1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بعد هجوم زولينغن ـ قطيعة مع تقاليد سياسة اللجوء الألمانية؟

حسن زنيند
٣١ أغسطس ٢٠٢٤

غير هجوم الطعن في مدينة زولينغن الأجواء السياسية في ألمانيا قبيل انتخابات إقليمية يتقدم فيها اليمين المتشدد. فقد تبنت الحكومة حزمة إجراءات أمنية عاجلة، فيما تعالت أصوات للمطالبة بقطيعة مع كل السياسات الماضية ذات الصلة.

https://p.dw.com/p/4k6N9
المستشار الألماني أولاف شولتس رفقة عمدة زولينغن تيم كورتسباخ في تأبين ضحايا الهجوم الإرهابي (26 أغسطس 2024)
المستشار الألماني أولاف شولتس رفقة عمدة زولينغن تيم كورتسباخ في تأبين ضحايا الهجوم الإرهابي صورة من: Ina Fassbender/AFP/Getty Images

أثار هجوم طعن بالسكين في مدينة زولينغن، مرتبط بتنظيم "الدولة الإسلامية" صدمة في ألمانيا أثارت موجة ردود فعل منددة من قبل كافة أطياف المشهد السياسي في البلاد. كما جدد الحادث الجدل بشأن سياسات الهجرة التي تتبناها برلين. وقُتل في الهجوم ثلاثة أشخاص وأصيب ثمانية آخرون يوم الجمعة (23 أغسطس / آب 2024) خلال مهرجان بمناسبة ذكرى تأسيس المدينة. كما أعاد الحادث إلى الواجهة تفاقم الخلافات السياسية حول قواعد اللجوء والترحيل، ذلك أن المشتبه به في الهجوم هو طالب لجوء لم تنجح الحكومة في ترحيله. وانتهزت الأحزاب والجماعات الشعبوية اليمينية على وجه الخصوص هذه القضية كفرصة للدعوة مرة أخرى إلى تشديد سياسة الهجرة والاستشهاد بالحادثة كمثال على ما تعتبره اندماجًا فاشلًا للمهاجرين. وهكذا اشتدت الضغوطات على الحكومة الألمانية التي أعلنت الخميس (29 أغسطس) عن حزمة من التدابير الأمنية الجديدة تعتمد سياسات صارمة، رغم أنها سبق وأن شددت من تلك السياسات حتى قبل هجوم زولينغن.

وبهذا الصدد كتبت صحيفة "نويه تسوريخر تسايتونغ" (26 أغسطس) السويسرية الناطقة بالألمانية معلقة، "الحكومة الألمانية هي المسؤولة (وإن كان بشكل جزئي) عن هذه الكارثة، ذلك أن دخول المهاجرين غير الشرعيين إلى البلاد بأعداد كبيرة هو إرث للمستشارة السابقة أنغيلا ميركل. لكن الحكومة الحالية ساهمت في تفاقم المشكلة. ولم تظهر قط أي اهتمام فعلي بالحد بشكل فعال من الهجرة غير النظامية (..) وفي الوقت نفسه، يتآكل الأمن الداخلي، وتتزايد الفظائع في الأماكن العامة، وتتزايد الهجمات بالسكاكين. (..) تترك الحكومة الألمانية لدى مواطنيها انطباعاً يوحي بأنها لا تسيطر على الوضع. إن السياسيين غير قادرين على السيطرة على مشكلة الهجرة غير الشرعية. وهذا يجعل الأمر سهلاً بالنسبة لأحزاب مثل  حزب البديل  من أجل ألمانيا، كل ما عليه فعله هو التنديد بالوضع القائم فيتدفق الناخبون نحوه".

 

حزمة قوانين عاجلة لطمأنة الرأي العام

تتضمن الحزمة التي من المقرر أن يصوت عليها البرلمان قواعد أكثر صرامة حول حمل الأسلحة وحيازتها بما في ذلك الأسلحة البيضاء، في المناسبات العامة مثل المهرجانات والأحداث الرياضية. وكذلك إعطاء الصلاحية لقوات إنفاذ القانون الاتحاديين في استخدام أجهزة الصعق الكهربائي، وإضافة شروط وتدابير جديدة تتعلق بالتحقق من الأشخاص قبل منحهم تصاريح حيازة الأسلحة. وفي السياق ذاته ستعمل الحكومة على تشديد قوانين وإجراءات اللجوء والإقامة التي تنظم التعامل مع من يرتكبون جريمة تتعلق بسلاح أو أداة خطيرة. ومن المتوقع أيضا تشديد معايير استبعاد الأفراد ومنها فرض عقوبات مشددة على الجرائم الخطيرة، بما يشمل مرتكبي المخالفات من صغار السن.

