معركة الجنوب.. هل ينتصر الأسد على درعا بتفاهمات دولية؟
٢٧ يونيو ٢٠١٨لفترة طويلة كان سراً معلناً أن منطقة "خفض التصعيد" في الجنوب السوري ستكون العنوان التالي لتصعيد العمليات العسكرية لقوات النظام السوري بعد طي صفحة الغوطة ومحيط دمشق. الرهان لم يكن حول "متى" و"هل" ستبدأ المعركة؟ وإنما حول من سيشارك في المعركة، وحول الأثمنة المدفوعة لبدئها وحسمها، وأيضاً حول أمدها وتأثيرها على المشهد السياسي والعسكري في سوريا.
ضمن برنامج مسائية، الذي تقدمه DW عربية، أكد المحلل السياسي طوني أبي نجم على دور تفاهمات دولية حصلت قبل انطلاق المعركة. ومن أهم محطاتها، حسب أبي نجم، زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى موسكو، و"انسحاب القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها من حزب الله وغيره" مسافة 30 إلى 40 كيلومتراً بعيداً عن الحدود مع الجولان المحتل.
واعتبر أبي نجم أن "النظام السوري ينفذ الجزء المتعلق به من المخطط بين إسرائيل وروسيا، الذي تم بالاتفاق مع الولايات المتحدة"، فإلى أي درجة هناك تنسيق فعلي بين كل هذه الأطراف الدولية لإعادة إنتاج النظام السوري وإعادة فرض سيطرته على آخر معاقل المعارضة المسلحة في الجنوب السوري، وعلى مهد الاحتجاجات التي انطلقت ضده قبل أكثر من سبع سنوات؟
"لعبة معقدة وطويلة الأمد"
الملفت للنظر كان الصمت الأمريكي تجاه تصعيد عسكري بدأه النظام السوري في منطقة "خفض التوتر" التي تعهدت واشنطن بضمانها، وعلى الرغم من عدم صدور موقف أمريكي رسمي تجاه المعركة، إلا أن واشنطن "غضت النظر على ما يبدو عن معركة الجنوب" برأي الدكتور خطار أبو دياب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس.
وأضاف أبو دياب في حوار مع DW عربية أن هناك "لعبة معقدة وطويلة الأمد" في الجنوب السوري، ورجح أن الانسحاب الإيراني من المنطقة سيكون انسحاباً مؤقتاً، ستحاول بعده إيران العودة، ما سيدفع إسرائيل برأيه إلى معاودة ضرب المواقع الإيرانية داخل سوريا. رأي اتفقت معه مديرة مكتب بيروت لمؤسسة هاينرش بول، بينته شيلر، التي رأت في حوار لها معDW أن الحرب السورية لن تنتهي بمعركة الجنوب.
وإنما ستدخل طوراً جديداً، تسيطر عليه تحديات جديدة، وستساهم بشكل كبير في تفاقم الأزمة الإنسانية وانطلاق موجات نزوح جديدة داخل البلاد وأيضاً باتجاه الحدود السورية الأردنية، حسب توقعات بينته شيلر. أبو دياب وصل إلى أبعد من ذلك، وقال إن القوات الحكومية السورية، حالما تعتقد أنها أغلقت ملف الجنوب السوري، قد تتجه نحو الشمال باتجاه إدلب، لتدخل في معركة أكثر تعقيداً في إدلب، مما سيجدد الصراع في سوريا ويطيل أمده.
الانتصار العسكري لن يعني إعادة السيطرة على الأرض
على الرغم من أن الفصائل المسلحة في سوريا وصلت إلى الرمق الأخير، بحسب بينته شيلر، وعلى الرغم من أن جميع الأطراف الداعمة للمعارضة المسلحة تخلت عنها وتركتها لمصيرها، لتواجه تقدم قوات النظام السوري وإعادة سيطرته على معظم أرجاء البلاد، إلا أن الانتصار العسكري للنظام السوري لن يضمن له فرض السيطرة الفعلية على الأرض، حسب شيلر.
الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط ذكّرت بأنه في بعض المناطق التي استعادها النظام السوري مثل حلب الشرقية، تسيطر اليوم عصابات خارجة عن سيطرته، في ظل غياب أي وجود للقوات الروسية، التي تفضل التواجد في أماكن تعتبرها أكثر فائدة لها، مثل حلب الغربية، حسب شيلر.
مسألة هشاشة سيطرة النظام السوري على الأرض بعد كل الانتصارات العسكرية التي حققها، يعيدها خطار أبو دياب إلى اعتماد النظام السوري في تحقيق كل مكتسباته على الدعم الإيراني والدعم الروسي.
ففي ظل الخلافات المخيمة على العلاقات الروسية الإيرانية، بسبب المطالب الروسية بمغادرة إيران للأراضي السورية، وفي ظل استمرار إهمال الملف السوري من قبل الإدارة الأمريكية، يبقى، برأي خطار أبو دياب، مستقبل النظام السوري معلقاً على استمرار تحالف موسكو وطهران، وطبيعة التفاهمات الروسية الأمريكية حول المنطقة.
ميسون ملحم