامعات تنضوي تحت هذا المؤتمر.
وزير خارجية ألمانيا الأسبق مصاب بخيبة أمل كبيرة
لا يخفي وزير الخارجية الأسبق(1988-1992)، كلاوس كنكل، عدم رضاه عن هذا الاتفاق؛ فالوزير السابق يرأس مؤسسة لدعم التعليم والبحث العلمي تتبع شركة الاتصالات الألمانية Deutsche Telekom. ويقول كنكل في تصريح لـDW: "عند مقارنة المسودة الأولية لاتفاق تشكيل الحكومة مع نسخته النهائية، ينتابني شعور بخيبة أمل كبيرة".
لم ترد في اتفاق تشكيل الحكومة أية إشارة إلى التوسع في تطبيق برنامج الدوام في المدارس ليمتد على كامل النهار. وكذلك لم يرد ما يشار إلى رفع قيمة القرض الطلابي BAFöG. وأخيرأً، جاء ذكر مشكلة تحريم التعاون بين الحكومة المركزية والولايات بعبارات غامضة فضفاضة."يبدو أن الساسة لا يدركون أهمية التعليم بالنسبة لمستقبل ألمانيا"، يضيف كنكل بمرارة،" إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فعلى ألمانيا السلام". ولا يبدو الحال بالنسبة للطلبة الأجانب أفضل من نظرائهم الألمان في الاتفاق الحكومي.
وزيرة التعليم والبحث العلمي ترى الأمور بإيجابية أكثر
على عكس الكثيرين، ترى وزيرة التعليم، يوهانا فانكا، اتفاق تشكيل الائتلاف بنظرة إيجابية، حيث قالت في مقابلة مع موقع شبيغل: "لا يمكن أن يدخل الاتفاق في الأمور التفصيلية. ستجري الحكومة إصلاحا على برنامج القرض الطلابي وسندعم التعليم والبحث العلمي بتسعة مليارات من اليوروهات في الأعوام الأربعة المقبلة." لكن هذا التصريح هو مبدأيا مجرد "إعلان نوايا"، خاصة وأن شعار ميركل "جمهورية ألمانيا التعليمية" لم يرد على لسان وزيرتها وعضوة حزبها.