أفريقيا.. الفقراء ضحية تجارة العصابات بالأعضاء البشرية
١٩ نوفمبر ٢٠٢٤وصلت تجارة الأعضاء البشرية "إلى أبعاد وبائية، لكن هنك تكتم شديد عليها من قبل الرأي العام"، هذا هو تقييم المحامي النيجيري فرانك تيتي المختص في مجال حقوق الإنسان. ويقول لـ DW: "قد تظن أن الرفض العام سيكون أكبر بكثير، لكن الأمر ليس كذلك".
يركز مركز أبحاث "النزاهة المالية العالمية - GFI" ومقره واشنطن على الفساد والتجارة غير المشروعة وغسيل الأموال. ويقدر المركز أن ما بين 840 مليون و1,7 مليار دولار يتم جنيها سنويا من الاتجار بالأعضاء البشرية.
التبرع بالأعضاء وزراعة الأعضاء من الإجراءات الطبية الراسخة التي تعتبر حيوية لإنقاذ حياة المرضى الذين يعانون من فشل الأعضاء. ويمكن أن تكون الإجراءات ناجحة للغاية إذا تم تنفيذها بموافقة مستنيرة وشفافية. ومع ذلك، هناك قلق من أن عمليات زرع الأعضاء في إفريقيا غالباً ما تكون "مدفوعة أساساً بالفقر وليس بدافع نبيل لإنقاذ حياة شخص"، وكما يقول تيتي لـ DW "فإما أن الناس يبيعون أعضاءهم أو يكون هناك طاقم طبي، وخاصة أطباء عديمو الضمير".
"كم ثمن كليتي؟"
بيع الأعضاء البشرية غير قانوني في جميع أنحاء أفريقيا. ومع ذلك، في عام 2022، اضطر مستشفى كينياتا الوطني في نيروبي إلى نشر منشور على فيسبوك مع تعليق "نحن لا نشتري الكلى". وذلك لأن المستشفى كان قد صنف السؤال "كم ثمن كليتي؟" على أنه السؤال الأكثر شيوعاً.
ومع ذلك وحسب لويليس أوكومو، وهو باحث بارز في معهد الدراسات الأمنية، فإن عمليات الزرع "غير النظامية" ليست كلها قسرية. فخلال تحقيق في الاتجار بالأعضاء في إلدوريت، وهي بلدة في غرب كينيا، وجد أوكومو بائعين راغبين في ذلك: وافق الشباب على بيع كِلاهم مقابل "المال السريع". وقال أوكومو: "لم يتم إجبارهم بأي شكل من الأشكال"، مضيفًا أن المتبرعين عُرض عليهم "ما يصل إلى 6000 دولار" (حوالي 5520 يورو). وللمقارنة: غالبًا ما يدفع أولئك الذين يشترون كلية من خلال تجارة الأعضاء غير المشروعة أكثر من 150 ألف يورو مقابل ذلك، حسب وثيقة صادرة عن البرلمان الأوروبي.
وحسب أوكومو، نادرًا ما يتلقى المتبرعون مبالغ كبيرة من المال. وهو يتذكر رؤية "عدد من الشباب الذين يحملون ندوباً على بطونهم"، وهي علامات تدل على أنهم خضعوا لهذه العملية. لم يبدوا أي خوف من الملاحقة القضائية، حيث كانت السلطات تواجه صعوبة في تطبيق القانون. كان معظمهم قد اشترى دراجة نارية أو بنى منزلاً جديداً، على سبيل المثال. كما كان المتبرعون يجندون شباناً آخرين للتبرع بكلاهم لتزويد السوق السوداء المتنامية خارج كينيا.
نمو الاتجار بالأعضاء
على الرغم من أن التفاصيل حول عالم التجارة غير المشروعة بالأعضاء غير واضحة، إلا أن الخبراء يعتقدون أن مصر وليبيا وجنوب افريقيا وكينيا ونيجيريا هي أكثر البلدان تضرراً في إفريقيا. وأسباب ذلك معقدة، حيث تختلف اللوائح المتعلقة بزراعة الأعضاء والتبرع بالأعضاء من منطقة إلى أخرى. ويستخدم مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة مصطلح "سياحة زرع الأعضاء". كما أعرب مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة عن قلقه من أن الأعضاء المزروعة بطريقة غير مشروعة من السكان المعرضين للخطر يتم توجيهها إلى متلقين أكثر ثراءً.
كما أن رغبة المرضى الأكثر ثراءً في بعض الأحيان في الحصول على الأعضاء بطريقة غير مشروعة ترتبط أيضاً بالنقص الحاد في هذا المجال: فوفقاً للمرصد العالمي للتبرع بالأعضاء وزرع الأعضاء، فإن أقل من 10بالمئة من عمليات الزرع الضرورية طبياً تُجرى في جميع أنحاء العالم.
وفي إفريقيا هناك عدد قليل من المراكز الطبية التي تجري عمليات الزرع القانونية على وجه الخصوص. على سبيل المثال، في تقرير صدر عام 2020، أحصت منظمة الصحة العالمية 35 مركزًا فقط لزراعة الكلى في القارة بأكملها. وتُعزى هذه القدرة غير الكافية إلى نقص إمكانية الوصول ومحدودية الخبرة والدعم المالي.
عملية معقدة
إن الطبيعة غير القانونية والمربحة للاتجار بالأعضاء تعني أن الجهات الفاعلة في هذا المجال منظمة تنظيماً جيداً. ومن أجل تنفيذ عمليات معقدة وإقامة روابط بين المشترين والبائعين، يجب أن تضم الشبكات مشغلين ذوي معرفة طبية جيدة، وجماعات إجرامية محلية وحتى سياسيين.
ويعتقد أوكومو أن بلدة إلدوريت الكينية جزء من مجموعة دولية كبيرة لتجار أعضاء بشرية. فالشباب الذين قابلهم أوكومو "تحدثوا عن أطباء لا يتحدثون اللغة السواحيلية وكانوا من أصل هندي". ولذلك لا بد أنها كانت عملية دولية.
وفي العام الماضي أدانت محكمة في لندن السيناتور النيجيري إيك إيكويريمادو وزوجته وطبيبا، كانوا قد استهدفوا بالاشتراك معًا كلية شاب من لاغوس. وكان هذا أول حكم بموجب قانون العبودية الحديثة في بريطانيا لمعاقبة المشتبه بهم في التآمر لنزع الأعضاء.
ومع ذلك يحذر المحامي النيجيري المدافع عن حقوق الإنسان تييتي أيضًا من "العلاقة الوثيقة بين الاتجار بالبشر وانتزاع الأعضاء": إذ يمكن أن يلجأ المتاجرون بالأعضاء أيضًا إلى ما يسمى بمصانع الأطفال في نيجيريا، وهي عصابات تختطف الفتيات والشابات وتخصبهن رغمًا عنهن وتبيع الأطفال الرضع في السوق السوداء.
بالنسبة للمحامي من الواضح أن المراكز الطبية المحلية تتحمل أيضًا مسؤولية عن عدم حماية الأشخاص الضعفاء من الاستغلال، ويقول "ماذا سيحدث عندما يقول الطاقم الطبي، وخاصة الأطباء في مستشفيات النخبة في أبوجا ولاغوس، لمرضاهم الأغنياء بأنه لا داعي للقلق؟"، من المؤكد أنهم سيجدون شخصًا فقيرًا مستعدا لبيعهم عضوه الذي يحتاجونه.
أعده للعربية: م.أ.م