تنظيم ”الدولة الإسلامية“ يعلن مسؤوليته عن هجوم زولينغنن. كيف لا يزال التنظيم يجند أعضاءه حتى الآن؟

وكتبت صحيفة "ليدوف نوفيني" التشيكية المحافظة (26 أغسطس) بهذا الشأن متسائلة "على من يقع اللوم أو على ماذا؟ انتشار السكاكين التي يتم تنظيم استخدامها بشكل ضعيف للغاية؟ أم أولئك الذين يهاجمون بالسكاكين؟ حتى الآن، كانت الجهود الرامية لتنظيم الأسلحة الخطيرة هي السائدة في ألمانيا، سواء كانت متفجرات أو بنادق أو مسدسات أو سكاكين (..). والآن تخطو ألمانيا خطوة أخرى إلى الأمام، إذ طالب هربرت ريول، وزير داخلية  ولاية شمال الراين- ويستفاليا ، حيث تقع زولينغن، الشرطة بعدم الاحتفاظ بسرية جنسية المجرمين. فهل يعني ذلك أن الناس في ألمانيا بدأوا يأخذون مشكلة الأمن على محمل الجد؟".

 

في عين العاصفة ـ شولتس يمد يده للمعارضة

 

من جهته سارع المستشار أولاف شولتس (28 أغسطس) إلى إعلان عزمه مباشرة مشاورلات رسمية مع أحزاب المعارضة وحكومات الولايات بشأن ترحيل المهاجرين ومكافحة "الإرهاب الإسلاموي" وإصلاح قوانين الأسلحة. وجاءت هذه الخطوة بعد يوم من عرض زعيم المعارضة فريدريش ميرتسالتعاون في إصلاح سياسات الهجرة. يذكر أن ميرتس يترأس الحزب الديموقراطي المسيحي (أكبر حزب معارض) ، كما أنه يرأس الكتلة البرلمانية للتكتل المسيحي الذي يضم إلى جانب حزبه، شقيقه الأصغر الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري.

وبهذا الصدد كتبت صحيفة "كولنر شتادت آنتسايغر" (29 أغسطس) إن "رغبة الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات والائتلاف والمعارضة في تشكيل مجموعة عمل لمعالجة قضية الهجرة أمر صحيح ومهم وقد طال انتظاره، رغم أنه تم انتظار وقوع هجوم إسلاموي مشتبه به للقيام بهذه المبادرة. إن الوضع  مايزال مزعجاً ومحفوفاً بالمخاطر. من غير المسؤول إعطاء الانطباع بأن سياسة الهجرة الأفضل يمكن أن تمنع وقوع أعمال مثل تلك التي وقعت في زولينغن أو مانهايم. فبعد أعمال القتل من قبل أفغاني وسوري، أصبح الأمر يتطلب اتخاذ خطوات فعالة ضد التطرف الإسلاموي والإرهاب الجهادي. إن الخيال القائل بأن عليك فقط التخلص من جميع السوريين والأفغان لا يمكن التعامل معه بجدية أو باعتباره اقتراحًا جديًا".

 

الكراهية الإسلاموية عمق المشكل

 

رصدت عدة مصالح أمنية زيادة مثيرة للقلق في الهجمات الإرهابية المحتملة في أوروبا هذا الشهر. فبالإضافة لهجوم زولينغن اعتقلت الشرطة الفرنسية رجلا جزائريا يبلغ من العمر 33 عاما يشتبه في قيامه بإضرام النار في معبد يهودي في بلدة لا غراند موت الساحلية. وفي وقت سابق من شهر أغسطس الجاري، أوقفت الشرطة النمساوية ما كان يمكن أن يكون حمام دم خلال حفلات تايلور سويفت الموسيقية في فيينا. إن أحداث الأسابيع القليلة الماضية تشير ربما إلى ظهور جيل جديد من الإرهابيين تسيطر عليه أيديولوجيات خطيرة. إن مهاجمة أشخاص يستمتعون بحفل موسيقي أو مهرجان أو حدث رياضي شيء بغيض ومرفوض. إنه تحدٍ حقيقي للحفاظ على أمن وسلامة المواطنين.

وبهذا الصدد كتب موقع "شبيغل أونلاين" (30 أغسطس) معلقا "ليست المشكلة في إقامة (اللاجئين)، بل الكراهية، وهي أيديولوجية تنشر القمع والعنف باسم الدين. ومع ذلك، لا نسمع إلا القليل عن الكيفية التي تريد بها الدولة مكافحة الإسلاموية بجميع أشكالها. يشكل الإسلام السياسي خطراً ظل مكتب الشرطة الجنائية الفيدرالية يحذر منه بشكل متزايد منذ بعض الوقت، خاصة بسبب  الصراع في الشرق الأوسط . البعض يقول: داعش عاد. وبهذا الصدد استشهد الموقع الإعلامي بسفين كورينباخ، رئيس قسم "الإرهاب والتطرف ذو الدوافع الإسلاموية" في المكتب الاتحادي للشرطة الاتحادية في حوار له مع صحيفة "زوددويتشه تسايتونغ" حيث أوضح قائلا "أفضل أن أقول: تنظيم داعش لم يختف أبدًا". مؤخراً، ألغيت ثلاث حفلات لنجمة البوب ​​الأمريكية تايلور سويفت بسبب هجوم محتمل في فيينا. وتم القبض على إسلاميين اثنين واعترف أحدهما. وقام الجاني في مانهايم، وهو أيضًا طالب لجوء مرفوض، بمهاجمة تجمع ينتقد الإسلام".

 

تشديد قوانين الهجرة بدأت قبل زولينغن

 

بشكل عام انخفض عدد طلبات اللجوء الجديدة المقدمة هذا العام (2024) بنحو الخمس ليصل إلى حوالي 141 ألفًا مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. ويرجع ذلك أساسًا إلى حقيقة أن عددًا أقل بكثير من المهاجرين قد وصلوا إلى الاتحاد الأوروبي عبر طريق وسط البحر الأبيض المتوسط ​​وطريق غرب البلقان في الأشهر الأخيرة. عمليا، يحصل طالبو اللجوء الآن على إعانة المساعدة الاجتماعية فقط بعد ثلاث سنوات بدلاً من سنة ونصف. وبهذه الإجراءات، ردت الحكومة على الاتهام بأن المزايا الاجتماعية في ألمانيا جذابة لطالبي اللجوء.

كما أصبح ممكنا احتجاز المهاجرين الذين يُطلب منهم مغادرة البلاد بناءً على أمر من المحكمة. ومن أجل زيادة عدد عمليات الترحيل، قام البرلمان الألماني هذا العام بزيادة المدة القصوى لاحتجاز المهاجرين من عشرة إلى 28 يومًا. ومن أجل تسريع إجراءات اللجوء وتبسيط عمليات الترحيل، تم أيضا توسيع لائحة "البلدان الأصلية الآمنة"، وهي بلدان تعتبرها ألمانيا عمومًا، أنها لا تبعث على الخوف من اضطهاد الدولة. لا يمكن لطالبي اللجوء من هذه البلدان الحصول على حالة الحماية إلا إذا أثبتوا أنه لا يزال هناك خطر في حالتهم المحددة. وبالإضافة إلى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، تم الآن إعلان غانا والسنغال والبوسنة والهرسك ومقدونيا الشمالية وصربيا وألبانيا وكوسوفو والجبل الأسود وجورجيا ومولدوفا "بلدان منشأ آمنة".

بالإضافة إلى ذلك، أبرمت برلين اتفاقيات هجرة مع عدد من الدول، تلتزم فيها الأخيرة باستعادة طالبي اللجوء المرفوضين، وفي المقابل يُسمح لها بإرسال عمال ماهرين بشكل قانوني إلى ألمانيا. وقد أبرمت ألمانيا مؤخراً مثل هذه الاتفاقيات مع جورجيا والهند. وسيتبعها المزيد مع المغرب وكولومبيا وأوزبكستان وقيرغيزستان ومولدوفا وكينيا. ومع ذلك، فإن 60% من طلبات اللجوء الأولية هذا العام جاءت من أشخاص يطلبون الحماية من بلدان أخرى (سوريا وأفغانستان وتركيا).

 

تشديد المراقبة على الحدود

 

شددت ألمانيا مراقبة حدودها مع النمسا منذ عام 2015، ومنذ خريف 2023، دأبت قوات مراقبة الحدود على عمليات تفتيش مفاجئة على الحدود مع بولندا وجمهورية التشيك وسويسرا. وأكدت وزيرة الداخلية نانسي فيزر نيتها في الحفاظ على هذه الإجراءات طالما كانت ضرورية. وبهذا الصدد يذكر أن الاتحاد الأوروبي قام بإصلاح نظام اللجوء، حيث أن طالبي اللجوء الذين ليس لديهم أمل كبير في الحصول على الحماية سوف يخضعون قريباً لإجراءات المسار السريع في ظل ظروف أشبه بالسجن مباشرة على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي. يُعفى القاصرون غير المصحوبين من هذه الإجراءات.

صحيفة "إلباييس" الإسبانية كتبت (29 أغسطس) "منذ هجوم زولينغن، تمت مناقشة موضوع العلاقة بين الهجرة والجريمة بشكل علني في ألمانيا، وهو أمر كان من المحرمات سابقًا. إن حقيقة إجراء انتخابات في ولايتي تورينغن وسكسونيا قريبا تزيد من الضغط أكثر. والدليل على أن قضية الهجرة كانت مركزية بالفعل في ألمانيا وكانت تنتظر فقط سببًا لظهورها، هو حقيقة أن حزب "البديل من أجل ألمانيا" الشعبوي المصنف متطرفا في بعض الولايات، يتقدم بالفعل في استطلاعات الرأي قبل الهجوم (...). حزب يتماهى مع المبررات النازية والمعادية للسامية ويعلن كرهه للأجانب (..). إن الهجرة قضية معقدة ويصعب التعامل معها، وتقديم صورة مبسطة لا يؤدي إلا إلى إجابات مبسطة".

حسن زنيند

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات