الحراك السياسي في ظل التأثيرات الخارجية
١ أبريل ٢٠١٠بدأت بعد الانتخابات مسيرة صعبة لتشكيل المشهد السياسي، فقد غيّرت نتائجها كل المعادلات، وأوجدت واقعاً سياسياً جديداً، يفرض على كل القوى السياسية؛ الفائزة منها وغير الفائزة أن تقيم تحالفات وتكتلات لاستقبال المرحلة القادمة. ويواجه الجميع الآن مسؤولية تشكيل الحكومة ومجلس النواب وتحديد رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ورئاسة المجلس، وهو ما يسمى اليوم بالرئاسات الثلاث.
لكن الجديد في المشهد السياسي العراقي عام 2010 هو تقلص التأثير الأمريكي إلى حد يكاد يكون غير ملحوظ. وفي المقابل ظهر بوضوح تأثير دول أخرى على القوى السياسية الفاعلة، وبات الجميع يتحدثون عن التأثير الإيراني، علاوة على التأثير التركي والتأثير العربي.
الدكتور غسان العطية مدير المعهد العراقي للتنمية والديمقراطية في لندن أشار إلى أن ذهاب رئيس الجمهورية السيد جلال طالباني وقياديين في ائتلاف دولة القانون والائتلاف الوطني العراقي إلى طهران في يوم إعلان نتائج الانتخابات يؤشر بوضوح إلى دور إيران كلاعب أساسي في العملية السياسية في العراق، مشيرا إلى ان ذلك ليس أمرا مستغربا، فالعراق كما يقول هو رجل المنطقة المريض وإن الكتل الكبيرة في الانتخابات تم تمويلها من دول إقليمية.
( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: غسان العطية: إيران تريد الاستقرار في العراق لضمان انسحاب الولايات المتحدة منه)
من جانبه كشف عبد الرزاق محمود رئيس تحرير وكالة كردستان للأنباء عن ذهاب وفد عربي كردي من الموصل إلى العاصمة التركية أنقرة لحل الخلافات بشأن الانتخابات في نينوى، مشيرا إلى أن هذا قد خطط له منذ شهر تقريبا ومؤكدا أن تركيا تقوم بوساطة تتوخى منها تقريب وجهات النظر بين الفرقاء.
( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: عبد الرزاق محمود: مساع تركية لتقريب وجهات النظر)
أما الدكتور علي رمضان الأوسي مدير مركز دراسات جنوب العراق فذهب الى أنه لا يتفق مع الفرضية القائلة بأن تأثير ونفوذ الولايات المتحدة الأمريكية قد تقلصا في العراق، مشيرا إلى أن مشروع "الشرق الأوسط الكبير" الذي أشارت إليه الولايات المتحدة الأمريكية لم يبدأ حتى الآن، وأن التأثيرات الإقليمية العربية والإسلامية موجودة، وكانت موجودة قبل الوجود الأمريكي وستبقى بعد رحيله.
( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: علي الأوسي: أصل الموضوع اختلاف العراقيين الذي يقوي حضور الآخرين)
مدير مكتب مجلة دير شبيغل الألمانية في القاهرة فولكهارد فيندفور قلل من أهمية التأثيرات الخارجية في المشهد العراقي
( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: فولكهارد فيندفور: التحليل الذي يفسر ما يجري في العراق بتأثير خارجي تحليل مجتزأ )
وعاد د غسان العطية ليؤكد أن قادة القوائم الفائزة في الانتخابات ليسوا بعيدين عن التأثيرات الخارجية، مشيرا إلى أن الدكتور علاوي بنفسه مرتبط الى حد كبير بأطراف خليجية سعت إلى إزاحة المالكي ودعمت علاوي ليحتل موقعه
( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: غسان العطية: الدعم العربي لإياد علاوي لا يخفى على أحد)
من جانبه أكد عبد الرزاق محمود نجاح انتخابات العراق لكنه أشار الى أنها لم تحسم الوضع السياسي في البلاد، والانتخابات في اعتقاده أدخلت العراق في أزمة، مشيرا إلى أن أطراف العملية السياسية في العراق واقعة كلها تحت تأثيرات خارجية، وأن الجميع كانوا في المرحلة التي سبقت الانتخابات على علم بخطة إقليمية تبدأ من اسطنبول إلى الرياض ترمي إلى إزاحة المالكي من موقع رئاسة الحكومة.
( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: عبد الرزاق محمود: خطة إقليمية وراء فوز علاوي في الانتخابات)
د علي الأوسي أشار إلى أن ما جرى في الانتخابات الحالية لم يختلف عما جرى في الانتخابات التي جرت عام 2005، لكنه عاد وأوضح أنّ رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي كشف في مناسبات عدة عن عدم تمسكه بموقع السلطة. ولكن الأوسي أكد من جديد أن اختصار تفاصيل المشهد العراقي بمعادلات التأثيرات الخارجية تعطي المشاهد نظرة مشتتة للمشهد.
( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: علي الأوسي: يجب النظر للمشهد من كل زواياه)
وذهب لؤي الربيعي في مداخلة قصيرة إلى أن معظم التحالفات الجارية يجري خارج العراق وأن هذا مؤشر أكيد على وجود تأثير خارجي في المشهد العراقي.
( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: لؤي الربيعي: التأثير الخارجي واضح)
وشبه الدكتور غسان العطية الوضع في العراق بالوضع في لبنان، لكنه أشار الى اختلاف جزئي يكمن في تفاصيل الدستور اللبناني الذي قامت عليه الدولة وهو دستور بني على المصالح الطائفية.
فيما أشار د علي الأوسي إلى أن النتائج المتقاربة التي حققتها الكتل الفائزة سيجعل من طاولة الحوار المباشر السبيل الوحيد للخروج بالعراق من عنق الزجاجة، مؤكداً على أن هذا كله ينبغي ان يجري في ظل مرجعية الدستور. وعمليا لن يستطيع الدكتور علاوي، كما يقول، تشكيل الحكومة لعجزه عن تحقيق الأغلبية، وكذا القوائم الأخرى، فالتنازلات والتفاهمات هي السبيل إلى تشكيل الحكومة.
د عباس العبادي في اتصال من بغداد اعترض على من يقول إن أصوات السنة قد تشتت بين القوائم، مؤكدا أن وجودهم ضمن قائمة العراقية جعلهم العنصر الأقوى في القائمة. ثم أشار الى أن التدخلات الخارجية لا تخفى على أحد ولكن على العراقيين أن يعملوا بعيدا عن التأثيرات الخارجية وبعيدا عن المحاصصة معربا عن أمله أن ينضوي الجميع تحت مظلة الدستور، وهو المعيار الذي وافق عليه الجميع والذي يمكن ان يجمعهم.
أما عبد الرزاق محمود فقد أشار إلى أن كل المكونات السياسية في العراق خاضعة لتأثيرات خارجية وأن المشهد في كردستان لا يختلف عن هذا الواقع. ثم يقول إن الشك والريبة تدفعان الجميع الى الاحتماء بالخارج ولكنه يرى أن الكرد هم أقل تأثرا بالخارج من غيرهم حسب تعبيره.
وقد لخص د غسان العطية الموقف بأن الساسة مشغولون بالسلطة والصراع عليها وأن الفائزين والخاسرين في الانتخابات يرفضون أن يقودوا المعارضة في البرلمان، متمسكين بالسلطة وقوة الحكومة وأنه ليس بالإمكان إيجاد قاسم مشترك بين الدول المؤثرة في المشهد العراقي ، ثم يقول إنه لا يوجد في العراق على ما يبدو من يسعى إلى خدمة البلد.
د علي الأوسي أشار إلى أن الإعلام لا يقول دائما كل الحقيقة، مشيرا إلى أن الجوار الإقليمي للعراق له دور أخوي فاعل وأن دوره ليس مخربا بالضرورة ، وذهاب هذا الجانب أو ذاك إلى دول الجوار يجب أن لا يكون سببا للغضب .
د قيس من بغداد أشار إلى أن وجود العراق كمنطقة حدودية عربية مع إيران وتركيا كان على مدى التاريخ سببا للخلاف، وأن المصالح المتداخلة هي التي تسبب التوتر وانعدام الاستقرار.
بينما توصل عبد الرزاق محمود إلى أن استقرار العراق لن يتم دون توافق إقليمي دولي أمريكي، مشيرا إلى صعوبة اتفاق هذه الأطراف، فيما قال د العطية إن الأولوية هي لاستقرار العراق وأن الشكوك القائمة بين القوى الفاعلة هي سبب أزمة الثقة، ثم يعبر عن رأيه القائل بأن العراقيين لن ينساقوا خلف الشعارات ليسجلوها كانتصارات وهمية.
فيما اعتبر د الأوسي أن العراق يمر بأزمة، وأن تفاهم القوى السياسية وإنهاء الوجود العسكري الأمريكي بالتفاهم مع دول الجوار هو الكفيل بحل مشكلاته..
الكاتب:ملهم الملائكة Mulham Almalaika .