1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بعد تمرد فاغنر.. هل من تبعات على اقتصاد الحرب في روسيا؟

٦ يوليو ٢٠٢٣

بعد أقل من أسبوع على محاولة مجموعة فاغنر الانقلابية، تسود حالة من عدم اليقين في روسيا، بما في ذلك القلق بشأن تأثير ذلك على الاقتصاد. ويرى خبراء أنّ اقتصاد الحرب في روسيا يسير بخطى ثقيلة وأنّ الكثير يعتمد على أسعار النفط.

https://p.dw.com/p/4TLTT
بوتين يتوجه بأول خطاب للروس بعد تمرد فاغنر (26.06.2023).
هل بات حكم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على المحك بعد تمرد فاغنر؟صورة من: Uncredited/Russian Presidential Press Service/AP/dpa/picture alliance

لعدة ساعات مجنونة بدا حكم الرئيس فلاديمير بوتين  لروسيا وكأنه على حافة الهاوية الأسبوع الماضي مع تمرد مجموعة فاغنر الذي بلغ ذروته مع تحرك عناصرها صوب موسكو فيما بدأت الاستعدادات في العاصمة الروسية لصراع وشيك قبل أن يتمكن بوتين من إجهاض التمرد الذي لم يدم طويلا.

وبعد ثلاثة أيام من التمرد، أعلن رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو أن قائد فاغنر يفغيني بريغوجين  وصل إلى بلاده ما يضع نهاية لحالة من البلبلة وهو الأمر الذي قوبل بإشادة من بوتين الذي قال إن جيش بلاده منع "حربا أهلية".

ورغم ذلك، فقد أثار التمرد الكثير من التساؤلات حيال مدى قوة بوتين في السيطرة على البلاد الذي يحكم روسيا منذ أكثر من عقدين فيما كان الاقتصاد محل نقاش.

فمنذ بدء التوغل العسكري الروسي لأوكرانيا في فبراير/ شباط العام الماضي، كان الاقتصاد الروسي هدفا أساسيا لمجموعة من العقوبات الغربية.

ورغم ذلك، استمرت الدول الأوروبية في شراء النفط والغاز الروسيين طيلة معظم شهور العام الماضي فيما وجدت موسكو مشترين جدد لمصادر الطاقة مثل الصين والهند وهو ما أدى إلى تحقيق فائض تجاري روسي قياسي بلغ 227 مليار دولار (211 مليار يورو).

وقد ساعد ذلك بوتين في الحفاظ على تدفقات الموارد المالية إلى مختلف القطاعات ومجموعات المصالح الداعمة للحكومة الروسية.

درع ضد العقوبات الغربية

وفي ضوء ذلك، يقول كريس ويفر، الذي عمل كمستشار استثماري في موسكو خلال الـ 24 عاما الماضية، إن هذا السخاء ساعد في إخماد أي مشاعر معادية لبوتين.

هز تمرد فاغنر أركان حكم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
هز تمرد فاغنر أركان حكم الرئيس الروسي فلاديمير بوتينصورة من: Press service of "Concord"/REUTERS

وفي مقابلة مع DW، يضيف ويفر "لقد مكن هذا الحكومة (الروسية) من تحقيق الاستقرار الاقتصادي  ودعم مجالات مثل قطاع السيارات وهو ما يعد بالأمر الهام من الناحية السياسية بسبب أن هذه القطاعات توظف عددا كبيرا".

بدورها، ترى إلينا ريباكوفا، الباحثة في مركز الأبحاث الأوروبي "بروغل"، أن هناك صلة بين الوضع الاقتصادي وتمرد مجموعة فاغنر، مشيرة إلى هذا التمرد كان يتعلق بالوصول إلى الموارد المحدودة بشكل متزايد.

وتضيف بأنه "لو استمر ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات عالية، لكان بإمكان بوتين  أن يواصل بشكل مريح تقديم المساعدات لطباخه السابق (بريغوجين) وكذلك المضي قدما في توفير الموارد المالية لإنفاقها على الجوانب الاجتماعية. يعتمد الاقتصاد الروسي في الوقت الحالي بالكامل على ارتفاع أسعار السلع الأساسية."

ومازالت عائدات النفط تمثل الدرع الأساسي لموسكو ضد العقوبات حيث منحت الكرملين إمكانية الاستمرار في دعم العمليات العسكرية داخل الأراضي الأوكرانية مع تواصل الإنفاق الاجتماعي داخل البلاد.

وفي ذلك، يقول المحلل السياسي الروسي كيريل روجوف إن بوتين استخدم هذه الأرباح الاقتصادية لبقاء مجموعات وقطاعات داخل البلاد إلى جانبه.

ويضيف في مقابلة مع DW: "تكمن الأهمية في إعادة توزيع الدخل من خلال مشاريع البنية التحتية ومشاريع اقتصادية أخرى التي توظف الكثير من الروس ومن ثم خلق نشاط وزخم اقتصادي".

ضربة قاضية

ويعتقد روجوف، الذي يرأس مركز RE:Russia للأبحاث، أن أسعار النفط المرتفعة  من المرجح كانت من بين الدوافع الرئيسية وراء إقناع بوتين بغزو أوكرانيا، مضيفا أنه نجم عن انخفاض أسعار النفط حالة من عدم الاستقرار السياسي في روسيا.

ويقول روجوف "أعتقد أنه في حالة انخفاض أسعار النفط لمدة عامين، يمكننا أن نتوقع تدهورا حقيقيا في مستويات المعيشة وبعد ذلك احتمالية اندلاع احتجاجات".

ويشير روجوف إلى أنه في حالة حدوث ما وصفه بـ"صدمة خارجية"، فإن أسعار النفط  قد تنخفض بشكل كبير وهو ما "يمثل ضربة قاضية لحكم بوتين حيث سيؤدي إلى زعزعة استقرار رئاسته وإضعاف الإيمان القوي بين النخبة الروسية باستقرار حكم بوتين على المدى الطويل"

ويتفق كريس ويفر على أن عائدات النفط الشهرية لا تزال العامل الأكثر تأثيرا في عملية صنع القرار في روسيا، قائلا: "إذا انخفضت الأسعار، فإن بوتين لن يسمح لوزارة المالية بمواصلة استنفاد الاحتياطيات المالية بسبب أن هذا سوف يعرضها لمخاطر من الناحية الجيوسياسية".

قال بوتين قبل تمرد فاغنر إن روسيا ستشهد زيادة في إيرادات النفط والغاز
قال بوتين قبل تمرد فاغنر إن روسيا ستشهد زيادة في إيرادات النفط والغازصورة من: Gavriil Grigorov/Sputnik/Kremlin Pool Photo/AP/picture alliance

انخفاض أسعار النفط

يشار إلى أن عائدات النفط الشهرية قد انخفضت بشكل كبير مقارنة بالمعدلات المرتفعة القياسية إبان العام الماضي فيما اعترف وزير المالية الروسي الشهر المنصرم بأن العقوبات الغربية بدأت تلقى بظلالها على العائدات النفطية خاصة وأن العقوبات أجبرت روسيا  على بيع النفط بخصومات كبيرة لدول مثل الهند والصين.

وأشارت بيانات رسمية إلى أن عائدات الطاقة قد انخفضت بأكثر من 50٪ في الربع الأول من العام الجاري وهو ما اعتبره كريس ويفر بانه يمثل "مشكلة كبيرة للاقتصاد الروسي في الوقت الحالي إذ قد نشهد في سبتمبر / أيلول تعديل الميزانية لتقليل الإنفاق حيث لا يمكن أن يحدث أي خفض في تمويل الجيش لذلك ستكون البداية مع تقليل الإنفاق في الاقتصاد الأوسع."

وفي مؤتمر صحافي، قال وزير المالية الروسي إن الإيرادات غير النفطية "تسير على الطريق الصحيح" فيما تشير إيلينا ريباكوفا إلى أن الاقتصاد الروسي بات أقرب إلى "اقتصاد الحرب".

وتضيف قائلة: "يتم في الوقت الحالي تعزيز الإنفاق العسكري من خلال الإنفاق الصناعي فيما تعاني مجالات مثل الزراعة وتصنيع السيارات".

تغيير في السلطة

يقول ويفر إن المحادثات حول تغيير في السلطة بالكرملين  اتسمت بالعلانية في الوقت الحالي ولم تعد سرا كما كان الوضع قبل تمرد فاغنر، مستبعدا حدوث تغيير في السلطة جراء حدوث اضطرابات اقتصادية، لكنه شدد على أن بقاء بوتين في السلطة يعتمد على إسعاد النخبة.

ويتفق ويفر وريباكوفا وروجوف على أن انهيار أسعار النفط  سوف يتسبب في توجيه ضربات قاتلة لبوتين رغم أن ريباكوفا تشكك في احتمالية حدوث تغيير في النظام الروسي من تلقاء نفسه.

وتقول: "قيام دولة ديمقراطية ومستقرة في روسيا في مرحلة ما بعد بوتين يعد سيناريو منخفض الحدوث".

من جانبه يدعو ويفر كافة الأطراف المعنية بالشأن الروسي إلى ضرورة مراقبة عائدات النفط الشهرية، مضيفا "الأمر يعد بمثابة طائرة شراعية حيث تمثل عائدات النفط الجزء الهام في جسم الطائرة الذي إذا تعطل، فسوف تسقط".

 

آرثر سوليفان / م. ع