1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الانتخابات الأوروبية - في أي الدول تصدّر اليمينُ المتطرف؟

خالد سلامة
١٠ يونيو ٢٠٢٤

شهدت الانتخابات الأوروبية تصدر اليمينين المتطرف والشعبوي في عدد من الدول، واكتفاءه بالمركز الثاني والثالث في دول أخرى. فكيف جاءت النتائج في الدول الأوروبية المختلفة؟ وما تأثيرها على صنع القرار في أوروبا؟

https://p.dw.com/p/4grWS
مارين لوبان وجوردان بارديلا
مارين لوبان وجوردان بارديلاصورة من: Julien de Rosa/AFP

فرنسا

حقق اليمين المتطرف الفرنسي فوزاً تاريخياً في الانتخابات الأوروبية بفارق كبير عن معسكر الغالبية الرئاسية. وتصدر حزب التجمع الوطني بقيادة جوردان بارديلا النتائج بنسبة تزيد على 31.5% من الأصوات، متقدماً بفارق كبير على حزب النهضة الذي يتزعمه الرئيس ماكرون (15.2%)، بحسب تقديرات معاهد الاستطلاع. وبذلك سيحصل حزب الجبهة الوطنية على 31 من أصل 81 مقعداً فرنسياً في البرلمان الأوروبي.

وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء الأحد حلّ الجمعية الوطنية وتنظيم انتخابات تشريعية جديدة.

وحقق حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بزعامة جوردان بارديلا أفضل نتيجة له في انتخابات وطنية، وسيساهم بشكل حاسم في صعود قوة المعسكر القومي والسيادي في البرلمان الأوروبي.

أما القائمة "الماكرونية" بزعامة فاليري هاير عضو البرلمان الأوروبي المنتهية ولايتها وغير المعروفة لدى عامة الناس فتراجعت وحصلت على نحو 15%، يليها الاشتراكي الديموقراطي رافاييل غلوكسمان (44 عاماً) الذي سجل ما بين 14 و14,3% أي أكثر من ضعف نتيجته في عام 2019.

واعتبر الرئيس الفرنسي أن نتيجة الانتخابات الأوروبية "ليست جيدة للأحزاب التي تدافع عن أوروبا"، مشيراً إلى أن اليمين المتطرف حصد "ما يقرب من 40% من الأصوات" في فرنسا (إذا أضفنا إلى قائمة بارديلا قائمة حزب "الاسترداد" بقيادة إريك زمور). وتابع ماكرون أن "صعود القوميين والديماغوغيين يشكل خطرا على أمتنا وأيضاً على أوروبا وعلى مكانة فرنسا في أوروبا وفي العالم".

وفي رد فعل فوري، أعلنت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن "نحن على استعداد لممارسة السلطة إذا منحنا الفرنسيون ثقتهم". وخسرت لوبن في مواجهتها مع ماكرون مرتين في الانتخابات الرئاسية لعامي 2017 و2022، وتهدف إلى الوصول للرئاسة في الاستحقاق المقرر عام 2027.

وركّز جوردان بارديلا في خطابه على موضوعات الهجرة والأمن والقوة الشرائية. وبفضل حضوره الإعلامي، تمكن بارديلا من ترسيخ نفسه في أقل من خمس سنوات في المشهد السياسي الفرنسي المتجدد بالكامل، وواصل استراتيجية تغيير الصورة النمطية التي دأبت على شيطنة حزب اليمين المتطرف الفرنسي.

إيطاليا

وتصدر حزب "إخوة إيطاليا" (فراتيلي ديتاليا) اليميني المتطرف الذي تتزعمه رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني، النتائج بنسبة 25 إلى 31% من الأصوات، وفق استطلاعات رأي مختلفة.

وحل الحزب الديموقراطي (يسار الوسط)، حزب المعارضة الرئيسي، في المرتبة الثانية بحصوله على أكثر من 23% تليه حركة خمس نجوم الشعبوية بقيادة رئيس الوزراء السابق جوزيبي كونتي بنسبة تناهز 11%، وفق الاستطلاعات التي أجريت لصالح وسائل الإعلام الإيطالية الرئيسية.

وحصل شريكا ميلوني في الائتلاف الحكومي، حزب الرابطة المناهض للمهاجرين بزعامة ماتيو سالفيني وحزب فورسا إيطاليا المحافظ الذي أسسه سيلفيو برلسكوني، على ما بين 8 و10% من الأصوات.

جورجيا ميلوني
جورجيا ميلونيصورة من: GIUSEPPE LAMI/ANSA/EPA

ويشكل التقدم الذي أحرزته ميلوني مقارنة بالانتخابات الأوروبية لعام 2019 أمراً لافتاً، ذلك أن حزب "إخوة إيطاليا" لم يحصل آنذاك سوى على 6,44% من الأصوات. في ذلك الوقت، كان حزب الرابطة بزعامة سالفيني المشكك في الاتحاد الأوروبي والمتحالف مع حزب التجمع الوطني الفرنسي في البرلمان الأوروبي، هو الذي حصل على حصة الأسد (34,26%). ومن شأن هذه النتيجة أن تتيح لميلوني تعزيز ثقلها في بروكسل.

النمسا

حصل "حزب الحرية" اليميني المتطرف "إف بي أو" على 27% من الأصوات، ليتصدر الانتخابات الأوروبية في البلاد، محققاً بذلك أول فوز له في انتخابات وطنية. ثم حل حزب "إس بي أو" الاشتراكي الديموقراطي ثانيا (23.2%). وحصل حزب الخضر من جهته على 10.7%.

وكان حزب الحرية النمسوي قد فاز بثلاثة مقاعد فقط في البرلمان الأوروبي في انتخابات عام 2019، وهو رقم يُتوقع أن يتضاعف في البرلمان الجديد.

هربرت كيكل ومرشح الحزب الرئيسي هارالد فيلمسكي
هربرت كيكل ومرشح الحزب الرئيسي هارالد فيلمسكيصورة من: Helmut Fohringer/APA/dpa/picture alliance

وقال زعيم الحزب هربرت كيكل أمام مناصريه في فيينا "لقد كتب الناخبون صفحة من التاريخ"، متحدثاً عن "رغبة في بدء حقبة سياسية جديدة في النمسا وأوروبا". وعند وصوله إلى رئاسة الحزب عام 2021، تمكن كيكل من استمالة الناخبين، خصوصاً من خلال خطابه "المعارض للّقاحات" خلال جائحة كوفيد-19، في بلد شهد اتخاذ إجراءات صحية صارمة بلغت حد منع الأشخاص الذين لم يتلقّوا تطعيمات من الخروج من منازلهم.

وفي ما يتعلق بالحرب في أوكرانيا، يدافع السياسي البالغ 55 عاماً عن "حياد" النمسا، منتقداً الدعم المقدّم لأوكرانيا والعقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على موسكو.

المجر

ورغم فوز حزب الاتحاد المدني المجري (فيدس) بزعامة رئيس الوزراء فيكتور أوربان في انتخابات البرلمان الأوروبي، بيد أنه حقق أسوأ نتيجة له في الانتخابات الأوروبية منذ عقود، وفقا لما أعلنته السلطات الانتخابية في وقت مبكر من صباح اليوم الاثنين (10 يونيو/ حزيران) بعد فرز حوالي 95% من الأصوات.

بيتر ماغيار
بيتر ماغيارصورة من: Bernadett Szabo/REUTERS

وجاء حزب فيدس في المقدمة بنسبة 44.4%، فيما حصل الحزب الجديد ،الاحترام والحرية، أو "تيسا"، الذي شكله حليف أوربان السابق بيتر ماغيار، على 29.8% في أول اختبار له في الاقتراع. وأثار ماغيار ضجة هذا العام بعد أن استقال من حزب فيدس الذي يترأسه أوربان ليتولى قيادة حزب "تيسا" الغامض من تيار يمين الوسط.

ووفقا للنتائج الأولية، فقد فاز حزب فيدس بـ 11 مقعداً في البرلمان الأوروبي، متراجعاً عن حصته الحالية البالغة 13 مقعداً. ومن المقرر أن يحصل حزب تيسا على 7 مقاعد. ومن المتوقع أن يحصل تحالف ديمقراطي اشتراكي على مقعدين وحزب "مي هازانك" اليميني المتطرف على مقعد واحد.

ألمانيا

رغم الفضائح الأخيرة التي طالت رئيس قائمته، احتل حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف المركز الثاني بنسبة 15.9% من الأصوات، خلف المحافظين المسيحيين، الذين حصدوا 30%. لكن البديل تقدم بفارق كبير على حزبي الائتلاف الحاكم، الاشتراكيين الديموقراطيين والخضر.

بحسب البيانات الرسمية، حصل التحالف المسيحي في ألمانيا (المكون من الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي البافاري) على 30% من الأصوات.

وحقق حزب البديل من أجل ألمانيا المناهض للمهاجرين والمتشكك في الاتحاد الأوروبي مكاسب كبيرة، حيث حصل على 15.9% من الأصوات، ارتفاعاً من 11% في انتخابات البرلمان الأوروبي عام 2019.

مستقبل المستشار الألماني وانتخابات البرلمان الأوروبي

وجاء في المرتبة الثالثة الحزب الاشتراكي الديمقراطي المنتمي إليه المستشار أولاف شولتس بحصوله على 13.9%، ليسجل أسوأ أداء في انتخابات ديمقراطية على مستوى ألمانيا منذ أكثر من قرن لتيار يسار الوسط، والذي كان تاريخياً أحد الأحزاب المهيمنة في السياسة الألمانية.

وحل في المرتبة الرابعة حزب الخضر بحصوله على 11.9% متراجعا من 20.5% التي سجلها في انتخابات البرلمان الأوروبي عام 2019. وفي المقابل حصل الحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي) - الشريك الثالث الأصغر في الائتلاف الحاكم، على 5.2%.

وحصل الحزب الشعبوي الذي تأسس حديثا "تحالف سارا فاغنكنشت" على نسبة 6.2%، في حين حصل حزب "اليسار" على 2.7% فقط. 

وعقب الهزيمة التي منيت بها أحزاب الائتلاف الحاكم، دعا زعيم الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، ماركوس زودر، إلى إجراء انتخابات مبكرة للبرلمان الاتحادي (بوندستاغ) في أسرع وقت ممكن، مشيرا في ذلك إلى فرنسا.

وقال زودر صباح اليوم الاثنين في تصريحات لمحطة "إن-تي في" التلفزيونية: "لقد انتهت هذه الحكومة بشكل أساسي. يجب أن يسري الأمر الآن على نحو مشابه لفرنسا: كانت هناك دعوات لإجراء انتخابات مبكرة، والآن أعلن ماكرون أجراءها".

ويرى زودر أن هذا يجب أن ينطبق أيضا على ألمانيا، وقال: "بلادنا تحتاج إلى بداية جديدة. لم يعد الائتلاف الحاكم يتمتع بتفويض ولم يعد يحظى بثقة المواطنين، لذلك ينبغي الآن إجراء انتخابات مبكرة في أسرع وقت ممكن".

إسبانيا

وتصدر اليمين المحافظ نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي 2024 في إسبانيا متقدماً على الحزب الاشتراكي بزعامة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، فيما حقق اليمين المتطرف مكاسب. وبحسب النتائج الرسمية، حصل الحزب الشعبي، التشكيل الرئيسي للمعارضة الإسبانية، على نحو 34% من الأصوات و22 مقعداً في البرلمان الأوروبي مقارنة بنحو 30% من الأصوات و20 مقعدا للاشتراكيين.

وحقق حزب فوكس اليميني المتطرف نتيجة أفضل من عام 2019 بحصوله على 6 مقاعد مقارنة بأربعة قبل خمس سنوات (9.62% من الأصوات مقابل 6.21%).

في عام 2019، فاز الاشتراكيون بغالبية كبيرة في الانتخابات الأوروبية (21 مقعداً) متقدمين على الحزب الشعبي (13 مقعداً).

بيدرو سانشيز
بيدرو سانشيزصورة من: Luis Soto/SOPA Images/Sipa USA/picture alliance

مفاجأة هذه الانتخابات هي حزب "انتهى الحفل"، وهو تشكيل جديد يصنف على أنه يميني متطرف وأسسه ناشط مثير للجدل على يوتيوب، وقد حصل على حوالي 4,5% من الأصوات وسيدخل البرلمان الأوروبي بثلاثة نواب.

ونتائج هذا الاقتراع الأوروبي مشابهة عموما للانتخابات التشريعية التي جرت في 23 تموز/يوليو الفائت.

وهيمن على الحملة الانتخابية في إسبانيا في الأيام الأخيرة التحقيق في استغلال النفوذ والفساد الذي يستهدف زوجة سانشيز، فيما أعلن القضاء هذا الأسبوع استدعاءها للمثول أمامه في الخامس من تموز/يوليو المقبل.

بولندا

أما في بولندا، فقد تقدم الحزب الوسطي، الائتلاف المدني، المؤيد لأوروبا بزعامة رئيس الوزراء دونالد تاسك على حزب القانون والعدالة القومي الشعبوي، لكن الأخير حافظ على قسم هام من الأصوات، كما أن اليمين المتطرف المتمثل في حزب كونفيديراجا لن يحصل على أقل من 6 مقاعد في البرلمان الأوروبي. ووفق الأرقام الرسمية التي نشرتها لجنة الانتخابات في البلاد صباح اليوم الاثنين، حصل حزب توسك على 37.1% من الأصوات، أو ما يعادل 21 عضواً في البرلمان الأوروبي.

دونالد تاسك
دونالد تاسكصورة من: Kacper Pempel/REUTERS

هولندا

وعزز الهولنديون الذين كانوا أول من أدلوا بأصواتهم الخميس، موقف حزب خِيرت فيلدرز اليميني المتطرف، حتى وإن اكتفى بالمركز الثاني خلف ائتلاف الديموقراطيين الاشتراكيين والخضر.

أي تأثيرات لهذه النتائج؟

والتوجه المتوقع للبرلمان الأوروبي نحو اليمين يعني أن المجلس قد يكون أقل حماساً للسياسات الرامية إلى معالجة تغير المناخ، بينما سيكون حريصاً على التدابير الرامية للحد من الهجرة إلى الاتحاد الأوروبي، وهو تكتل يضم 450 مليون مواطن.

ومع ذلك فإن حجم النفوذ الذي ستمارسه الأحزاب القومية المتشككة في الاتحاد الأوروبي سيعتمد على قدرتها على التغلب على خلافاتها والعمل معا. وهذه الأحزاب منقسمة حالياً بين كتلتين مختلفين كما أن بعض الأحزاب والمشرعين خارج هذين التجمعين في الوقت الراهن. ولا يزال التقارب بين الكتلتين غير مؤكد بسبب خلافات كبيرة بينهما، خاصة في ما يتعلق بروسيا

 يرى سيباستيان ميلار من معهد جاك ديلور في تصريح لوكالة فرانس برس أن "أصوات اليمين المتطرف واليمين السيادي لا يمكن جمعها معاً، وهذا سيحد من وزنهما المباشر في المجلس التشريعي". ويضيف أن صعود اليمين المتطرف "الواضح خصوصاً في فرنسا، سيؤثّر حتما على المناخ السياسي الذي تعمل فيه المفوضية، وسيتعين على الغالبية أن تأخذ ذلك في الاعتبار". ويحذر المحلل قائلاً: "في حال الفشل في التأثير بشكل مباشر، سيكون اليمين المتطرف قادرا على التأثير بشكل خبيث".

وبينما يتبنى أعضاء البرلمان الأوروبي تشريعات بالتنسيق مع الدول الأعضاء، يمكن لليمين المتطرف أن يجعل صوته مسموعاً في القضايا الحاسمة: الدفاع ضد روسيا التوسعية، والسياسة الزراعية، والهجرة، والهدف المناخي لعام 2040، ومواصلة التدابير البيئية التي يرفضونها بشدة.