1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل تضمن آلية دولة القانون الأوروبية حماية الديمقراطية؟

٤ فبراير ٢٠٢١

منذ سنوات يدور نقاش في الاتحاد الأوروبي حول كيفية وقف التطورات المناهضة للديمقراطية في الدول الأعضاء. فهل آلية دولة القانون الجديدة وسيلة ناجعة ومناسبة لضمان ذلك؟

https://p.dw.com/p/3opnI
مظاهرة ضد التوجه المناهض للديمقراطية في مدينة كراكاو البولندية 21.01.2018
استمرار التوجه المناهض للديمقراطية في بولندا دفع كثيرين للمشاركة في مظاهرات احتجاجية ضد الحكومةصورة من: picture-alliance/ZUMA Wire/SOPA/O. Marques

طوال شهور أثار ما يُسمى آلية دولة القانون للاتحاد الأوروبي النقاش والجدل لدى الرأي العام الأوروبي، وخلاف الفيتو مع بولندا والمجر سبب أزمة داخل الاتحاد الأوروبي. وبعد جدل حاد دخلت آلية دولة القانون حيز التنفيذ مطلع هذا العام. ويراد من خلال هذه الآلية تغيير كل شيء داخل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لضمان الشفافية والديمقراطية ودولة القانون. وهذه القاعدة من شأنها تمكين الاتحاد الأوروبي من معاقبة دول أعضاء إذا ما ابتعدت عن القيم الأساسية للاتحاد الأوروبي ومبادئ دولة القانون. ويدور جدل حاد منذ عقد من الزمن حول هذا النوع من إمكانيات المعاقبة داخل الاتحاد الأوروبي. وقد تجلى هذا التوجه أولا في عملية إعادة البناء غير الديمقراطية التي أطلقها رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان عام 2010 وفي عام 2015 جاءت سياسة حزب "القانون والعدالة" الذي يقود الحكومة البولندية في هذا الاتجاه أيضا. وكلا البلدين يدعوهما الاتحاد الأوروبي ومنذ سنوات للالتزام بمبادئ دولة القانون بدون جدوى، لأن إمكانيات العقاب إلى حد الآن فشلت جميعها.

من دولة القانون إلى آلية مكافحة الفساد

رئيس الحكومة الهنغارية فيكتور أوربان
رئيس الحكومة الهنغارية فيكتور أوربان يدفع ومنذ سنوات إعاة البناء غير الديمقراطي في البلاد إلى الأمام صورة من: John Thys/AP Photo/picture alliance

وآلية دولة القانون من شأنها وضع حد لهذا الأمر، لكن هل بمقدورها فعلا تحقيق ذلك؟ وهل هي ذات فاعلية قانونية بعد دخولها حيز التنفيذ مطلع هذا العام وهل يمكن تطبيقها؟ وهذا هو موقف المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي.لكن بولندا والمجر تتمسكان بأن تقوم المحكمة الأوروبية العليا بالتحقق من الآلية وتطبيقها بعد صدور حكمها. وهذا قد يطول لمدة سنة أو اثنتين. والقاعدة التي دخلت الآن حيز التنفيذ جاءت بمبادرة من البرلمان الأوروبي عام 2018. وفي الأصل كان الكثير من البرلمانيين يفكرون في آلية أوسع تمكن من معاقبة العديد من الخرقات لمبادئ دولة القانون في الاتحاد الأوروبي. لكن في يوليو/ تموز 2020 توصل البرلمان والمفوضية والدول الأعضاء إلى حل وسط: الآلية تم اختصارها في إطار الخروقات المتصلة بالأموال الأوروبية.

ويرى خبراء كثيرون أنه ومن خلال ذلك، قد تم تحويل الأمر من آلية لدولة القانون إلى آلية لمكافحة الفساد، و"للأسف هذا هو الواقع"، يقول خبير القانون الدستوري المجري المعروف غابور هاالماي، الأستاذ بجامعة فلورنسا، ويضيف لـ DW "وحقيقة أن يبقى الاتحاد الأوروبي عاجزا، في حالة المجر ومنذ عشر سنوات وفي حالة بولندا منذ خمس سنوات، عن معاقبة خروقات جسيمة لمبادئ دولة القانون، لا تتغير مع الآلية الجديدة". وحتى نائبة رئيس البرلمان الأوروبي، السياسية الألمانية كاتارينا بارلي غير سعيدة بحل الوسط هذا، وعبرت عن ذلك لـ DW بقولها "للأسف يجب القول بأن حكومتي بولندا وهنغاريا نجحتا في الانتقاص من الآلية".

مظاهرة احتجاجية في بودابست 24.07.2020 ضد تأثير حكومة أوربان على الإعلام
الحد من حرية الإعلام وتأثير حكومة أوربان على الإعلام دفع الآلاف للاحتجاج ضد الحكومة الهنغاريةصورة من: DW/F. Schlagwein

وإلى جانب العراقيل التي وضعها معارضو الآلية هناك أيضا مبدأ "الغالبية المؤهلة" أي يجب أن تكون موافقة غالبية معينة في المجلس الأوروبي، الذي يتكون من رؤساء دول وحكومات أعضاء الاتحاد الأوروبي، على فرض عقوبات على أحد الأعضاء. وعمليا هذه الأغلبية تعني موافقة 15 عضوا من أصل 27 دولة وتمثل 65 في المائة على الأقل من مجموع سكان الاتحاد الأوروبي. وفي الأصل كان العكس مبرمجا وهو أن يتم وقف العقوبات بغالبية المجلس فقط. وكاتارينا بارلي تفيد أنه لا يمكن تقليص الآلية لتشمل قضايا مكافحة الفساد فقط، بل يمكن تطبيقها على نحو أوسع.

تحقيق من قبل المحكمة الأوروبية العليا

وبما أن حق المبادرة للإجراءات العقابية يكون في يد المفوضية الأوروبية فقط، فإن الكثير يبقى رهنا بإرادتها السياسية، كما تفيد بارلي. وفي هذه النقطة تبقى متشككة، إذ إلى حد الآن ظلت المفوضية متحفظة تجاه بولندا وهنغاريا.

وشعرت بارلي بثقة في موقفها المتشكك حين لم تعارض المفوضية الأوروبية في ديسمبر/ كانون الأول إعلان زعماء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي الذي يوصي بالتحقق من الآلية من جانب المحكمة الأوروبية العليا تطبيقها بطلب من الدول الاعضاء. وهذه الإمكانية تريد بولندا وهنغاريا استغلالها.

كاتارينا بارلي نائبة رئيس البرلمان الأوروبي وزعمية كتلة الاشتراكيين
كاتارينا بارلي: آلية دولة القانون لا يمكن اختصارها على مكافحة الفسادصورة من: Getty Images/AFP/I. Fassbender

خيبة أمل الحقوقيين

وتنفي متحدثة باسم المفوضية الأوروبية في ردها على سؤال لـ DW صحة عدم إمكانية تطبيق آلية دولة القانون إلا بعد التحقق منها من قبل المحكمة الأوروبية العليا، وتقول إن "المفوضية تعكف على وضع ترتيبات لتطبيق القاعدة"، وتضيف أن "القاعدة ستُطبق ابتداء من يناير/ كانون الثاني 2021 ولا يحصل فقدان (إهمال) أي حالة".

وبغض النظر عن هذا يعبر خبراء وحقوقيون منذ الآن عن خيبة أملهم. فالآلية "خطوة إلى الأمام"، كما تقول مارتا باردافي، الرئيسة المشتركة للجنة هلسنكي المجرية، إحدى أهم المنظمات الحقوقية في هنغاريا. "لكن القاعدة تبقى وسيلة غير مرحب بها لحماية دولة القانون. ونتيجة الجدل الطويل لا يمكن لأحد أن يكون مسرورا بها".

وموقف أشد انتقادا جاء من خبير القانون الدستوري غابور هالماي، الذي أوضح أن الخاسرين الكبار في الجدل حول آلية دولة القانون هم الذين كانوا يأملون في وقف إجراءات القضاء على الديمقراطية ودولة القانون في بولندا وهنغاريا بمساعدة الاتحاد الأوروبي، ويقول "يجب عليهم الآن الاعتراف بأنه لا يمكن أن يعولوا على مساعدة بروكسل".

كينو فيرزيك/ م.أ.م