1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

عماد الدين حسين: الإخوان..من فاروق وناصر إلى السادات ومبارك

٢٥ أغسطس ٢٠١٦

في مقاله يتساءل عماد الدين حسين عما إذا كان البحث في علاقة جماعة الإخوان المصرية -المحظورة والإرهابية رسميا- مع أنظمة الحكم المختلفة منذ الملكية وحتى مبارك، يمكن ان يقدم أي اشارات لمستقبل وطبيعة علاقتها مع النظام القائم.

https://p.dw.com/p/1JoHa
Kolumnisten Emad El-Din Hussein

الجماعة تكونت رسميا عام 1928فى مدينة الإسماعيلية على يد مدرس يدعى حسن البنا صار هو المؤسس والمرشد الأول لها. وخصوم الجماعة يقولون إن سلطات الاحتلال البريطاني ساهمت فى تأسيس الجماعة لضرب الحركة الوطنية، التي كان يقودها حزب الوفد، كما كانت علاقة الجماعة مع ملك البلاد وقتها فاروق الأول جيدة للغاية.

وفى 28 ديسمبر كانون أول عام 1948اغتال أحد أعضاء الجماعة رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي، فردت الحكومة بقتل المرشد حسن البنا، في 12 فيبراير/ شباط 1949وكان ذلك هو الصدام الأول والأكبر بين الجماعة والدولة، وأول إشارة ذات مغزى إلى أن الجماعة لديها ما يعرف بـ"النظام الخاص" أو الميليشيا غير الخاضعة لأي محاسبة لائحية من داخل الجماعة.

جمال عبد الناصر قائد ثورة 23 يوليو تموز 1952 حل كل الأحزاب السياسية فى 16يناير كانون ثاني 1953، وأبقى فقط على جماعة الإخوان، لكنه سرعان ما اصطدم معها فى بدايات عام 1954، بعد أن حاولت الجماعة اغتياله فى ميدان المنشية بالإسكندرية فى نفس العام، ثم حدث الصدام الثانى الكبير بينهما عام 1965 وانتهى بإعدام مفكر الجماعة القيادى المتشدد سيد قطب عام 1966.

توفي عبدالناصر في 28 سبتمر ايلول عام 1970، وانقلب السادات على معظم سياساته، فأخرج قادة جماعة الإخوان من السجن ليضرب بهم اليسار. يقول مراقبون إنه لولا إفراج السادات عن قادة الجماعة، فربما كانت قد انتهت عمليا، خصوصا أنه سمح لتنظيم "الجماعة الإسلامية" بضخ دماء جديدة فى شرايين الجماعة الأم التى ظن كثيرون أنها تيبست، لكن في 3 يوليو تموزعام 1977 قامت "جماعة التكفير والهجرة" بخطف ثم اغتيال وزير الأوقاف الأسبق الشيخ حسين الذهبي. ثم انقلب الإخوان على السادات، الذى زج بمعظم قادتهم فى السجن فى سبتمبر ــ ايلول 1981 ضمن أكثر من 1500 شخص من قادة الأحزاب والقوى السياسية المصرية، وبعدها بأيام تمكنت "الجماعة الإسلامية" من قتل السادات وسط احتفال عسكري فى 6 أكتوبر تشرين أول 1981 بمناسبة ذكرى الانتصار على إسرائيل.

جاء مبارك للحكم، واصطدم بـ"الجماعة الإسلامية" و"جماعة الجهاد"، حيث تمت محاكمة معظم قادتهم بتهمة قتل السادات، لكنه أفرج عن كل قادة "الإخوان" مرة ثانية ودخل معهم فى علاقة ملتبسة. فى بداية التسعينيات بدأت أجهزة أمن مبارك فى صدام دموي مع الجماعات المتطرفة خصوصا "الجماعة الإسلامية" و"الجهاد"، الذين لجأوا إلى عمليات إرهابية واسعة النطاق، واستهدفوا الكنائس والمناطق السياحية.

فى هذه الأثناء حصل اتفاق عرفي غير مكتوب بين مبارك والإخوان شعاره ألا يزاحم الإخوان مبارك على الحكم، مقابل أن يتركهم يتوسعون في المجتمع المدني. و مع انشغال النظام بالمعركة ضد المتطرفين، قدمت جماعة الإخوان ــ التي كانت محظورة رسميا ــ نفسها باعتبارها رمزا للإسلام المعتدل، وبسطت سيطرتها على مفاصل مهمة فى المجتمع من نقابات وهيئات ومؤسسات وأندية رياضية، وكان الاخطر هو تقديم مساعدات إنسانية وغذائية وطبية إلى العديد من الفقراء عبر شبكة واسعة من الجمعيات والمؤسسات الأهلية.

هؤلاء الذين استفادوا من خدمات الجماعة ردوا لها الجميل بأصواتهم فى الانتخابات المختلفة خصوصا انتخابات مجلس الشعب عام 2005، حيث حصلت الجماعة على 88 مقعدا يمثلون خمس مقاعد المجلس، بتوافق تام مع النظام ضمن الاتفاق غير المكتوب بينهما، والذى ظل يعمل بكفاءة حتى ثورة يناير.

حينما دعا الشباب غير المعروفين للجميع إلى مظاهرات 25 يناير 2011، سخرت منهم معظم الأحزاب السياسية، واعتبرتها دعوات مجهولة، فى حين لجأت جماعة الإخوان إلى حيلتها المعروفة وهي "التقية"، لم تدعو أعضاءها للنزول أو عدم النزول.

حينما امتلأ ميدان التحرير مرة أخرى وانكسرت الشرطة يوم 28 يناير، كشف الإخوان عن وجودهم الكثيف، لكن قادتهم كادوا يتفقون مع رئيس جهاز المخابرات العامة الأسبق عمر سليمان، ويغادروا الميدان يوم 10 فبراير شباط، مقابل إشهار جماعتهم، ودمجهم فى الحياة السياسية رسميا. لكن شباب الجماعة تمردوا على قياداتهم ورفضوا مغادرة الميدان، وبعد أن انحاز الجيش إلى المتظاهرين، تم خلع مبارك يوم الجمعة 11 فبراير، ومنذ هذا اليوم دخل المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم فى علاقة جدلية ملتبسة مع الجماعة.

منذ سقوط مبارك وحتى تسلم الإخوان السلطة بعد عام ونصف كان المشهد العام يقول الآتي: إن ما زرعه حسني مبارك طوال 30 عاما، حصده الإخوان أخيرا.

مبارك حاصر الأحزاب وجرف الحياة السياسية بالكامل، والنتيجة أن الإخوان والسلفيين حصدوا أكثر من ثلثي مقاعد مجلس الشعب والشورى فى الانتخابات النيابية التى جرت نهاية عام 2011.

واكتمل مشهد «تكويش» الإخوان على السلطة بفوز مرشحهم محمد مرسي بمنصب رئيس الجمهورية فى يونيه حزيران 2012.

قبل أن يتولى مرسي الرئاسة، حلت المحكمة الدستورية العليا مجلس الشعب. لكن لم يتصور أحد أن يكون الإخوان بهذه السذاجة السياسية، صحيح أنهم تعرضوا لتربص من قوى كثيرة، لكن ثبت للجميع بأنهم يحتاجون إلى وقت طويل حتى يكونوا قادرين على المشاركة الجادة والفاعلة فى العملية السياسية. خلال عام حكمهم أقصوا كل شركاء الثورة بمن فيهم حلفاءهم السلفيين، أصدروا إعلانا دستوريا أمم الحياة السياسية تماما. واجهوا المظاهرات السلمية أمام قصر الاتحادية في ديسمبر 2012 بالرصاص، وهددوا الإعلام، وحاصروا المحكمة الدستورية.

ثار الشعب ضدهم فى 30 يونيو 2013 وخرج بالملايين إلى الشوارع مطالبا فقط بانتخابات رئاسية مبكرة، فرفضوا، وحتى يوم 3 يوليو، كان أمامهم فرصة ذهبية ليكونوا جزءا من المشهد السياسي، لكنهم أصروا على المعادلة الصفرية، وتحدوا الجميع واعتصموا فى ميداني رابعة العدوية والنهضة، وحينما تم فض الاعتصام بالقوة فى 14 أغسطس 2013، كان الدم هو اللون الوحيد فى العلاقة بينهم وبين السلطة الجديدة وغالبية فئات المجتمع.

بعد كل هذا التاريخ يظل السؤال الجوهري قائما: ما هو مستقبل جماعة الإخوان فى مصر فى الفترة المقبلة؟!.

سؤال يستحق المتابعة.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد