1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"التصويت بالوجبة و500 جنيه وسط العاصمة المصرية"

٢٨ نوفمبر ٢٠١٠

على عكس معظم الدوائر الانتخابية المصرية امتازت دائرة قصر النيل بهدوء نسبي. فهذه الدائرة تضم ثلاث مناطق متداخلة بوسط القاهرة كما تخلو من مرشحي الإخوان. مراسل دويتشه فيله قام بجولة في هذه الدائرة وسجل الانطباعات التالية.

https://p.dw.com/p/QKXd
"خرج بعض الناخبين بوجبات كنتاكي كانت أدخلت أصلا للمندوبين"صورة من: DW

بدأت الجولة في العاشرة صباحا من مقر اللجنة الانتخابية الكائنة بمدرسة طلعت حرب الفنية (شارع حسين المعمار وسط البلد)، حيث لاحظت منذ الصباح الباكر انخفاض أعداد الناخبين، بما لا يتناسب مع عدد مندوبي الدعاية الذين تراصوا على جانبي الزقاق الضيق الموصل إليها. المشهد أمام اللجنة الخالية يكسره من وقت لآخر دخول أحد مندوبي المرشحين بناخب يتم جلبه من الشوارع الخارجية. وخلافا لقانون اللجنة العليا يدخل المندوب بالناخب إلى داخل حرم اللجنة وصولا إلى صندوق الانتخاب.

وبعد مرور نصف ساعة استوقفنا مشهد يوسف رفقي أديب (عميد متقاعد بالقوات المسلحة). لم يجد أديب أسمه في الكشوف الانتخابية بمقر اللجنة التي يصوت بها منذ 40 عاما. يقول يوسف رفقي: "لم أصوت منذ 20 عاما، ونزلت اليوم كي أسقط مرشحا بعينه (رفض ذكر أسمه). لا أعرف برامج الأحزاب، لكن من أقتنع بأنه متعلم سأصوت له، كفانا وزراء لا يحملون إلا الشهادة الابتدائية (في إشارة إلى وزيرة القوى العاملة الحالية)، ألسنا في عصر الشفافية؟ سأنتخب هذه المرة لعل الأمر يتغير، وأطالب بتطبيق القانون الذي يمنع العاملين بالدولة من الترشح.

يقطع حوارنا ظهور الأطفال محمد محروس (13 سنة) وعبده هاشم (12 سنة) ومحمد محمود (15 سنة)، الثلاثة يرتدون تي شيرتات لمرشح الحزب الوطني هشام مصطفى خليل، الأول يعمل صبيا في ورشة رامي شيروكي للميكانيكا القريبة من اللجنة، وهم جميعا مستأجرون للدعاية مقابل 30 جنيه في اليوم بالإضافة لوجبات الطعام، وأمام ندرة الناخبين حولوا الزقاق الضيق إلى مكان لألعاب الأطفال.

Flash-Galerie Wahl in Ägypten
"ثلاثة أطفال مستأجرون للدعاية لأحد مرشحي الحزب الوطني الحاكم"صورة من: Siavash Dowlatabadi

وسائل النقل العام في قلب المعركة

أمام مدرسة الاتحاد القومي بشارع معروف وجدنا أتوبيس هيئة نقل عام جرى تحويله لنقل مرشحي الحزب الوطني، ورغم ذلك بدت اللجنة خالية من الناخبين. أمام اللجنة وقف إبراهيم السامبو (ميكانيكي) ويعمل في الدعاية الانتخابية لمرشح مستقل. سألناه عن صلته بالمرشح فقال إنه لا يعرف أصلا القراءة والكتابة وأنه كلف بمهمة الدعاية من قبل معلمه (صاحب الورشة). كما أنه لا يملك بطاقة انتخابية، ولا يعرف أن صوته وفقا للقانون قد يكون مدرجا في كشوفها. وأضاف قائلا بأن ما يهمه هو أن "يقفش"، أي أن يحصل على يوميته البالغة خمسين جنيها في نهاية نهار سيكون أقل تعبا من عمله تحت السيارات.

وأمام لجنة مصلحة الكيمياء الواقعة في شارع رمسيس، وعلى مقربة من نقابة الصحفيين، شاهدنا تواجدا كثيفا لرجال الأمن ونساء من كافة الأعمار معظمهن من مندوبي الحزب الوطني. اللجنة مخصصة لتصويت النساء، قابلنا أمامها المواطنة ليلى عبد الجابر. وهي موظفة بشركة مصر للتأمين في القاهرة الجديدة، لكنها كآلاف الموظفين العاملين بالشركة، التي تملك وتدير معظم عقارات وسط العاصمة، تصوت وفقا لمكان عملها. تقول المواطنة إن إجراءات التصويت لم تستغرق وقتا طويلا وإن الشركة الحكومية قامت بعمل بطاقات انتخاب للعاملين بها في هذه الدائرة.

