"الجيش المصري يعلق فشله على منظمات المجتمع المدني"
٢١ فبراير ٢٠١٢سفارة ألمانيا في القاهرة نشرت بيانا ردت فيه على اتهامات تناقلتها الصحف المصرية بشأن نشاط مكتب مؤسسة كونراد أديناور في القاهرة. الرد تناول في اغلبه مسائل تمويل هذه المؤسسة وعلاقة المكتب بمكتب كونراد آديناور في إسرائيل، وعلاقة المكتب بمنظمات المجتمع المدني المصرية، ومسائل إدارية أخرى تتعلق بأنشطة منظمات المجتمع المدني الأجنبية الناشطة عبر العالم. ولإلقاء الضوء على هذا الموضوع تحدثت DW عربية مع شتيفان بوخن الصحفي الألماني المتخصص بشؤون الشرق الأوسط .
DW عربية: هناك من يقول إن جهات في مصر تسعى لإيقاف عمل منظمات المجتمع المدني الأجنبية، ما الدافع وراء ذلك؟
شتيفان بوخن: أعتقد أن الدولة المصرية لا تسعى إلى إيقاف عمل منظمات المجتمع المدني الأجنبية في مصر، بل تحاول عرقلة عملها كإنذار للدول التي تتبع لها هذه المنظمات بأن لا تتدخل في الشؤون الداخلية المصرية.
هل تعتقد أن فوز الإسلاميين في الانتخابات وسيطرتهم على المشهد السياسي هو سبب الهجمة على منظمات المجتمع المدني في مصر؟
أعتقد أن الدولة المصرية ما زالت تحت سلطة المؤسسة العسكرية من خلال الجيش والمجلس الأعلى للقوات المسلحة والمشير محمد حسين طنطاوي ، وهي تعاني اليوم من عدم الثقة بالنفس. فالمجلس يشعر بالعجز عن إدارة شؤون البلد، والعجز عن تنشيط الاقتصاد المصري، وهو لا يريد تسليم السلطة إلى جهة مدنية ، وفي هذه الأجواء، يسعى بعض القيادات في المجلس إلى اتهام منظمات المجتمع المدني الأجنبية بالتدخل في الشؤون المصرية. أي أن العسكر في مصر يحاولون أن يلقوا بذنب العجز السياسي والتدهور الاقتصادي في مصر على عاتق منظمات المجتمع المدني الأجنبية العاملة في مصر ، وهو في المحصلة محاولة إلقاء تبعة الفشل على الدول الأجنبية التي تمثلها هذه المنظمات.
في الوقت الذي دعم فيه الغرب الثورة المصرية، تقف جهات نافذة في الثورة ضد التعاون مع الغرب، كيف تعلق على ذلك؟
علينا أن نذكر بأن من يتهم منظمات المجتمع المدني الأجنبية ليس القوى الثورية في مصر التي تسعى إلى تغيير المجتمع وتأسيس نظام مدني سياسي جديد، بل إن من يوجه الاتهامات اليوم هم بقايا النظام القديم المتمثل في المؤسسة العسكرية، فمن هذا الباب لا يوجد تناقض ، قد تكون المؤسسة العسكرية مستاءة من تدخل منظمات المجتمع المدني الأجنبية وهي لذلك تحاول أن تتهمها بلعب دور في الثورة المصرية، ولكن في الواقع علينا أن نلتزم الحذر من تضخيم دور هذه المؤسسات، فمن ثار في مصر هم جيل الشباب من أبناء مصر في حركة 6 ابريل وليست مؤسسات أجنبية صغيرة ناشطة في مصر.
هناك اتهامات إلى مكتب كونراد آديناور في القاهرة بوجود علاقة له مع مكتبهم في إسرائيل، في وقت تقيم مصر علاقات طبيعية مع هذا البلد، كيف تفسر هذا التناقض؟
هذا اتهام تافه، فمؤسسة كونراد آديناور قريبة من حزب المحافظين المسيحيين في ألمانيا الذي تتزعمه المستشارة أنغيلا ميركل، ولهذه المؤسسة مكاتب في العالم كله، بما في ذلك في إسرائيل وفي مصر وفي أماكن أخرى من العالم ، ولا استطيع أن آخذ هذا الاتهام على محمل الجد، وعلى نفس القياس لا يمكن لمصر أن تتهم ألمانيا على سبيل المثال بامتلاكها سفارة في إسرائيل، وهذا التهام يتناقض أيضا مع وجود علاقات ثنائية لمصر مع إسرائيل، وأنا أتساءل ما الهدف من مثل هذا الاتهام؟
يعزو البعض هذا التوجه ضد المؤسسات الغربية إلى المراهقة الثورية، كيف تقرأ ذلك؟
اكرر ما قلته في السابق، اتهام هذه المنظمات يعود إلى سبب واحد، هو العجز عن إدارة الأمور في مصر والبحث عن مذنبين أجانب، وهذا أسلوب قديم ومن المؤسف أن المؤسسة العسكرية في مصر تتبع اليوم هذا الأسلوب. لاشك أن هذه المنظمات كانت على صلة بمنظمات المجتمع المدني المصري وبجهات كانت تتطلع إلى التغيير في مصر، ولكن هذا لا يعني أن هذه المنظمات وبينها كونراد آديناور هي التي حركت الثورة في مصر. نعم يوجد تبادل آراء بين الطرفين وتوجد علاقة من خلال ندوات أقيمت في القاهرة ومدن مصرية أخرى، ولكن أي مؤسسة مصرية كان يمكن لها أن تقوم بمثل هذه النشاطات في ألمانيا.
أجرى الحوار: ملهم الملائكة
مراجعة: أحمد حسو
شتيفان بوخن: صحفي ألماني غطى أحداث الثورة المصرية والليبية والتونسية وزار العراق عدة مرات وأجرى تحقيقات وريبورتاجات لصالح عدد من محطات التلفزة والإذاعة في ألمانيا.