1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الأسقف توتو: "من يتغلب على التفرقة العنصرية يمكنه أن يقهر كل المشاكل الأخرى"

بيتر فيليب/اعداد عبده المخلافي١٨ نوفمبر ٢٠٠٦

مشكلات العالم ليست نتيجة لصراع الثقافات ولا تكمن جذورها في الدين، هذا ما توصلت إليه جماعة تحالف الحضارات في تقريرها الأول. عضو الجماعة الاسقف ديسموند توتو أكد في حواره مع دويتشه فيله على مركزية قضية الشرق الأوسط.

https://p.dw.com/p/9PAm
التعايش ليس مستحيلا اذا تحلى ممثلو الاديان بالارادة والموضوعية.صورة من: AP

"تحالف الحضارات" مبادرة أطلقها رئيس وزراء أسبانيا ثاباتيرو في أيلول/سبتمبر 2004 في الأمم المتحدة وتبناها الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان، وتهدف إلى تقريب المؤسسات والمجتمعات المدنية لتخطي الأحكام المسبقة وسوء التفاهم بين الشعوب من مختلف الحضارات والأديان. وأخذت مجموعة العمل المكلفة بهذا المشروع في التوسع لتشمل حوالي 20 شخصية مشهورة من مختلف دول العالم ومن مختلف الديانات مثل الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، كما تضم مستشار يهودي للملك المغربي محمد السادس وكذا الأسقف ديسموند توتو من جنوب أفريقيا.

وقدمت مجموعة العمل هذه قبل أيام تقريرها الأول إلى الأمين العام للأمم المتحدة والذي جاء فيه بأن مشكلات العالم ليست نتيجة "صراع ثقافات" ولا تكمن جذورها في الدين، وإنما ترجع لأسباب اقتصادية وسياسية بالدرجة الأولى. وطالبت المجموعة المجتمع الدولي إيجاد حلول مناسبة لهذه الأسباب، وعلى رأسها الصراع في الشرق الأوسط باعتباره محور الصراع بين الشرق والغرب.

الدين برئ من العنف

Weinendes Mädchen in Palästina Israel Konflikt Gaza
المعاناة والهموم تثقل الملايين من سكان البشرية والصراع الشرق أوسطي محور شقاء البشريةصورة من: AP

"لست متفائلا فحسب، بل لدي أمل كبير." هذا ما عبر عنه الاسقف ديسموند توتو في حديثه الى دويتشه فيله أثناء زيارة له في مدينة بوخوم الألمانية. ويرجع تفاؤل الأسقف توتو بعمل المجموعة إلى عدة أسباب منها اولا ان مجموعة العمل التي صاغت هذا التقرير كانت متنوعة. كما أنها كانت على درجة عالية من التوافق حول الكثير من النقاط التي دار حولها النقاش، حتى يمكن اعتبارها مثالا يحتذي العالم به، وفق رؤية الأسقف. وثانيا يؤمن توتو أن الغالبية في العالم تشاطره هذا الإيمان، بأن الأديان في حد ذاتها ليست مصدرا للعنف او تدفع الى ممارسته.

ويضيف قائلا: "هناك أمثلة كثيرة على التعايش بين الأديان والثقافات المختلفة سواء في الماضي او الآن. لكن من الطبيعي ان هناك أيضا استخداما سيئا للأديان لأغراض أخرى. وهذا ليس بجديد، فقد حاول مثلا القيصر الروماني قسطنطين أن يوحد مملكته باستخدام العامل الديني.

المطلوب توخي الحرص

يلعب الدين في حياة الكثيرين دورا غاية في الأهمية كما انه يشكل جزءا من هويتهم، وهذا هو سبب وجود الكثير من المتشددين. وغالبا ما يتم إساءة توظيف الدين، وليس هذا بالأمر الجديد. فلقد استخدم الدين مثلا لتبرير العبودية والتفرقة العنصرية وكذلك لتبرير المحرقة النازية لليهود. ويقول توتو: "سوء استخدام الدين لا يحدث اليوم للمرة الأولى، لكن يتوجب علينا ان نكون على وعي بأن هناك محاولات للتأثير على الرأي العام". يذكر أن تقرير مجموعة العمل المقدم لكوفي أنان تضمن أيضا سلسلة من المسائل التي يتوجب على المرء ان يأخذها بعين الاعتبار، سواء في مجال السياسة أو الاقتصاد أو التربية للتصدي للمشكلات العالمية. كما تضمن التقرير شرحا وافيا لأسس التعايش المشترك.

التعايش المشترك

EU-Afrika-Konferenz in Brüssel Desmond Tutu
الاسقف توتو: خاطب ضمير البشرية بمنتهى الصراحة والموضوعية....صورة من: AP

في هذا السياق يرى توتو أن علينا أن نحترم معتقدات الآخرين وان لا نسمح لأنفسنا بتحقير الأديان الأخرى أو نسخر منها، كما ينبغي علينا أن نحاول أن نكون مرهفي الحس تجاه كل ما يعتبره الآخرون مهم ومقدس بالنسبة لهم". ويروي قائلا انه تظاهر ضد التفرقة العنصرية في بلاده جنوب أفريقيا مع رجل ديني يهودي على يمينه وإمام مسلم على يساره وكأنهما كانا يشاركانه نفس الهدف ونفس القضية. ويضيف قائلا: "إذا كان قد تم التغلب على التفرقة العنصرية (الابارتهيد) فمن المؤكد بانه سيكون من الممكن التغلب على مشكلات العالم الأخرى."

وهذه المشكلات، في رأيه، لا تتمثل بأي حال من الأحوال فقط في النزاع بين الغرب والعالم الإسلامي. "الموضوع لا يتعلق فقط بالغرب والعالم العربي. فكثير من الناس غير المسلمين في مختلف أنحاء العالم يشعرون أيضا بأنهم مُهمشين. أهل الجنوب يشاركون المسلمين مشاعرهم بالإذلال والإحساس بالعجز."

ويفسر الأسقف توتو سبب تركيز التقرير على الصراع في الشرق الأوسط قائلا: "بالطبع لن تختفي المشاكل الأخرى إذا تم حل الصراع في الشرق الأوسط، لكن يحدونا الأمل أنه يمكن بعد ذلك رؤية تلك المشاكل في حجمها الحقيقي". التقرير يأمل من الأمين العام الجديد للأمم المتحدة أن يعين ممثلا رفيع المستوى يهتم بالأسئلة والمقترحات التي قدمتها المجموعة، وهي مقترحات لا تقتصر فقط على حل الصراع في الشرق الأوسط وإنما تتعداه إلى مجالات التربية والتعليم والإعلام.