هل تقدم الكتب وصفة جاهزة للسعادة الأبدية؟
٣١ أغسطس ٢٠٠٩قد يقضي الإنسان حياته بأكملها بحثا عن السعادة. وقد تنتهي رحلة البحث الطويلة هذه من دون أن يصل إليها، فلا توجد هناك طريقة جاهزة أو مسلك واضح لبلوغ السعادة، إذ أن الطرق متنوعة ومختلفة باختلاف التجارب التي يواجهها الإنسان في حياته. ومن يبحث عن "وصفات" السعادة الجاهزة في الكتب يجد كماً هائلاً من المؤلفات، التي تتحدث عن السعادة وكيفية الوصول إليها عبر وصفات تعد بتحقيق الغرض المطلوب. ومن الملفت للنظر أن مكتبات اليوم لم تعد تخلو من مثل هذه المؤلفات، بدءا بتلك التي تعود إلى فلاسفة كبار بحجم سنيكا وكانط وشوبنهاور، وصولا إلى كتب الجيب، التي تصنف ضمن ما بات يعرف "بدليل السعادة"، مثل كتاب "كيف تصبح سعيداً مثل قطتك" أو "بوابة السعادة الكاملة" وغيرها من المؤلفات.
اختلفت الكتب والهدف واحد
إذا ينهمر سيل من الكتب التي تتناول ماهية السعادة وسبل إليها، على القارئ، الذي بات يقف حائراً أمام رفوف المكتبات، لا يعرف أي كتاب يختاره، يكون الأصلح أو الأسرع أو الأنجع لمساعدته لكي يصبح سعيداً. ولا توجد هناك دور نشر لم تدرج كتب "دليل السعادة" ضمن برنامجها الأساسي. أما أسعار الكتب، فهي ليست بالقليلة، فمن يرغب في السعادة عليه بطبيعة الحال دفع سعر يليق بالهدف المنشود.
وللإجابة على السؤال الجوهري، كيف الوصول إلى السعادة؟ تستمد هذه الكتب إجاباتها عادة من ظروف الحياة المختلفة. فهناك من يرى أن الزوج أو الزوجة المناسبة خير سبيل نحو السعادة، بينما يقول آخرون إن الحب والسفر الدائم والرقص والأكل الجيد وغير ذلك، تشكل مجتمعة مفتاح الحياة السعيدة.
سمكة السعادة
وأمام هذا الوابل من الكتب تحول مشهد البحث عن السعادة من مطلب إنساني طبيعي إلى مشهد مضحك. وهذا ما أراد المسرحي الألماني الساخر إيكارد فون هيرشهاوزن الإشارة إليه عندما نشر كتاباً يسخر فيه من هذا العرض الهائل من الكتب التي لا تحقق السعادة سوى لناشريها. ومن منطلق "داويها بالتي هي الداء"، عالج المسرحي والطبيب السابق فون هيرشهاوزن الظاهرة عبر الحديث عن طريق جديد نحو السعادة بشكل خاص وأن كتابه بعنوان "السعادة لا تأتي من تلقاء نفسها"، أي أنها بحاجة إلى من يجلبها ومن يستطيع ذلك ؟ إنها "سمكة السعادة"، وهي ليست بالسمكة الحقيقية وإنما سمكة من ورق على كل شخص منا رسمها وفق مزاجه الشخصي ووضعها على مكتبه، لأنها هي التي ستجعله سعيداً.
حياة مليئة بالتفاؤل
ويبقى من المؤكد أن مسيرة البحث عن السعادة ستتواصل طوال حياة الإنسان. وبالنسبة للكثير منا تشكل كتب "البحث عن السعادة" وسيلة للترفيه عن النفس والهروب من ضغوطات الحياة اليومية. لكن سيكون من الوهم إذا ما اعتقدنا أننا سنجد جواباً جاهزاً حول كيفية الوصول إلى السعادة. ولحسن الحظ أن هناك ناشر ينصح بالتفاؤل في الحياة عوض الإيمان بسوء الطالع، كما أنه يشدد على استقبال كل يوم جديد ببهجة. و هذه نصيحة لا تكلف شيئا لكنها قد تحقق السعادة المرجوة.
الكاتب: بيتر كولاكوفسكي/ وفاق بنكيران
مراجعة: عماد مبارك غانم