أزمة لاجئين خانقة..بعثة أممية تبدأ زيارة تاريخية إلى كراباخ
١ أكتوبر ٢٠٢٣وصلت بعثة تابعة للأمم المتحدة إلى ناغورني كاراباخ، لتكون الأولى منذ ثلاثة عقود، وفق ما أعلنت باكو، بعدما غادر جميع السكان الأرمن تقريبا منذ استعادتأذربيجان السيطرة على الجيب الانفصالي. وأفاد ناطق باسم الرئاسة الأذربيجانية لوكالة فرانس برس بأن بعثة أممية وصلت الاقليم صباح اليوم الأحد (الأول من أكتوبر/ تشرين الأول) لتقييم الاحتياجات الإنسانية خصوصا.
وكان الانفصاليون الأرمن الذين سيطروا على ناغورني كاراباخ لمدة ثلاثة عقود، قد وافقوا الأسبوع الماضي على تسليم أسلحتهم وحل حكومتهم إثر هجوم خاطف شنته باكو. وبدد اتفاق السلطات الانفصالية في كراباخ حلم الأرمن الممتد منذ قرون بإعادة توحيد ما يقولون إنها أراضي أجدادهم المقسمة بين قوى إقليمية منذ العصور الوسطى.
في المجموع، أُفيد عن مقتل حوالى 600 شخص في أعقاب الهجوم العسكري. وأدت المعارك نفسها إلى مقتل نحو 200 جندي من كلّ جانب. وخصصت أرمينيا الأحد ليكون يوماً وطنياً للصلاة من أجل المنطقة.
هجوم علييف "ثأري" لهزيمة والده؟
وفي وقت مبكر من يوم 19 سبتمبر أيلول، أعطى رئيس أذربيجان إشارة البدء لهجوم عسكري خاطف في إطار خطة جرى الإعداد لها قبل أشهر بهدف إعادة ترسيم الخريطة الجيوسياسية والثأر لهزيمة مذلة مُني بها والده قبل نحو 30 عاما.
وكثيرا ما تحدث الرئيس إلهام علييف، الذي يتولى السلطة منذ عقدين وخاض حربا كسب فيها ميدانيا بالفعل، عن إعادة جيب كاراباخ الجبلي إلى السيطرة الكاملة لأذربيجان بعد أن انفصل سكانه الذين ينتمون لعرقية الأرمن عن حكم باكو في أوائل تسعينيات القرن الماضي.
وقال إلين سليمانوف، سفير أذربيجان لدى بريطانيا، لرويترز إن مجموعة من العوامل أقنعت علييف (61 عاما) بأن الوقت بات مناسبا. وذكر سليمانوف "يسلك التاريخ منعطفات ومنحنيات". وأردف "لم يكن بوسعنا فعل هذا سابقا وربما لن تكون فكرة سديدة أن نفعل ذلك لاحقا". وأضاف "صارت الظروف مواتية لأسباب معينة واغتنم الرئيس علييف الفرصة".
ومن بين هذه "الظروف" البارزة هي عدم قدرة روسيا أو الغرب أو أرمينيا على التدخل لحماية ناغورني كاراباخ أو عدم استعدادهم للقيام بذلك في الأساس. وذكرت أذربيجان أن الجيب الذي كان يتمتع بالحكم الذاتي كان لديه عشرة آلاف مقاتل تحت تصرفه، لكن جيش أذربيجان الذي يقدر خبراء غربيون قوامه بأكثر من 120 ألف جندي بدا كالعملاق مقارنة بمقاتلي الجيب.
نزوح جماعي وأزمة إنسانية
وبعد أربعة أيام من العملية، بدأ أرمن الاقليم البالغ عددهم 120 ألف نسمة ما تحول إلى نزوح جماعي بالسيارات صوب أرمينيا، قائلين إنهم يخشون الاضطهاد والتطهير العرقي على الرغم من تعهد أذربيجان بضمان سلامتهم. وقالت سلطات يريفان إن 98 ألف شخص فروا إلى أرمينيا بعد عشرة أيام من هجوم أذربيجان.
ومنذ سيطرة جيش أذربيجان على جيب ناغورني كاراباخ في هجوم خاطف الأسبوع الماضي، فر قرابة 90 بالمائة من سكان الإقليم الأرمن خوفا من القوة المسيطرة على الأرض. ولم تتردد أوفيليا هايرابتيان للحظة عندما تمكن ابنها من الوصول إلى قرية خاشماش مؤكدة أن حدود قره باغ مع أرمينيا فُتحت. وقالت "حملت مجوهراتي فقط. نساء وأطفال وكبار في السن، الجميع غادروا في أول مركبة وجدوها".
في البلدة الأرمنية على الطريق المؤدي إلى يريفان، أقامت السلطات مركز استقبال لتخفيف الازدحام في بلدة غوريس الحدودية. وقالت أوفيليا هايرابتيان "إنهم قساة القلب". وأضاف زوجها سبارتاك هاروتونيان "إنه تطهير عرقي". وأوضح "الأتراك يقولون إن بإمكاننا البقاء لكنهم دائما يكذبون. كيف يمكننا العيش معهم؟"
وقرعت أجراس الكنائس في جميع أنحاء البلاد، وترأس بطريرك الكنيسة الأرمنية كاريكين الثاني قداسًا في كاتدرائية إتشميادزين، كبرى كاتدرائيات البلاد، على بعد حوالى عشرين كيلومترا عن العاصمة يريفان.
وقالت السلطات الأرمينية إن 35 ألفاً يقيمون الآن في مراكز مؤقتة. وتجري أذربيجان الآن مع القادة الانفصاليين محادثات "إعادة ادماج" في الوقت الذي تحتجز فيه بعض المسؤولين في حكومتهم السابقة وقيادتهم العسكرية.
ع.أ.ج/ م س (د ب ا، رويتر، أ ف ب)