تولي الملك سلمان الحكم.. بصيص أمل للإخوان المسلمين
٥ فبراير ٢٠١٥فتح تولي العاهل السعودي الجديد الملك سلمان دفة الحكم في المملكة الباب لبصيص من الأمل بين أعضاء جماعة الإخوان المسلمين المصريين الذين يقيمون في قطر، في أن تكون رياح السياسة في الشرق الأوسط، بدأت تتحول لصالحهم مما قد يتيح للجماعة مساحة للتحرك. إذ يرى المراقبون أن الملك سلمان أكثر تعاطفاً مع أصحاب التيار الديني المحافظ من سلفه الملك الراحل عبد الله، كما أن هناك شواهد على أنه أقل عداء للجماعة. بيد أن محللين ودبلوماسيين في الرياض يقولون إن أي تغيير في السياسة السعودية تجاه الإخوان سيكون على الأرجح عند أدنى حد ممكن.
ويبدو أن أعضاء الإخوان في الدوحة بدأوا بالفعل يختبرون مدى استعداد الملك سلمان وفريقه الأمني للتساهل إزاء تجديد نشاط الجماعة هناك بعد أن مارست الرياض ضغوطاً على قطر. في هذا السياق يقول عضو مصري بجماعة الإخوان يعيش في قطر، طلب عدم نشر اسمه: "هناك شعور متنام بالأمل الآن فالأمور تتغير من حولنا مع وصول قيادات جديدة للسلطة وحان الوقت كي يكون لنا صوت من جديد ونوضح للعالم من نحن فعلاً".
تحد لمبدأ نظام الأسر الحاكمة
وجماعة الإخوان هي أكثر الجماعات الإسلامية في العالم نفوذاً، وترى فيها بعض دول الخليج خطراً عليها لأنها تتحدى مبدأ نظام الأسر الحاكمة غير أن قطر فتحت بابها لبعض أعضائها البارزين. وقادت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة معارضة الدعم القطري للجماعة وجادلتا بأنها تمثل خطراً على الاستقرار الإقليمي من خلال أنشطتها في مصر ودول عربية أخرى.
أما الدوحة فتعتبر أن من المستحيل إزالة الجماعة من المشهد السياسي العربي وتعتقد أن نفوذها واسع لدرجة تحتم ضرورة العمل معها بدلاً من محاولة القضاء عليها. وكان هذا الرأي سبباً في خلاف مرير بين دول الخليج العربية العام الماضي سحبت فيه السعودية والإمارات والبحرين سفراءها من الدوحة ولم تعِدهم إليها إلا بعد أن أعلنت قطر أنها لن تسمح للإخوان بالقيام بأي أنشطة على أراضيها.
وقال مصطفى العاني الخبير في شؤون الأمن والارهاب، وتربطه صلات بوزارة الداخلية السعودية: "أعتقد أن الموقف العام قد يكون أكثر استرخاء. فمن حيث السياسة العملية لا أعتقد أن السعوديين سيلقون بثقلهم وراء حملة تضييق أو اتخاذ إجراءات".
اتهامات بالإرهاب
وقد يكون لأي تحول في سياسة الرياض تجاه الإخوان سواء في قطر أو في غيرها تأثيرات على علاقات المملكة مع مصر التي يعتبرها الملك سلمان حليفاً أساسياً في مجال الأمن مثلما كان سلفه الملك عبد الله يراها. فقد أيد الملك عبد الله بقوة الجيش المصري عندما عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي الذي فاز في أول انتخابات رئاسية تجري في البلاد بعد انتفاضات "الربيع العربي".
كما منح العاهل الراحل تأييداً كاملاً لقائد الجيش المصري السابق عبد الفتاح السيسي الذي أصبح فيما بعد رئيساً للبلاد في حملة شديدة الصرامة شنها على جماعة الإخوان في موقف بدا أنه لا يحظى بتأييد شعبي داخل المملكة. وقد أصدرت محاكم مصرية أحكاما بالإعدام على مئات من أنصار جماعة الإخوان منذ انتخاب السيسي رئيساً للبلاد العام الماضي.
وكذلك أعلن الملك عبد الله الإخوان جماعة غير قانونية قبل عام وأضافها إلى قائمة الجماعات الإرهابية وفرض أحكاماً بالسجن لفترات من خمس سنوات إلى 30 سنة لمن يمنح الجماعة تأييداً مادياً أو معنوياً.
وقال دبلوماسي عربي في الرياض: "لا أعتقد أن سلمان سيرهن العلاقات مع قطر بقضية الإخوان المسلمين غير أنني لا أعتقد أيضا أنه سيغير السياسة السعودية تجاه الإخوان داخل المملكة أو في مصر". ولم يوضح الملك سلمان حتى الآن الأولويات الرئيسية لسياساته الخارجية غير أنه، وفي تعديل أجراه الأسبوع الماضي، أنشأ لجنة عليا جديدة للقضايا الأمنية والسياسية يرأسها وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف.
في هذا السياق يقول العاني: "الأمير محمد يرى الإخوان خطراً على المنطقة كلها لكنه ليس خطراً وشيكاً أو كبيراً. فهو لا يمثل أولوية بالمقارنة مع قضايا إيران وتهديدات تنظيم 'الدولة الإسلامية' أو يسهل على الأقل التعامل معه."
حالة القرضاوي
وجاء أحد المؤشرات على أن أعضاء الإخوان المسلمين في قطر ربما يشعرون أنهم تحت ضغوط أقل من الشيخ يوسف القرضاوي المصري المولد الذي يعيش في قطر وتربطه صلات وثيقة بالجماعة. وكان القرضاوي قد توقف عن إلقاء خطبه النارية في صلاة الجمعةعندما ضغطت السعودية والإمارات على قطر العام الماضي، غير أنه بعد يومين من وفاة الملك عبد الله يوم 23 يناير/ كانون الثاني عاد لمهاجمة "حكم السيسي الظالم" في مقطع فيديو ووصف مرسي بأنه رئيس مصر الشرعي.
وقال محلل سياسي قطري طلب عدم نشر اسمه لحساسية الموضوع إنه "ليس على الملك الجديد أن يرفع الإخوان من قائمة الإرهاب لكن بوسعه أن يختار تجاهل القرار الذي اتخذ فقط لإرضاء القيادة المصرية". ويبدو أن الأسرة الحاكمة في قطر تأمل في أن ينحاز العاهل السعودي الجديد للدوحة بدلاً من الإمارات ومصر.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصدر قطري وثيق الصلة بالحكومة قوله: "على النقيض من مصر والإمارات تتفهم القيادة السعودية أنه لا يمكنك عزل الإخوان. فالإيديولوجية لا يمكن إزالتها بالقوة. ولهذا من المهم التواصل".
من جانبه يقول علي حسين بكير، المحلل المستقل في منطقة الخليج، إن التحديات التي يواجهها الملك سلمان في الخارج وتتمثل في احتواء العنف في اليمن وسوريا ومحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" تعني أن قطر قد تصبح حليفاً مفيداً للسعودية من خلال علاقاتها الوثيقة بالإسلاميين.
وأضاف قائلا: "لا أعتقد - تحت حكم الملك سلمان- أن قطر ستقع في خلاف مع السعودية مرة أخرى خاصة الآن، لأن قطر شريك سياسي مفيد في المنطقة". وقد أبدت الدوحة حسن النية للمساعدة في إنهاء خلافها مع دول الخليج وكان من بين الخطوات في هذا المجال الضغط على سبعة من كبار الشخصيات في جماعة الإخوان المسلمين لمغادرة قطر في سبتمبر/ أيلول الماضي وإنهاء بث قناة الجزيرة مباشر مصر.
ع.غ/ م.س (د ب أ، وكالات)