تصويت الممرضات للكوتا

Wahl in Ägypten
ناخب يبحث عن اسمه في سجلات الناخبينصورة من: DW

دائرة قصر النيل لا تحتوي غالبا علي كتل تصويتية جماهيرية باستثناء بعض الجيوب الشعبية في منطقة معروف وحول منطقة ماسبيرو. أما الأحياء البرجوازية كحي غاردن سيتي والزمالك فناخبوها لا يُعتمد عليهم إذ يعتمد الحزب الحاكم على تصويت موظفي الوزارات والشركات الحكومية المنتشرة في أنحاء الدائرة. لذا لا يبدو غريبا أن تحمل السيارة رقم 296 هـ د ممرضات من مستشفى القصر العيني للتصويت لمديحة خطاب، مرشحة الحزب الحاكم على مقعد كوتا المرأة.

وفيما يقف أحمد مراد المندوب الانتخابي لمرشحة المعارضة جميلة إسماعيل في الخارج، بعد أن منعه الأمن من دخول اللجنة، سمحت الشرطة لثلاث من بنات مرشح الحزب الوطني على مقعد العمال (عبد العزيز مصطفى) بالتواجد داخل اللجنة دون توكيلات. وعلى نفس الرصيف تقف نورهان حفظي المراقبة التابعة للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، فقد منعت من دخول اللجنة رغم امتلاكها تصريحا من اللجنة العليا للانتخابات.

الحال في لجنة مركز الحاسب الآلي لجامعة حلوان لا يختلف، لكن مجاورة اللجنة لسور الجامعة الأمريكية جعل الاحتياطات الأمنية مضاعفة. وقد علقت، في مشهد نادر، قوائم للناخبين يستدلون بها على إدراجهم في تلك اللجنة دون الدخول إليها (كما ينص القانون). وفي حين تم منع الصحفيين من الدخول أو الاقتراب، إلا بعد التحقق من هوية الصحفي على يد لواء من قوة الحراسة، لوحظ ازدحام مبالغ فيه في حرم المقر الانتخابي من مندوبي المرشحين الذين يندفعون كلما ظهر ناخب نادر من نهاية الشارع لإقناعه بمرشحهم. ولا يخلو الأمر من خروج بعض الناخبين بوجبات طعام كان قد تم السماح بدخولها للمندوبين، فتم استخدامها كرشى انتخابية على رأس الصندوق.

تسويد بطاقات وطرد مرشحين

Flash-Galerie Wahl in Ägypten
بعض الناخبين أمام أحد مراكز الاقتراع حيث يشاهد وجود كثافة لرجال الشرطةصورة من: DW

وقبيل إغلاق صناديق الاقتراع سرت إشاعة عن تسويد البطاقات لصالح مرشحي الحزب الوطني بالدائرة (بمعنى ملئها دون وجود ناخبين). رئيس اللجنة رفض دخول المرشحة جميلة إسماعيل إلى مقرها (اللجنة) فيما مزق ضباط مدنيون محضرا حاول المرشح إبراهيم الشلقاني توصيله إلى رئيس اللجنة. وقامت قوى الشرطة بتفريق أنصار المرشحة إسماعيل، الذين تجمهروا بعد وصول أنباء من مندوبيهم من داخل اللجان بحالات تسويد للبطاقات. وقد توجه سبعة من مرشحي المعارضة والمستقلين لتقديم بلاغ بما حدث أمام مكتب النائب العام.

وفي مدرسة الإبراهيمية الثانوية الواقعة في قلب حي غاردن سيتي جرى السماح لأحد المواطنين بالدخول للمقر الانتخابي بكارنيه (بطاقة) الحزب الوطني. ويبدو أن ندرة الناخبين جعلت قوة الحراسة الأمنية تتساهل في الكشف على بطاقة الرقم القومي التي تحوي محل الإقامة أو العمل.

وفي منطقة معروف الشعبية، وقبل ساعتين من إغلاق صناديق الاقتراع، سرت إشاعة تناقلها مندوبو اللجان عن وصول سعر الصوت إلى نحو 500 جنيه، وأن التنافس في هذا المجال يدور بين مندوبي مرشحي الحزب الوطني هشام مصطفي خليل وعبد العزيز مصطفى، خاصة وأن النصاب القانوني للحد الأدنى لم يكتمل في معظم اللجان.

هاني درويش ـ القاهرة

مراجعة: أحمد حسو