1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الجزائر- حصن منيع ضد الهجرة وسوق واعدة لشركات ألمانيا

١٧ سبتمبر ٢٠١٨

ملفات الاقتصاد والهجرة المهمة تربط بين ألمانيا والجزائر، فالأرقام تشير إلى تطور نوعي في حجم التبادل التجاري بين البلدين والاهتمام منصب على نقل التكنولوجيا الألمانية وشراء السلاح ومنع الهجرة إلى أوروبا.

https://p.dw.com/p/351SU
Algerien Pressekonferenz Angela Merkel und Ahmed Ouyahia in Algier
صورة من: Getty Images/AFP/R. Kramdi

الجزائر سوق واعدة للاقتصاد الألماني

زارت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل مجدداً الجزائر في زيارة عنوانها العريض "الهجرة والإرهاب العابر للحدود". زيارة أصر الطرفان إذا على إتمامها رغم صعوبة الظروف الصحية للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، وهي الأولى بعد زيارة ميركل الشهيرة قبل عشرة أعوام، والتي تم فيها التوقيع على عدة اتفاقيات تجارية بين البلدين.

وإن كانت زيارة اليوم تحمل هموماً سياسية تشغل الأوروبيين بشكل ملح كملف الهجرة والأزمة الليبية والإرهاب، ولكن الاقتصاد يبقى حاضراً فيها في وقت يبدو أن ألمانيا، الاقتصاد الأقوى في أوروبا، تعيد رسم خريطة علاقاتها التجارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في ظل ما فرضته تطورات السنوات الأخيرة من تحديات سواء على صعيد ملف  سياسة الهجرة أو في ما يخص العلاقات الألمانية مع أكثر من دولة في الشرق الأوسط.

الجزائر: سوق كبيرة ومنبع مهم للطاقة

تربط البلدين علاقات اقتصادية مهمة. فبحسب البيانات الصادرة عن وكالة Germany Trade& Invest التابعة لوزارة الاقتصاد الألمانية، فإن ألمانيا حلت عام 2017 في المرتبة الرابعة بعد الصين وفرنسا وإيطاليا في قائمة الدول المصدرة للجزائر. وبلغت قيمة الصادرات الألمانية إلى الجزائر في العام نفسه 3,1 مليار يورو، شكلت صادرات الآليات والسيارات والمركبات وقطع الغيار حوالي 42% في المئة منها، بينما أشارت البيانات الصادرة عن الوكالة إلى أن أكثر من 48% من الصادرات الألمانية للجزائر كانت على شكل صادرات من نوع آخر لم يحدد. في الوقت نفسه ذكرت منظمة CAAT غير الحكومية ومقرها في بريطانيا أن الجزائر احتلت المركز الأول بين الدول المستوردة للأسلحة الألمانية عام 2016 بما بلغت قيمته أكثر من 1,4 مليار يورو. إذا فالسوق الجزائرية سوق كبيرة بالنسبة لقطاعين مهمين للاقتصاد الألماني: السيارات والسلاح.

 

إلى جانب الصادرات الألمانية المرتفعة إلى الجزائر هناك اهتمام ألماني متزايد بمصادر الطاقة الجزائرية، فالجزائر بلد نفطي، ويشكل النفط والغاز الطبيعي حوالي 95% من عائدات صادرات البلاد، كما أن الصادرات الجزائرية النفطية والبتروكيماوية تقترب بدورها من 95% من مجمل صادرات الجزائر إلى ألمانيا والتي بلغت العام الماضي حوالي 1,2 مليار يورو، حسب أرقام وكالة Germany Trade& Invest.

في حوار له مع DW عربية أوضح الأمين العام للمنظمة العربية الأورومتوسطية للتعاون الاقتصادي الدكتور عبد المجيد العيادي أن الحاجة الجزائرية للمنتجات الألمانية تتعدى ذلك وتصل إلى قطاعات أخرى من أهمها قطاع الطاقة البديلة "الذي يعتبر قطاعاً حيوياً بالنسبة للجزائر وألمانيا على حد سواء" بالإضافة إلى الحاجة الكبيرة لدى الجزائر لإعادة بناء بنيتها التحتية وتطلعها لتحقيق ذلك بخبرات ألمانية حسب قوله.

Deutschland Fregatte für die algerische Marine
فرقاطة جزائرية مصنوعة في معامل شركة تيسن كروب الألمانية. صورة من: picture-alliance/dpa/C. Rehder

استقرار جنوب المتوسط على رأس الأولويات

وفي سياق آخر تعتبر الجزائر واحدة من الدول المغاربية التي يعاني شبابها من البطالة. إذ أن نسبة البطالة في الجزائر تجاوزت الـ 11% من مجمل السكان واقتربت من الربع بين الشباب، مما بات يدفع الشباب الجزائري إلى خوض رحلة الهجرة "غير الشرعية".

ويوضح العيادي أن الجزائر، حالها حال باقي دول شمال إفريقيا، باتت دولة عبور للهجرة من إفريقيا السمراء إلى القارة الأوروبية. ويضيف بالقول"في مدن الشمال في دول مثل المغرب أو الجزائر أو تونس أو ليبيا، حوالي 70% من الراغبين بالعبور إلى القارة الأوروبية ليسوا من أصول مغاربية وإنما سنغالية أو نيجيرية أو من أقصى جنوب القارة "

بناء على هذه المعطيات فإن استقرار الأوضاع الاقتصادية في الجزائر لتقليص أسباب الهجرة أمر مصيري بالنسبة لألمانيا وأوروبا بشكل عام في ظل تعقد أزمة الهجرة وصعود اليمين المتطرف في ألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية مستفيداً من تحديات الأزمة. وبالفعل خطت ألمانيا بعض الخطوات في هذا المجال وافتتحت العام الماضي شركة فولكسفاغن في البلاد وبالتعاون مع شركة جزائرية مصنعاً لتركيب سيارات فولكسفاغن وسيات وسكودا، لتنضم الشركة إلى 200 شركة ألمانية أخرى ناشطة في هذه الدولة الشمال إفريقية.

هل تعوض العلاقات مع شمال إفريقيا الشراكة مع الشرق الأوسط؟

وإذا كانت الجزائر تحتضن حوالي 200 شركة ألمانية فإن الشريك التقليدي لألمانيا في شرق المنطقة العربية، المملكة العربية السعودية، فيها 800 شركة ألمانية ناشطة في مختلف قطاعات الاقتصاد ومن أهمها دايملر وزيمنس وباير وبورينغر، كما أن حجم الصادرات الألمانية إلى السعودية بلغ العام الماضي حولي 6,6 مليار يورو. غير أن هذه العلاقات تمر بفترة جفاء متأثرة بالأزمة الخليجية وتبادل التصريحات الناقدة بين البلدين فيما يخص ملفات التسليح وحقوق الإنسان، كما أن الصادرات الألمانية إلى السعودية انخفضت بين 2015 و2017 لحوالي النصف.

يضاف إلى هذه الصعوبات صعوبات أخرى على الجانب الآخر من الخليج، فبعد قيام الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بالانسحاب بشكل منفرد من الاتفاق النووي الإيراني ومن ثم فرضه عقوبات جديدة على طهران مطلع الشهر الماضي، رأت الشركات الألمانية نفسها مضطرة إلى الانسحاب من السوق الإيرانية، فأعلنت زيمنس نيتها الانسحاب من إيران وقبلها كل من دايملر ودويتشه بان وغيرها من الشركات الألمانية. الخبير الاقتصادي العيادي لم يجد في زيارة ميركل للجزائر فرصة لتعويض الفجوة الحاصلة حالياً في العلاقات الاقتصادية الألمانية مع الشرق الأوسط، وإنما أكد على أن هذه العلاقات لها شكل مختلف وتاريخ مختلف أيضاً حسب قوله، منوهاً إلى أن "العلاقات الألمانية المغاربية تسودها مواضيع سياسية وليس فقط اقتصادية". ولكن ورغم الخصوصية التي تتمتع بها العلاقات الألمانية المغاربية، يأتي تحسين العلاقات بين برلين والجزائر في أفضل وقت بالنسبة لألمانيا.

ميسون ملحم

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد