1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مدى مصر ـ آخر موقع إعلامي مصري مستقل في خطر!

٢٦ نوفمبر ٢٠١٩

تحركت السلطات الأمنية في مصر وزادت ضغطها على "مدى مصر" آخر وسيلة إعلامية مستقلة تعمل باحترافية وتنتقد الحكومة. العمل الصحافي أصبح أكثر خطورة والعداء للصحافيين يزداد، كما يقول المحرر في الموقع، شريف قدوس، في حوار مع DW.

https://p.dw.com/p/3Tll5
الصورة من مظاهرة للصحافيين في مصر بالقاهرة عام 2016
بات الخطر يهدد "مدى مصر" آخر موقع إعلامي مصري مستقل يعمل بمهنية صورة من: picture-alliance/ZUMAPRESS.com/A. Sayed

منذ عام 2013 يقوم الموقع الإخباري "مدى مصر" بتغطية الإعلامية بأسلوب ناقد للموضوعات السياسية والاجتماعية في مصر ومنطقة الشرق الأوسط، باللغتين العربية والانجليزية. ويعد آخر وسيلة إعلامية مستقلة تعمل باحترافية في مصر وتمثل منذ مدة شوكة في عين حكومة السيسي.

ومنذ مايو/ أيار 2017 لا يمكن الدخول إلى موقع مدى مصر من داخل البلاد. وقبل يومين قامت السلطات المصرية بمداهمة مكاتب الموقع، واعتقال رئيسة التحرير لينا عطالله والمحررين محمد حمامة ورانة ممدوح. وقبلها بيوم تم اعتقال الصحافي المعروف في مدى مصر، شادي زلط في بيته وأخذه إلى مركز الشرطة دون ذكر الأسباب، لكن فيما بعد تم إطلاق سراح المعتقلين الأربعة جميعهم.

ولا يعرف سبب اعتقال هؤلاء، لكن بعض المراقبين يعتقدون أن مقالا في مدى مصر حول ابن الرئيس عبد الفتاح السيسي هو سبب الاعتقالات والمداهمة. وحسب تحريات مدى مصر فإن محمود السيسي سيُنقل من منصبه في المخابرات المصرية إلى السفارة في موسكو. وكسبب للانتقال إلى موسكو، من دون أن يسمي الموقع مصادره، فإنه أشار إلى أن محمود السيسي خلال موجة احتجاج قصيرة لم يكن متحكما في الوضع تماما، وهذا أضر بسمعة والده. ومنذ الصيف تم إبعاد أمريكي يعمل لحساب مدى مصر خارج البلاد. أما وزارة الخارجية الألمانية فتعتبر الاعتقال المؤقت ومداهمة مكاتب التحرير "تدهورا مقلقا إضافيا لحرية الصحافة في مصر"، ولا يوجد لهذا التحرك أي مبرر واضح. وخرجت الحكومة في القاهرة عن صمتها وعللت تحركها بالقول إن تنظيم الإخوان المسلمين المحظور يستخدم الموقع لنشر معلومات زائفة. وشرف عبد القدوس يعمل منذ سنة ونصف كمحرر لدى مدى مصر وعايش المداهمة وكذلك اعتقال زملائه.

شريف عبد القدوس محرر في مدى مصر
شريف عبد القدوس محرر في مدى مصر: التضامن العالمي الواسع معنا كان له تأثير كبيرصورة من: privat

DW: السيد عبد القدوس أنت محرر لدى مدى مصر وكنت حاضرا وقت المداهمة. ماذا حصل بالضبط؟

شرف عبد القدوس: في حوالي الواحدة والنصف بالتوقيت المحلي دخل تسعة من رجال الأمن بالزي المدني إلى مكاتبنا. وانتشروا بسرعة في الغرف وكانوا عنيفين في سلوكهم وصادروا فورا الهواتف والكومبيوترات النقالة للعاملين الـ 16 الحاضرين. وعندما سألناهم عن هويتهم رفضوا الرد وكانوا غاضبين. وهذا التحرك كان مخيفا. ودفعوا بنا جميعا إلى حجرة واحدة وأمرونا بالوقوف أمام الجدار وعدم التحدث إلى بعضنا البعض. ثم دعونا متفرقين كي يتعرف كل واحد منا على هاتفه والكومبيوتر المحمول والكشف عن كلمة السر. وتم تفتيش بعض الهواتف ودونوا بعض المعلومات وحولونا بعدها جميعا إلى غرفة الأخبار. وطوال ثلاث ساعات خضعت رئيسة التحرير لينا عطالله للتحقيق من قبل رجال أمن مختلفين وكذلك المحرر محمد حمامة وصحفي أمريكي وبريطاني وفرنسيان. والصحفيان من France 24 قدما لإجراء مقابلة مع لينا عطالله. وفي حوالي الساعة الرابعة والنصف أخذوا لينا عطالله ومحمد حمامة ورانة ممدوح معهم. كانت لحظة مثيرة، كنا واقفين هناك ونشاهد كيف يتم اقتيادهم دون معرفة ما الذي سيحصل معهم.

المراسل شادي زلط ألقي القبض عليه قبلها بيوم ـ ولا أحد يعرف لماذا. هل تعرف لماذا اعتقل هؤلاء الصحافيون الثلاثة الآخرون؟

لينا عطالله هي رئيسة التحرير وشاركت في تأسيس مدى مصر. وقالت باستمرار للموظفين إنها تتحمل المسؤولية، وبالتالي واضح لماذا وقع عليها الاختيار. وفيما يخص الاثنين المتبقيين لا يمكن لنا إلا التكهن. كلاهما يكتبان في الغالب نصوصا منتقدة وقد يكون هذا هو السبب. تم نقلهم أولا إلى مركز شرطة وتم تكبيل أياديهم ونقلهم بعدها إلى ضاحية القاهرة لنقلهم مجددا إلى مركز شرطة قريب من قسم التحرير. وبعدها بقليل كان بإمكانهم الانصراف. وزميلنا شادي زلط أخبر بعدها بقليل محامينا بأنه هو الآخر أُطلق سراحه. وكنا مرتاحين لعدم احتجاز أحد أو سجنه.

اعتقال زلط يأتي ضمن أكبر موجة اعتقالات منذ أن استلم الرئيس عبد الفتاح السيسي منصبه عام 2014، كما جاء في أحد مقالاتك. ونحو 4000 من النشطاء والأساتذة والمحامين والصحفيين والمعارضين المعروفين تعرضوا للاعتقال منذ الاحتجاجات المناهضة للحكومة في 20 سبتمبر/ أيلول، وقد اعتمد موقع مدى مصر في ذلك على معلومات منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان. هل كنت تتوقع مع زملائك الآخرين أن يحصل هذا الأمر؟

الأجواء التي نعمل فيها باتت منذ الـ 20 من سبتمبر/ أيلول بالفعل أكثر عدوانية. فمنذ هذه الاعتقالات أصبح جليا بالنسبة إلينا أن دورنا قادم. قمنا بنشر نصوص دون معرفة أنه ستكون لها عواقب، لم نكن نعلم بأن مكاتبنا ستخضع للتفتيش. وبعض زملائنا كانوا قلقين. ولم نكن نعلم في الشهور الأخيرة بأننا سنستيقظ مرة أخرى في بيوتنا. في مثل هذه الأجواء نحن نشتغل. ونحن لا نعرف لماذا حصل هذا كله، لكنه جزء من الأجواء العدوانية التي نعيشها.

مدى مصر، موقع موجود منذ عام 2013 لكنه محجوب في مصر منذ مايو/ أيار 2017. لماذا تعتقد أن الحكومة في هذه الفترة بالذات وجهت سهامها بقوة إلى مدى مصر؟

لا نعرف لماذا تركونا رغم حجب الموقع نواصل العمل. لقد قاموا ببعض الأعمال لمنع ظهورنا. وزميل أمريكي مُنع الصيف الماضي من السفر إلينا. مدى مصر هي القلعة الأخيرة لصحافة جيدة ومنتقدة ومهنية في مصر. ونحن لنا صدى حتى على المستوى الدولي. وقد يكون هذا هو سبب عدم تعرضنا للتفتيش من قبل، لأن الحكومة بذلك ستخاطر سياسيا ببعض الأمور. هيئات التحرير المحلية والدولية بذلت الجهد لكي يتم إطلاق سراح زملائنا.

لينا عطالله رئيسة تحرير موقع مدى مصر
لينا عطالله رئيسة تحرير مدى مصر كانت من بين صحافيي الموقع الذين تم اعتقالهم وأطلق سراحهم فيما بعدصورة من: Courtesy of IJF Perugia

تعتقد أن الضغط الخارجي كان له تأثير على تغيير موقف حكومة السيسي؟

كل صحيفة معروفة في الخارج قامت بتغطية خبر المداهمة والاعتقالات، وحتى المفوضية الأوروبية أصدرت بيانا. وقد يثير ذلك موجة سياسية من الغضب لو اعتقلوا شخصا مثل لينا عطالله. الحكومة ربما لم تشأ المغامرة. أعتقد أن لحظة التضامن في جميع أنحاء العالم كان لها تأثير كبير جدا، بحيث أنه تم إطلاق سراح جميع الصحفيين.

ماذا تعني هذه الأحداث بالنسبة إلى مستقبل موقع مدى مصر والصحفيين العاملين فيه؟

هذه الحادثة بدون شك كانت تصعيدا لا مثيل له على مدى مصر. لكننا سنواصل عملنا ـ وهذا التضامن يقوي موقفنا حتى لو أننا لا نعرف ماذا يخفيه المستقبل. نحن مجموعة من الأشخاص الذين يتعاونون ويجب أن يقرروا كيف سيعملون في المستقبل. لكننا لن نتوقف بالتأكيد.

وماذا يعنيه هذا الحدث بالنسبة إلى حرية الصحافة في مصر؟

الكثير من المنظمات وثّقت بأن مصر واحدة من أخطر البلدان بالنسبة للصحفيين. وليس هناك بلد آخر يوجد فيه هذا العدد من الصحفيين المعتقلين. إن أجواء العمل صعبة جدا للصحفيين. الصحافة تخضع لمراقبة الحكومة التي تملك في الأثناء حيزا كبيرا من وسائل الإعلام. لقد اشتروا صحفا ومحطات تلفزيونية، وعندما نقوم أحيانا بالمقارنة بين الصحف، فإنه يكون لديها نفس الافتتاحية. ووسيلة إعلام مثل مدى مصر في هذا المحيط تكون مهمة، لأنها من بين وسائل الإعلام الأخيرة التي تعمل باحترافية.

أجرت المقابلة ديانا هودالي