1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

اختفاء صوت المثقفين في العراق

١٠ يناير ٢٠١٢

يرى وليد الزبيدي أن إتحاد الأدباء والكتاب في العراق ومعه نقابة الصحفيين العراقيين ونقابة الفنانين وجمعيات واتحادات تحمل عناوين ثقافية وإبداعية غابت عن المشهد السياسي ، ولم يظهر لها أي موقف من الأوضاع في بلاد الرافدين.

https://p.dw.com/p/S5le
مانشيت فيلم عراقي حديث. صمت الثقافة في بلد الحضاراتصورة من: Arab Film Distribution

أكثر من سبب يفرض على المثقف العراقي حضورا واضحا في الوقت الحالي، فقد غاب ، في حين يفترض أن يخرج رؤساء هذه النقابات والاتحادات ببيانات ترسم حجم الخراب الذي يعيشه العراق، وتجمع حشودا من المثقفين والمفكرين والفنانين لتتظاهر ضد الفوضى العارمة التي توجدها المجموعة السياسية والحكومية، وتفضح منازعاتها وخلافاتها التي تصم أذان العراقيين ليل نهار، وتقول للعراقيين إن الذين يشغلونكم بخلافاتهم لا يقدمون شيئا لكم، وإن هذه الخلافات تنحصر في حدود حب الكراسي التي تفضي بالنتيجة إلى اعتلاء شهوة الاستحواذ على المال ما ينتج عن كل ذلك المزيد من الفساد المالي والإداري، الذي يغرق فيه مركب العراق على طريق هلاك أبناء هذا البلد ورفاهية العشرات من المتصارعين حاليا،وأن السياسة لا تعني بمفهومها الحقيقي صراع الشركاء الذين لا يزيد عددهم في جميع الأحوال على المئات وترك اثنين وثلاثين مليون عراقي يتضورون جوعا، ونسيان خمسة ملايين عراقي اضطروا إلى الاكتواء بنار الغربة في الداخل والخارج، وعدم معرفة مئات الآلاف من الأسر لمصير أبنائهم الذين اختفوا بين عصابات إجرامية اختطفتهم أو مفارز الشرطة والجيش اقتادتهم من بين أفراد أسرهم ومضت سنوات على غياب هؤلاء دون أي أثر لهم.

الأدباء والكتاب والفنانون شهود صامتون

من الأمور المثيرة للاستغراب أن يتحول الأدباء والكتاب والفنانون الى شاهد على أيام الخراب التي تعصف بالعراق، دون أن يكون لهم الدور المطلوب في التغيير المطلوب من خلال حشد الشارع الإبداعي، وهنا لا بد من التوقف عند مفردة النخبة التي طالما يتفاخر المبدعون بانضوائهم تحت عنوانها، والتي تعني ببساطة أنهم قادرون على التأثير في فئات المجتمع الأخرى، لأن الآخرين ينظرون إليهم من زاوية أخرى تضعهم في مكانة خاصة،فالنخبة ترى غير ما يراه البسطاء من أبناء المجتمع، ورؤيتهم غالبا ما تكون ثاقبة ودقيقة وتقييمهم لمجريات الأحداث لتذهب إلى العمق ومنها يكون الاستقراء السليم للمستقبل، لهذا فان صمت النخبة يكون قبولها بما يحدث ما ينعكس على شرائح المجتمع الأخرى، فهل يندرج صمت النخب والاتحادات في العراق تحت يافطة قبولهم ومباركتهم لكل ما يجري في العراق؟ وهل يجوز أن يسجل رؤساء هذه الاتحادات والنقابات في صفحة تاريخها موقفا سلبيا ؟

اللافت أن الدكتور فاضل ثامر خلال لقائي معه بالعاصمة الأردنية قبل أسابيع وكان في طريقه لحضور مؤتمر الأدباء العرب بالجزائر، حدثني بفخر عن دور الأدباء في المظاهرات التي خرجت ضد إجراءات حكومية قبل أكثر من سنة، وانطلق هؤلاء من معقل الإبداع والثقافة في العراق شارع المتنبي، والتحق بهم الكثير من العراقيين، وهذا أمر حسن يسجل لاتحاد الأدباء العراقيين، إلا أن خروجهم لم يكن لقضايا تهم عموم العراقيين، ولا اعتراض على ذلك، لكن المطلوب الآن فعل حقيقي ومؤثر لوضع حد للمهازل الخطيرة التي تعصف بالعراق، أما النقابات والاتحادات الأخرى فلم تسجل حضورا في ميدان الاحتجاج ضد الفساد والخراب وانشغال السياسيين في التصارع على الكراسي وترك العراق في مهب العواصف والزوابع وتحت غيوم سود.

"المطلوب من النخب فضح الأخطار"

حتى نقابة المحامين لم تحرك ساكنا إلا بعد أن طاولتها نيران الحكومة وتعرض بعض أعضائها للضرب والإهانة والاعتقال، فخرجوا في مظاهرات بالموصل واعتصام هنا وهناك،وهذا مؤشر سلبي، لأن المطلوب من جميع النخب أن تفضح الأخطار التي تهدد جميع العراقيين وتتصدى لها، وألا تصمت على ممارسات وانتهاكات هائلة بحق الآخرين، وتنبري بصوتها المرتفع بعد أن يقع الحيف على عدد من أعضائها،فطالما تواصلت الممارسات الخطيرة والواسعة واليومية بحق العراقيين، لذلك فإن المطلوب من النخب المثقفة الدفاع عن العراق،لأن العراقيين المساكين لا يوجد من يدافع عنهم،وللأسف الشديد نجد اليوم انزواء وصمتا غريبا لهذه الاتحادات، في الوقت الذي يتحدث فيه الأدباء والفنانون والمفكرون عن دور المبدع في التصدي لكل من يتجاوز على المواطنين وينتهك حقوقهم ويسرق أموالهم ويخرب البلاد، إلا أن الجميع صامتون في زمن الكوميديا السوداء في بلاد الرافدين.

نشرت في صحيفة الوطن العمانية

وليد الزبيدي

مراجعة ملهم الملائكة